السؤال
السلام عليكم.
أنا صاحبة الاستشارة 2138778، ولقد شخصت حالتي بقلق المخاوف، وأشكرك كثيرا، والله يتقبل ما ندعو لك، ولمن وضع هذا الموقع الرائع.
لقد طلبت في السابق علاجا سلوكيا فقط، ولكن حالتي لم تتغير، فأنا أجد الآن أني محتاجة للدواء حتى أعيش حياتي بكل طمأنينة وراحة، وفكرت في نفسي أن أستخدم السيروكسات، ولكني أريد أن آخذ رأيك بهذا الدواء، وهل يناسب حالتي؟ وما هي الجرعة المناسبة؟ وما هو السبب الرئيسي لقلق المخاوف؟ وهل من الممكن أن يرجع قلق المخاوف للشخص مرة أخرى؟ لأني خائفة من أن تأتيني هذي الحالة مرة أخرى في السنوات القادمة.
وجزاكم الله كل خير، وأدخلكم فسيح جناته.
لا أعلم كيف أوفي حقكم بالشكر والتقدير، ولكن لك يا دكتور، ولجميع من يعمل معك بالموقع، الدعاء لكم بالتوفيق والسعادة في الدارين، وأبعدكم الله عن كل مرض نفسي وجسدي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أننا سعدنا كثيرا بكلماتك الطيبة، ونحن نبادلك صالح الدعاء، ونقول لك جزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا.
أنا سعيد جدا أن أعرف أن حالتك فيها شيء من التقدم، وتفهمك لما تعانين منه حقيقة أصبح الآن واضحا، كما أنني سعيد جدا لتقبلك لمبدأ العلاج الدوائي، هذا لا يعني أنني أغالي في أهمية المدرسة البيولوجية ودورها في العلاج، ولكني على قناعة كاملة وتامة بأن العلاج النفسي يجب أن يكون متعدد الطرق، ومتعدد الأبعاد، لأن الحالات النفسية خاصة الأمراض العصابية، مثل: القلق، والخوف، والوسواس، غالبا ما تكون هي متعددة العوامل، وقد لا نعرف لها سببا.
أنا مطمئن تماما أن عقار زيروكسات سوف يمثل دفعة علاجية قوية مفيدة لك - بإذن الله تعالى -، وأنا أطمئنك أن هذا الدواء دواء سليم، وأطمئنك مرة أخرى أن الجرعة التي تحتاجين لها صغيرة جدا، وهي حبة واحدة في اليوم.
البداية هي أن تبدئي بنصف حبة، تتناولينها يوميا ليلا بعد الأكل، إلا إذا سببت لك ضعف في النوم - وهذا نادرا ما يحدث - فهنا يمكن تناول نصف الحبة نهارا، وبعد عشرة أيام ارفعيها إلى حبة كاملة، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، وكما ذكرت لك فهي جرعة صغيرة، استمري على هذه الجرعة العلاجية لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين أيضا، ثم توقفي عن تناول الزيروكسات.
ولا شك أنه دواء فاعل وسليم وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
وهنالك دواء آخر يعرف باسم (فلوناكسول)، ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول) وأريدك أن تتناوليه كداعم للزيروكسات بجرعة صغيرة ولمدة بسيطة، والجرعة هي حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تتناولينها ليلا لمدة شهر، بعد ذلك توقفي عن الفلوناكسول.
وسؤالك حول ما هو السبب الرئيسي لقلق المخاوف؟
نستطيع أن نقول أن الأسباب ربما لا تكون واضحة، ولكن ربما نجد العوامل، ومعظم الدراسات تشير وبدقة إلى أن هذا القلق قد يكون ناتجا من تجربة أو خبرة سالبة في أثناء الطفولة، مثلا أن يعرض الطفل إلى الخوف في تلك المرحلة دون قصد من الأهل، هذا الخوف يظل مختزنا في عقله الباطني، ومن ثم حين يجد فرصة للظهور قد يظهر بأي شكل من الأشكال.
وهنالك عوامل أخرى يتم الحديث عنها كثيرا، وهي التركيبة النفسية لشخصية الإنسان، فهنالك البعض الذين لديهم استعداد تكويني للقلق والخوف، وهنالك أيضا حديثا عن التأثير الجيني – أي الوراثة – وإن كان الدور الذي يلعبه هذا العامل ضعيف نسبيا في تسبيب القلق والمخاوف، فأرجو ألا تنزعجي، المهم في نهاية الأمر أن هذا القلق سوف ينتهي - إن شاء الله تعالى - والجزء الذي سيبقى منه سوف يكون قلقا إيجابيا يحسن من دافعيتك، كما ذكرنا ونذكر دائما أن الذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يخاف لا يحمي نفسه، والذي لا يكتئب لا يجرب حلاوة الانشراح، والذي لا يوسوس لا نضبط.
أما بالنسبة للتاريخ الطبيعي لقلق المخاوف: هو أن الإنسان إذا طبق التعليمات العلاجية بصورة جيدة، أو تناول الدواء بصورة صحيحة، وغير نمط حياته، وكان إيجابيا ومتفائلا ومواجها ومحقرا لمصادر قلقه، ولا شك أنه سوف يتعافى تماما.
والتاريخ الطبيعي للأمور أيضا يشير أن النضوج النفسي يأتي مع مرور الزمن، والنضوج النفسي - إن شاء الله تعالى - يجعل الإنسان يصل إلى مرحلة من التوازن التام في مزاجه ومشاعره، وهذا يعني أنه لن يكون عرضة للقلق أو المخاوف على شكل مرضي.
فأرجو - أيتها الفاضلة الكريمة - أن تطمئني، ونحن سعداء جدا برسالتك هذه كما سعدنا برسالتك السابقة، ونسأل الله لك العافية والسعادة والتوفيق والسداد، ونسأل الله أن يديم علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، وبالله التوفيق والسداد.