السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو الرد السريع لكون الحالة صعبة للغاية.
الموضوع يتعلق بوالدي الذي هو حاليا متقاعد بعد أن أنهى خدمته الوظيفية، وقد كان يشغل وظيفة مدير بشركة مرموقة، وهو متدين بالتزام.
بعد تقاعده من الوظيفة التي ظل يشغلها حوالي 30 عاما، أصيب بارتفاع بسيط في ضغط الدم، سرعان ما تعافى منه، وبدأت معه الوساوس من ذلك اليوم، فأصبح يذهب يوميا أربع أو خمس مرات لقياس ضغط الدم الذي هو طبيعي جدا، ويبقى دائم السؤال للأطباء هل هو مصاب بمرض خطير، ويأتيه الجواب من الأطباء أنه لا يعاني من أي مرض.
وللتنويه فقط أبي لم يصب بأي مرض في حياته، ولم يراجع أطباء أبدا، وكأنه في حالتنا هذه قد تفاجأ في مرضه، على العموم ثم بدأت حالته بالانهيار شيئا فشيئا ترك الطعام إلا نادرا، ترك الخروج من المنزل، ترك الذهاب للمسجد، بل وحتى ترك الصلاة في البيت، ومن ثم اتجه للنوم لفترات طويلة، وترك الكلام حتى مع عائلته، أو أقاربه وبدا يستعمل العنف، والضرب مع عائلته، وأولاده، وتدهورت حالته إلى الحد الذي أصبح فاقد السيطرة على نفسه في كل شيء أرجو الجواب للأهمية.
وجزاكم الله خير الجزاء وعافاكم الله وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنسأل الله تعالى لوالدك العافية والشفاء، واهتمامك بأمره - إن شاء الله تعالى – هو نوع من البر، وحسب ما ورد في وصفك لحالة والدك فأرى أنه يعاني من اكتئاب نفسي، والاكتئاب من هذا النوع غالبا ما يكون اكتئابا مطبقا، بمعنى أن أمور الوالد قد تغيرت تماما، وتركه للذهاب إلى المسجد، وعدم تناوله للطعام إلا نادرا، هذا دليل على أنه يعاني من اكتئاب نفسي مطبق، بدأ الأمر لديه بوساوس وتخوفات مرضية، وهذا هو التاريخ الطبيعي للاكتئاب النفسي في مثل عمر والدك.
ولا شك أنه كان رجلا منتجا ومكافحا وإيجابيا في حياته، وبالرغم من خدمته الطويلة إلا أن أمر التقاعد من العمل ربما يكون أشعره ببعض الفراغ أو أن دوره في الحياة قد تقلص، هذا النوع من التفكير يكون أحيانا على مستوى العقل الباطني، وهذا يؤدي إلى أن يحس الإنسان أن قيمته في الحياة قد انتهت أو ضعفت، وهذا يؤدي إلى الاكتئاب النفسي.
ميله لكثرة النوم وكذلك للانفعالات السريعة لا شك أنها دليل على وجود الاكتئاب النفسي، وعليه أرجو أن تذهب بوالدك إلى الطبيب، وليس من الضروري أن يقال أنه يعاني من اكتئاب نفسي. قبل الدخول على الطبيب يجب أن تشرحي للطبيب حالته، واشرحي له الرأي الذي عرضناه عليكم، وهو أن هذا الوالد – عافاه الله وشفاه – يعاني من اكتئاب نفسي، وأنا أبشرك بأن الاكتئاب النفسي علاجه ليس بالصعب أبدا، يمكن علاجه، وهذه الحالات تستجيب بصورة جيدة جدا.
إذا كنتم في الخرطوم فيمكن أن تذهبوا إلى الأخ الدكتور (عبد العزيز أحمد عمر) أستاذ ورئيس الطب النفسي بكلية الطب جامعة الخرطوم، أو للدكتور (عبد الغني شيخ عبد الغني) بمستشفى الرباط، أو الأخ الدكتور (عبد الله عبد الرحمن) مدير مستشفى (التجاني الماحي) أو الأخ الدكتور (مهدي محمد الحسن) رئيس قسم الطب النفسي بجامعة (الزعيم الأزهري) أو أي أحد من الأخوة الزملاء الأطباء. الذين ذكرتهم فقط هم أصدقاء وأعرف مدى مقدرتهم، ولكن هناك الكثير من الأطباء المؤهلين في السودان.
يجب أن يكون هنالك حرص كامل بأن يتناول الوالد علاجاته، وإن شاء الله حالته سوف تتحسن، وأنتم من جانبكم يجب أن تعاملوه بالرفق، ولا شك أن من حقه أن يبر، وأحد طرق البر به هو أن يذهب به إلى الطبيب.
ربما يحتاج الوالد أيضا إلى بعض الفحوصات للتأكد من وظائف الغدة الدرقية، هذا مهم، وهذه الأشياء كلها معلومة لدى الأطباء.
إذن الذهاب للطبيب من أجل العلاج مهم، هذه حالة اكتئابية تحمل بعض سمات الذهانية، وعلاجها ممكن جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لوالدك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.