أعاني كثيراً من التفكير في الأمور المُثيرة .. ما نصيحتكم؟

1 464

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء عنا.

أنا بلغت من العمر 22 عاما، أنهيت قريبا الدراسة الجامعية.

أعاني كثيرا من التفكير في الجنس وممارسته! تقريبا هو يشغل كل تفكيري، علما بأني قد ابتليت بممارسة العادة السرية منذ سن 16 عاما على فترات.

حاولت الإقلاع عنها فلم أستمر أكثر من ثلاثة شهور، أعاني كثيرا في حياتي، وأشعر بأني أصبحت مبغوضا بين الناس، وأصبحت انطوائيا.

أشعر بأني مشتت الذهن، لا أستطيع تخزين المعلومة، ولا أستطيع مجاراة الناس في الحوار، وتفكيري (مشوش) وقد كنت متفوقا في الثانوية، والتحقت بأحد كليات القمة، ولكن منذ دخلت الجامعة انخفض مستواي وأصبحت ضعيفا، فأنا لا أفكر إلا في الجنس، حتى إني أصبحت أستحقر نفسي، وأنا الآن في مقتبل الحياة العملية.

ما هو الحل لمشكلتي؟ فأنا أعاني، وأريد منكم حلا حتى أكون سويا، وكيف أستعيد ثقتي بنفسي، وأكون ناجحا بعملي واجتماعياتي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد،،،

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجعل يومك خيرا من أمسك، وأن يجعلك مسددا موفقا في حياتك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن هذا التفكير الذي تعاني منه شيء طبيعي في مثل هذه السن، لأنك وصلت إلى سن أصبحت فيه كامل الرجولة، فأنت رجل منذ الخامسة من عمرك، ولكن مع الأسف الشديد أن نظام التعليم الذي عم وساد وانتشر في بلاد العالم العربي والإسلامي أدى إلى تأخر سن الزواج لدى الرجال والنساء مما جعل الجميع يعاني، فالمعاناة ليست معاناتك أنت وحدك، ولكنها معاناة أجيال كاملة متعاقبة، يصل الرجل فيها إلى سن الثلاثين أو قريبا من ذلك ورغم ذلك لا يستطيع أن يعف نفسه أو يغض بصره، لماذا؟ لأنه غير قادر على أن يوفر لنفسه حياة كريمة ليأكل منها أو ليشرب، فما بالك بحياة زوجية.

أقول: إنها مأساة حقيقة ليست خاصة بك، وإنما هي بأجيال متعاقبة من الرجال والنساء، إلا أنها تكون زائدة لدى البعض أكثر من البعض الآخر، وهذه تتوقف على ظروف بدنية وظروف نفسية وظروف بيئية وظروف اجتماعية، ويبدو أن ظروفك التي أنت فيها ساعدتك على أن تعيش الأمر بنوع من القوة، حتى إنه أثر على نفسيتك وأصبح هو العام والسائد في حياتك.

لذلك ترتب على ذلك أنك أصبحت تشعر بنوع من العزلة وعدم الرغبة في الحياة، بل إنك أيضا أصبحت تعاني أكثر من ذلك وهو مسألة فقدان الثقة في نفسك، وتأثر بذلك مستواك العلمي، كل ذلك نتيجة أنك أعطيته حجما أكبر من حجمه، وشغلت نفسك به، وكل ذلك حلا كما تعلم، لأن الحل الحقيقي يكمن في الزواج والزواج الطيب المبارك الشرعي الذي جعله الله تبارك وتعالى سكنا للرجال والنساء معا، فهذا الحل -أخي الكريم علي- وما سوى ذلك أعتقد أنها أوهام.

أنت استطعت بفضل الله تعالى أن تنتصر على نفسك لفترات، وتوقفت عن ممارسة العادة السرية كما ذكرت لثلاثة أشهر، وأتمنى أن تكون قد توقفت عنها نهائيا خلال هذه الفترة، لأنها من العوامل التي تؤدي إلى الظروف الصعبة التي ذكرتها من حيث التشويش والتركيز، وعدم القدرة على تخزين المعلومات، بل أحيانا تصيبك بالضعف في التعبير، وتجد أن تفكيرك مشوش، وأن مستواك قد انحدر كما ذكرت، كل هذه آثار من آثار هذه العادة الملعونة التي وقعت فيها وضحك الشيطان عليك، وجعلها حلا بالنسبة لك، ولكنها في الواقع كانت هروبا من مشكلة إلى مشكلة أكبر وأعظم.

الآن بارك الله فيك أتمنى أن تغير سلوكك كله، واعلم أنك الوحيد القادر على تغيير نفسك، لأن الله تبارك وتعالى قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فخذ خطوة للأمام، وهذه الخطوة أولا إنما تتمثل في التوقف عن هذه العادة، ولدينا استشارات فيها حقيقة بيان للأحوال والطرق والوسائل التي تستطيع بها أن تتوقف عن هذه العادة المحرمة.

الأمر الثاني: حاول أن تحتك بالمجتمع، وأن تخرج من هذه القوقعة التي تعيش فيها، اخرج إلى الناس، خالط الناس في الصلوات وفي الجماعات، احضر المحاضرات والدروس، لا مانع أن تساهم خاصة وأنك قد انتهيت الآن من الدراسة أن تساهم في بعض المشاريع الاجتماعية الخيرية التي تنتشر في بلادك، فهناك مؤسسات تحتاج من الشباب المتطوعين من أمثالك، تستطيع من خلال هؤلاء أن تعيد الثقة بنفسك عندما تشعر أنك نافع وأنك مفيد، وأنك تقدم يد العون والمساعدة لغيرك، هذه تعيد الثقة في نفسك بإذن الله تعالى.

حاول أن تبدأ في مشروع حفظ القرآن الكريم ولو بمعدل كل يوم آية، ولو تبدأ بالسور القصيرة، لأنك بذلك سوف تستعيد ثقتك بنفسك.

حافظ على أذكار الصباح والمساء، لأن هذه تحفظك من كيد الشيطان الرجيم، وحافظ على الصلاة في جماعة بانتظام، وكلما وجدت درسا أو محاضرة أو تظاهرة اجتماعية حاول أن تتواجد فيها، وأن تتكلم مع الناس وأن تتواصل معهم.

هذه أمور سوف تعينك على استعادة الثقة في نفسك – بإذن الله تعالى – وعليك بالدعاء أن يعينك الله، وأن يسددك لعمل صالح طيب، وأن يمن عليك بزوجة صالحة أيضا، واجتهد في إقناع أهلك بأن تتزوج سريعا حتى تستطيع أن تخلص نفسك من هذه المأساة الدائمة التي تعيشها، لأنه كما ذكرت لك أن الحل الأساسي يكمن في زوجة صالحة تستطيع أن تعيش معها وأن تستنفذ طاقاتك في الحلال الذي يكون فيه أجر كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: ((وفي بضع أحدكم صدقة)) فعليك بذلك كله، واعلم أن الله تبارك وتعالى لم ولن يتخلى عنك طالما اتقيته وخشيته في السر والعلانية.

كم أتمنى أن تكثر من الاستغفار والصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – وأبشر بفرج من الله قريب، وأسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يمن عليك بزوجة صالحة عاجلا غير آجل، وأن يوفقك لعمل طيب كريم، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات