صعوبة البلع الناتجة عن انقباض عضلي بسبب القلق والتوتر النفسي وكيفية علاج ذلك

0 848

السؤال

السلام عليكم

أنا يتيمة الأب، مات أبي وعمري 5 سنوات، ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن عندنا مشاكل، وأنا بطبعي كتومة ولا يوجد لدي أحد أفضفض له، فكنت أكتم وأكتم، ثم أبكي لحالي، وإخواني دائما يتدخلون في بأشياء ما لها داعي، فقط ينكدون علي، وحتى زوجاتهم حسبي- الله ونعم الوكيل- أي أن هناك شيئا يضايقني، وأخي الكبير كلما قلت له شيئا لا يوافق، والآن ابنته عمرها 10 سنوات أي شيء تريده يحضره لها وبدون تعب، وهذا الشيء يقهر، وكلما تضايقت أشعر بكتمة وغصة بحلقي ولا أدري إن كان هذا طبيعيا أم لا، ثم تطورت الغصة إلى شيء أحس أنه في البلعوم والمريء، وأتعذب وأنا آكل، فأخاف أن يقف الأكل في حلقي وأموت.

هناك شيء آخر وهو أني خوافة فقط ما أبين للناس، وإذا خفت من شيء أشعر بخفقان.

الآن ما يضايقني جدا أن عندي صعوبة البلع وأخاف إذا أكلت شيئا أن يأتي معه الموت، وأحس الأكل بالكاد ينزل بصعوبة، بس هذه المشكلة بداية استيقاظي من النوم وبعدين تعود بقوة، بالرغم أنها كانت تأتيني على فترات أما الآن فمستمرة. ومؤثرة علي في دراستي، وأخاف أن يكون هناك مرض، مع أني كشفت على حلقي فلم يوجد شيء، وبقي البلعوم والمريء لا أدري عنهما، وقد سمعت أن هذا الشيء ممكن يكون نفسيا؛ لأن عندي ضغوطا نفسية كثيرة.

الله يوفقك يا دكتور رد علي بأسرع وقت، فأنا تعبانة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشاير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمن الواضح جدا أن لديك أعراض قلق نفسي، ظهرت هذه الأعراض في شكل شعور بعدم الارتياح، وخفقان في بعض الأحيان، وشعور بالمضايقة العامة، وعدم تحمل الآخرين، وأهم الأعراض التي لديك هو هذا الشعور بالغصة في الصدر والبلعوم، والتهيؤ لك بأن لديك صعوبة في البلع، وهذه أيتها الفاضلة الكريمة حالة نفسية مائة بالمائة، فالذي يحدث أن بعض الناس الذين يصابون بالقلق خاصة إذا كانوا يميلون للكتمان تحدث لديهم انقباضات عضلية، وهذا الشد والانقباض العضلي يؤدي إلى شعور بالانقباض، وفي حالة المريء يحس الإنسان كأن هنالك كرة داخل البلعوم أو المريء سوف تمنع البلع.

هذه الحالة معروفة في الطب النفسي، وهي ليست بالشائعة، ولكن نشاهدها من وقت لآخر، فليس هنالك ما يدعوك للذهاب لفحص البلعوم، إنما الحالة حالة نفسية، وكما ذكرت لك فهي ناتجة من انقباض عضلي يحدث في هذه المنطقة؛ لأن التوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي، والتوترات العضلية تحدث في أماكن معينة من الجسم في حالات القلق، مثل فروة الرأس، ومنطقة الصدر، وانقباضات القولون، وانقباضات أسفل الصدر، وهذه كلها أعراض معروفة، وتسمى بأعراض النفسوجسدية، بمعنى أن العرض هو عرض جسدي، ولكن أصله ومسببه نفسي.

طريقة العلاج، أولا: أرجو أن لا تتشاءمي كثيرا حيال معاملة الآخرين لك أو مشاعرهم نحوك، نحن لا ننكر أن فقدان الأب في سن مبكر ربما يكون له بعض الآثار النفسية التي تختلف من إنسان إلى إنسان، ولكن الإنسان إذا وجد من يعوضه الأبوة لا شك أنه لن تتولد أي آثار نفسية سلبية عنده، وعموما أنت الحمد لله الآن في عمر يؤهلك لأن تستبصري وأن تحكمي على الأمور بصورة صحيحة، ويكون هنالك شيء من الاستقلالية الذاتية، وأعني بذلك أنه يمكن أن تدبري أمورك في نطاق ما يسمح به ديننا وتقاليدنا، والمهم جدا من وجهة نظري هو أن لا تنظري فقط في سلبيات الناس خاصة من هم حولك من الأهل، فهذا الأخ الكبير مثلا قلت أنه يدلل ابنته كثيرا وفي نفس الوقت يسبب لك الكثير من المضايقات. أنا لا أريدك فقط أن تنظري إلى هذا الجانب السلبي فيه، إنما انظري إلى ما هو إيجابي عنه، وحاولي أن تطوري علاقتك معه في ظل الاحترام وفي ظل إبداء التقدير لآرائه حتى وإن كانت خطأ، ومحاورته بصورة لبقة ومعقولة متى ما كان هنالك فرصة لذلك..هذا أيتها الفاضلة الكريمة يفيدك جدا.

أنت لديك مشكلة مع التواصل الاجتماعي، حيث إنك كتومة ولا تجدي من تتحدثين إليه، وأنا أقول لك: هنالك الأرحام، هنالك بنات الجيران، وهنالك الجمعيات الخيرية التي يستطيع الإنسان أن يلتقي فيها بالفاضلات من النساء، وهنالك مراكز تحفيظ القرآن، هذه كلها أماكن يستطيع الإنسان من خلالها أن يبني علاقات حميدة وجميلة ومؤسسة وطيبة، فأرجو أن تقدمي نحو هذه الأنشطة؛ فهذا فيه خير لك -إن شاء الله تعالى-، وفي نفس الوقت سوف تعالج مشكلتك تماما.

أنصحك أيضا بالتدريب على تمارين الاسترخاء، فهي جيدة جدا، وهي عدة أنواع، وتأتي في عدة صور، من أفضلها تمرين بسيط جدا، ولتطبيقه: اجلسي على كرسي، وأغمضي عينيك، وارفعي رأسك قليلا، ثم ضعي يديك على ركبتيك، وحاولي أن تكوني في حالة من السكينة والاسترخاء، وتأملي وتفكري في حدث جميل حدث لك، بعد ذلك خذي نفسا عميقا وبطيئا من الأنف، واملئي صدرك بالهواء، ثم امسكي الهواء في صدرك لثانيتين أو ثلاث ثوان، بعدها أخرجي الهواء بكل قوة وبطء وشدة، وكرري هذا التمرين خمس إلى ست مرات بمعدل مرتين في الصباح وفي المساء، ثم بعد ذلك يمكنك أن تطبقيه عند اللزوم.هذا من التمارين الجيدة جدا.

العلاج الأخير في هذه الوصفة الشاملة هو أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة والجيدة، والتي يعرف عنها أنها تساعد في علاج القلق والتوتر من هذا النوع، والدواء يعرف باسم (فافرين) واسمه العلمي هو (فلوفكسمين) أرجو أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة يوميا، وقوة الحبة هي خمسون مليجراما، تناوليها بعد الأكل، ومدة العلاج هي ستة أشهر، بعد ذلك توقفي عن تناول العلاج.

الدواء دواء سليم، وفعال جدا، وإن شاء الله تعالى يساعد في زوال هذا القلق، وهذه الغصة الموجودة في البلعوم والمريء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.


مواد ذات صلة

الاستشارات