السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أحييكم على هذا الموقع الرائع والمفيد، وأسأل الله أن يوفقكم للخير بإذنه تعالى لما تقدمونه من فائدة للمسلمين.
مشكلتي هي عدم تركيزي في أعمالي، فتراني أستعجل الأمور، وأقع في الأخطاء، وخاصة في عملي، ودائما مديري يؤنبني، أحاول أن أركز ولكن دون جدوى، حتى بت أعتقد بأنني عبارة عن مشكلة متنقلة.
وحتى في البيت أستعجل وأقع في الأخطاء، أو أهتم بأشياء ثانوية، وخصوصا ما يتعلق بأطفالي، فتراني لا أهتم في بعض الأحيان عندما يقعون أو يتأذون، وفي داخلي أقول: يستحقون ذلك، لأنهم لم يسمعوا الكلام، مع أنهم صغار على الاستيعاب، وفي أحيان أخرى أجفل إذا تأذوا، أو حتى وقعوا على الأرض.
لي ثلاثة أطفال أعمارهم 2 و4 و6، أحبهم بشدة، ولكن أخاف من رعايتهم لوحدي، خوفا من أن يتأذوا، وأتألم على عدم الاهتمام بهم.
ماذا أفعل أرشدوني هل أنا مصابة بمرض؟ أم هل أنا أم قاسية؟ ثم هل أنا مهملة؟ مع أنني في أحيان أكون مبدعة ويعجب بي الآخرون لأفكاري النيرة، وأني بشهادة الجميع إنسانة ذات أخلاق رائعة، وأقرب إلى المثالية، من حيث اهتمامي بالآخرين، وبمشاعرهم، وأقدم المساعدة لكل من يطلبها مني، ساعدوني يرحمكم الله، أخاف من نفسي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن النموذج الذي ذكرتيه فيما يخص الإطار العام لأعراضك يشير أنه لديك طابع قلقي، حيث إن القلق يجعل الإنسان كثيرا ما يكون عاجلا وقد يبدأ الأمور دون أن ينجزها أو ينتقل من أمر إلى آخر، وتكون حماسته واندفاعه شديد في بداية الأمر ثم بعد ذلك قد يبطئ – وهكذا – وقد يكون التركيز أيضا ليس جيدا بالصورة المطلوبة.
في خصوص ما ذكرتيه حول أطفالك: لا أعتقد أن هناك قسوة في قلبك، أعتقد أن حالة القلق المصحوبة بشيء من الوسوسة جعلتك تحملي هذه المشاعر المتناقضة نسبيا، فلا أعتقد أن قلبك فيه أي نوع من القسوة، أعتقد أن موضوع القلق الوسواسي البسيط هو الذي جعلك تعانين من هذه الأعراض التي أعتبرها أيضا بسيطة.
وأنت بالطبع في سن تكون النساء فيه قابلة لتغيرات كثيرة، أهمها التغيرات الوجدانية، تقلبات المزاج، الشعور بالقلق وشيء من هذا القبيل.
أنا لا أعتبر حالتك حالة مرضية، حالتك هي مجرد نوع من الظاهرة النفسية البسيطة، لكن طبعا يفضل أن تكون هنالك آليات علاجية تلتزمي بها حتى لا تتطور الأمور وتتحول إلى اكتئاب نفسي - مثلا - لا قدر الله.
من أهم ما يجب أن تتبعيه كنمط في الحياة والتفكير هو أن تكوني إيجابية، أنت لديك أشياء طيبة وجميلة في هذه الحياة، شخصيتك شخصية محترمة تحمل سمات رائعة جدا، وقد أعجبني أنك تقدمين المساعدة لكل من يطلبها منك، فلا يمكن أن يكون أحدا قاسيا وبه هذه السمات، فأرجو أن تطمئني أيتها الفاضلة الكريمة.
ثانيا: أرجو أن تعبري عما بداخلك، ولا تتركي الأمور الصغيرة دون أن تصلي إلى حسم وحلول حيالها، لأن الصغائر كثيرا ما تتراكم وتؤدي إلى احتقان نفسي، والتعبير عن الذات بصورة جيدة ومحترمة دائما هو من أفضل وسائل التفريغ النفسي.
ثالثا: أود أن أنصحك بتطبيق تمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) نرى أنها جيدة جدا للشخص الذي يريد أن يتدرب على هذه التمارين لوحده.
رابعا: حسن إدارة الوقت دائما مهمة وضرورية، وهي تعني حسن إدارة الحياة، فأرجو أن تضعي دائما خارطة ذهنية تديري من خلالها وقتك، الوقت بالطبع يبدأ من صلاة الفجر، وبعد ذلك يقسم الإنسان وقته ما بين المهمات والواجبات والضروريات والأولويات وما يجب أن ينجز، والراحة والاطلاع والقراءة والترويح عن النفس بما هو متاح ومباح والتواصل الاجتماعي – وهكذا – هذه الطريقة جيدة وطريقة ممتازة جدا لأن تجعل الإنسان منجزا ويشعر في نهاية الأمر بالمردود الإيجابي الذي يعود عليه من خلال إنجازاته.
خامسا: أرى أنه سيكون من الجيد جدا إذا تناولت دواء بسيط مضاد للقلق الوسواسي البسيط، والدواء في حد ذاته بسيط وسليم وغير إدماني، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة جدا، الدواء يسمى تجاريا باسم (فافرين) ويسمى علميا باسم (فلوفكسمين) يمكنك أن تتناوليه بجرعة خمسين مليجراما ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.
الجرعة القصوى لهذا الدواء هي ثلاثمائة مليجرام في اليوم، لكن قطعا أنت لست بحاجة لمثل هذه الجرعة الكبيرة.
أؤكد لك مرة أخرى: هذه مجرد ظواهر نفسية حياتية سلوكية بسيطة، وليس لديك مرض، لكن دائما الإنسان يجب أن يكون متطلعا ويبحث عن كمال الصحة والعافية، نسأل الله أن يديمها علينا وعليكم.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول علاج التشتت وعدم التركيز سلوكيا: 226145 _264551 - 2113978.
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.