السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة جامعية في سنتي الثانية، وملتزمة بفضل الله. منذ مدة، أبدى أحد زملائي في الجامعة إعجابه بي، وطلب أن يتقدم لخطبتي بشكل رسمي.
لم يسبق أن تحدثت معه أو جمعتني به أي علاقة، لكنني كنت أبادله الإعجاب في قلبي، ورفضت طلبه في البداية احتراما لأهلي وخوفا من رفضهم، خصوصا أن والدي لا يقبل بفكرة الخطبة الطويلة، ويشترط أن يكون هناك استعداد فوري للزواج.
هذا الشاب أكد لي فيما بعد أنه لا يريد إلا الحلال، وأنه مستعد للتقدم رسميا، لكني بقيت مترددة، فأنا لا أريد أن أخسر ثقة والدي بي، ولا أن أتخذ قرارا قد يغضب ربي.
ومؤخرا: تقدم لخطبتي شخص آخر لا تربطني به أي مشاعر، لكنه على قدر من الدين والخلق، وأهلي موافقون عليه.
أنا الآن في حيرة كبيرة: هل أقبل بالشخص الذي تقدم لخطبتي برضا أهلي، أم أنتظر من تعلق قلبي به رغم أن لا تواصل بيننا، وأخشى أن لا يكتب له القبول من والدي؟
أرجو توجيهكم ونصيحتكم بما يعينني على اتخاذ القرار الصائب، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك –أيتها الأخت الكريمة– في موقعك استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك، وتسكن إليه نفسك.
لا شك –أيتها الكريمة– أنك لا تعلمين أين يكون الخير: في قبول أهلك بهذا الرجل زوجا لك، أم في رفضهم له؟ فهذا من الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى، وكم من فتاة قبلك كانت تتمنى الزواج بشخص أحبته وتعلقت به، فلما تحقق ذلك ندمت وتمنت لو لم يتم، والله سبحانه يقول: {وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [سورة البقرة: 216].
لذلك، فإننا نوصيك –إن كنت تريدين لنفسك السعادة– أن تتوجهي إلى الله تعالى بصدق، وتكثري من دعائه أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.
واعلمي أن طاعتك لله عز وجل وخوفك منه من أعظم أسباب التوفيق والرزق، وبلوغ ما تتمنين، وعلى العكس؛ فإن معصية الله من أعظم أسباب الحرمان؛ فقد قال النبي ﷺ: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].
فالوصية الأهم لك: راقبي الله تعالى في السر والعلن، واجتهدي في نيل رضاه؛ فإن رضاه عنك هو سر سعادتك في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى أن وجود علاقة بين امرأة ورجل أجنبي عنها، وما قد يصحب ذلك من لقاءات وأحاديث وخلوات، هو مما لا يرضي الله تعالى؛ فالواجب قطع هذه العلاقة طاعة لله، وحرصا على رضاه، وكوني على يقين بأنك لن تتركي شيئا لله إلا عوضك الله خيرا منه، وهذا وعد الله لعباده المؤمنين.
أما إن كان هذا الرجل جادا في خطبتك، وكان مرضيا في دينه وخلقه، فلا حرج من أن يقدم على طلب يدك رسميا، ويمكنك مصارحة والدتك برغبتك فيه، والاستعانة بالله أولا، ثم بمن يعينك على إقناع والدك إن لزم الأمر، فإن كان الله قد قدر أن يكون زوجا لك، فسييسر الأمر، وإن لم يكن ذلك مقدرا، فاصرفي قلبك عنه، ولا تتعبي نفسك في التعلق به.
وحاولي أن تذكري نفسك باليأس من الارتباط به، فاليأس يسهل على النفس النسيان والتجاوز.
كما ننصحك ألا تشغلي نفسك بتذكر محاسنه أو ما يجذبك إليه، بل على العكس، اجتهدي في صرف التفكير فيه؛ فهذا أنفع لقلبك وأريح لنفسك.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبالله التوفيق.