لا حرج من عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح ليتزوجها

0 416

السؤال

لو سمحت يا أستاذ:

لو أن إنسانا أراد أن يبعث لشخص رسالة على جواله, ويكتب فيها أنه فاعل خير, يطلب منه أن يخطب بنت فلانة -يعني لمحاولة تزويج هذه الفتاة- ثم إذا سأله هذا الشخص –المرسل إليه- هل أنت الذي بعثت الرسالة حلف بأنه ليس هو؛ حفاظا على كرامة البنت, فهل هذا حرام؟ يعني لا أريد أن يعرف أني أنا الذي أخبرته بهذه الفتاة, لأنها من أقربائي, فهل هذا حرام؟ يعني كل ما قصدته هو محاولة تزويج الفتاة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ haneya حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا التواصل، ونسأل الله أن يستخدمنا وإياك فيما يرضيه، وأن يصلح لنا ولك الأحوال، هو ولي ذلك والقادر عليه.

حقيقة ما قمت به من البر، والإنسان ينبغي أن يخطب لبناته ويخطب لقريباته، وينبه ويذكر بأحوال الصالحات المسلمات، هذا أمر فعله من هو أفضل منا، فعله عمر - رضي الله عنه وأرضاه – الذي عرض ابنته حفصة على أبي بكر، ثم عرضها على عثمان، ثم بعد ذلك فازت حفصة بالنبي - عليه الصلاة والسلام – زوجا، والقصة طويلة ومشهورة، ولذلك بوب علماء السنة (باب عرض الرجل ابنته أو موليته على الخاطب الكفؤ) يعني هذا باب من أبواب المعروف التي ينبغي أن نهتم بها ونحرص عليها، كما كان السلف يفعلون – عليهم من الله الرحمة والرضوان -.


ولذلك ما ينبغي أن تخفي نفسك، فأنت تفعل طاعة وتقوم ببر، وتقوم بعمل عظيم جدا, فعله هذا الخليفة الراشد في حضرة النبي - عليه الصلاة والسلام – وهذا حصل كثيرا، كما حصل من سعيد بن المسيب الذي زوج تلميذه من ابنته الحافظة العالمة الفقهية - رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم, فكان الواحد منهم يخطب لبناته، ويخطب لأخواته، ويخطب لبنات قريباته ونحوهن, كما يخطب لأولاده من الذكور، فإن الإنسان ينبغي أن يعرض هؤلاء البنات العفيفات المصونات على الأكفاء من الخطاب، وأنت فعلت خيرا، فينبغي أن تظهر نفسك، ولا تحاول أن تخفي نفسك، لأن هذا فعلا قد يلحق أذى وسوء ظن بالفتاة وبغيرها، مع أن هذا من جهلنا، ليس في هذا معصية لله تبارك وتعالى، إنما المعصية هي الوقوع في الزنى، وإنما المعصية هي طلب الفحش والشر، وهذا هو العيب، وهذا هو المرفوض، وهذا هو الذي لا تقبله الفطر السليمة، فضلا عن الشريعة المحكمة.

أما ما يقوم به الإنسان، وما قمت به من إرسال رسالة وتكتب فيها فاعل خير وتطلب أن يخطب بنت فلانة، محاولة منك لتزويج تلك الفتاة، فلماذا لا تقول هذا الكلام مباشرة، ولماذا لا تعرف بنفسك، حتى وإن كانت بنتا لك، ما المانع أن تعرضها على الأكفاء كما فعل عمل - رضي الله عنه وأرضاه – والإنسان قد يحرج مع بنته، مع أخته، لكن حتى هذا لا حرج من الناحية الشرعية، بل فعله من هم أكمل منا فضلا ومنزلة ورفعة من أمثال عمر - رضي الله عنه وأرضاه -.

فإذن نحن نتمنى ألا تفعل، ونتمنى ألا تحرج إذا سئلت، بل ينبغي أن تعترف له أنك فعلت، لأنه إذا لم تفعل فقد يظن أن الفتاة هي التي أرسلت أو غيرها، فقد يذهب بالإنسان الظنون، وهذا أيضا لا يشجعه، يعني لا يمكن أن تأتينا رسالة مجهولة ثم أتجاوب معها، إنما أتجاوب مع الرسالة التي تأتيني من مصدر موثوق، من إنسان معروف، وإذا كان عندي رغبة أحاوره، أبدأ أتعرف عن معلومات عن الفتاة، عن بيتها، عن هاتف أهلها، عن محارمها، عن طريق هذا الذي دلني على الخير.

وإذا كان قد حلف ونحن نتمنى ألا يحدث هذا، ولكن لست أدري كيف تمس كرامة البنت إذا كانت لا ذنب لها، ولكن على كل حال نحن نتمنى أن تخبره بالصدق، وأن تبني هذه المسألة بالذات على الوضوح، لأنك تفعل طاعة، لا تفعل أمرا يستحى منه حتى تكتم هذا الأمر، وعليك كذلك أيضا إذا حلفت كاذبا عليك أن تتوب, وتستغفر وترجع إلى الله تبارك وتعالى من هذا الخطأ الذي حدث منك، وعليك مستقبلا أن تحاول أن تكون واضحا، لأن الوضوح يساعد على تزويج البنات – بنات أقربائك –.

مهما كان القصد فإن الإنسان ينبغي أن يسلك لمقاصده النبيلة الطرق الشرعية النبيلة المقبولة، وعلينا أن نفعل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، وهذا موجود بين الناس، الإنسان يدير المسالة بحكمة وحنكة وسط الكلام وسط الجلوس، يخبر أن هناك فلانة بنت طيبة طاهرة ما عرفنا عنهم إلا الخير، ويشجع الآخرين على الارتباط بها والزواج منها، أما أن يخفي ذلك فنحن كما قلنا هذا أيضا ليس فيه مصلحة، لأن الإنسان لا يمكن أن يتجاوب مع رسالة مجهولة الهوية، ليس لها أصل وليس لها فرع، كيف يتجاوب معها وكيف ينفذ ما فيها، ولكن إذا عرف صالح وأن الحج فلان والشيخ فلان والأستاذ فلان هو الذي بعث الرسالة فإنه يتجاوب معها، ويوقن أن في الأمر خيرا كثيرا، والدليل على ذلك أن هؤلاء الأخيار هم من حرصوا على الارتباط بتلك الفتاة.

نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يلهمنا السداد والرشاد، وأن يهيئ لبنات المسلمين الفرج والمخرج مما هن فيه، وأن يستخدمنا جميعا في طاعته، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات