كيف أخفف عن أختي متاعب الحياة، وأجعلها متفائلة؟

1 463

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأرجو من الله أن يوفقكم لكل خير.

لي أخت متزوجة، وعندها مشاكل كثيرة في بيتها، فزوجها سيء للغاية، فهو يضربها، ويسمعها كلاما سيئا جدا عنها وعن أهلها، وحالتها النفسية سيئة للغاية، وهي بالرغم من ذلك لا تشتكي ولا تبوح بمشاعرها، وإنما تكتم ذلك في قلبها.

والسؤال الآن: كيف لي أن أخفف عنها، وأجعلها أكثر تفاؤلا، وأن تشعر بأن لها قيمة في الحياة؟ علما بأنها لم تكمل تعليمها، ولا تعمل.

ولدي سؤال آخر: أنا لا أستطيع التأقلم بسرعة، وقد انتقلت إلى مدرسة أخرى السنة الفائتة، ولكني للآن لم أتعود عليها، وعلى المعلمات، وعلى الطالبات، فأنا قليلة الكلام معهم، فأريد أن أعرف كف لي أن أقوي شخصيتي أمامهم؟ وأن أتكلم بطلاقة؟ علما بأن هذه السنة هي آخر سنة لي في المدرسة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ز .ك .ش حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات.

كما نسأله جل وعلا أن يصرف السوء عن أختك، وأن يصلح ما بينها وبين زوجها، وأن يعينها على التغلب على تلك المشاكل، وأن يصلح لها أخلاق زوجها، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من أن لك أختا متزوجة، ولديها مشاكل كثيرة في بيتها، إذ أن زوجها سيئ للغاية – كما ذكرت – فيسيء عشرتها ومعاملتها، حيث أنه يضربها، ويسبها بكلام سيئ، ويسمعها كلاما أيضا سيئا عنكم وعن نفسها، وحالتها النفسية – كما ذكرت – سيئة للغاية، وهي أيضا لا تشتكي، وتحاول أن تخفي هذه الأمور كلها، وتسألين: كيف لك أن تخففي عنها وتجعلينها أكثر تفاؤلا، وأن تشعر أن لها قيمة في الحياة؟

فإنه مما لا شك فيه أن هذه التصرفات السيئة من قبل زوجها تشكل نوعا من الإيلام الجسدي، والنفسي الشديد، والعنيف بالنسبة لها، لأنه لا يوجد شيء أقسى على الزوجة حقيقة من قسوة زوجها، لأنها خرجت من بيت أبيها وأهلها، وظنت أنها ستنتقل بذلك إلى فردوس الحياة، حيث إنها ستعيش في كنف رجل يحسن معاملتها، ويدللها، ويمتعها، ويسعدها ويجعلها تعيش في جنة الدنيا قبل جنة الآخرة، ولكن عندما تجد نفسها في مثل هذه الحالة - التي ذكرتها عن أختك - فإنها تصاب بنوع من الإحباط الشديد، ونظرة سوداوية للمجتمع، لأنها وجدت أن هذا الركن الركين، والسند المعين بعد الله تعالى، بدلا من أن يكون عونا لها على الحياة، وأن يضمد جراحها، وأن يخفف من آلامها، إذ به يصبح هو مصدر كل ألم، وكل عقوبة، وكل سوء، وكل بذاءة، وكل سب وقذف وضرب ولعن.

وهذه أمور مما لا شك فيه أمور قاسية جدا وعنيفة، لأن المرأة ماذا تصنع؟ خاصة وأنها خرجت من بيت أهلها، ولا ترغب في العودة إليه، وبعض الأخوات تحرص على أن تصبر إلى آخر لحظة من حياتها، حتى لا ترجع إلى بيت أهلها، لينظر الناس إليها نظرة الشماتة، أو نظرة الشفقة، أو يقولون عنها بأنها امرأة فاشلة لم تستطع أن تؤقلم نفسها مع ظروف زوجها، وأنها مقصرة، إلى غير ذلك من نظرات وسياط السهام والآلام التي توجه إليها، سواء أكان ذلك من خلال نظرات الحاقدين، أو من خلال عبارات الشامتين والمتغامزين والمتلامزين، ولذلك فعلا تجد نفسها في وضع صعب جدا، فهي في أمس الحاجة فعلا إلى من يقف معها، ومن يشد من أزرها، ومن يعينها على التغلب على تلك المشاكل.

ولذلك أرى أن علاج مثل هذه المشكلة يكون بداية في الكلام مع زوجها، وهذا قطعا مما لا شك فيه لن يكون ضمن مهامك أنت شخصيا، فأنت أختها، وقطعا أصغر منها، ومثلك لا يستطيع أن يتكلم مع رجل هو أكبر منه سنا يقينا، ولكن هذا الأمر قد يكون من مسئولية والدك، الذي ينبغي عليه أن يتدخل ضرورة لإنقاذ هذه الأسرة من الضياع، وقد يكون أيضا من مهام إخوانك.

ولذلك عليك أن تخبري أهلك بهذا الأمر، وأن يسمعوا من أختك أيضا، وأن يشجعوها على أن تتكلم، لأن الكتمان هذا سيجعلها كالقنبلة الموقوتة التي إن انفرجت ستدمر كل شيء، ولذلك نجد أن كل الناس يحبون أن يفضوا بأسرارهم وأن يخرجوا مكنون نفوسهم، لأن كثرة الضغط يولد الانفجار – كما يقولون – كما أن على الأسرة أن تتدخل أولا للاستماع منها، وذلك من باب التخفيف من معاناتها، والتقليل من آلامها، ثم بعد ذلك يتدخل الوالد – أو الإخوة – لدا زوجها، ويبينوا له أن هذه التصرفات غير مقبولة، وأنه لا ينبغي أن يعاملها بهذه الطريقة، ويحاولوا البحث عن الوسيلة المفيدة لإقناعه، أو على الأقل للحد من هذه التصرفات السيئة.

هذه مسألة مهمة، حتى نضمن عدم استمرار هذه الضغوط التي تؤدي إلى انفجارها والعياذ بالله تعالى.

ثم بعد ذلك أيضا على الوالدة وعليك أيضا وعلى أخواتك – إذا كان لديك أخوات في سن التوجيه – أن تتكلموا معها، وأن تبينوا لها أنه لا يخلو بيت من مشاكل، وتضربوا لها أمثلة ببعض جيرانها والمقربين منها، حتى تشعر أنها ليست في الهم وحدها، فهذا أمر يخفف - بإذن الله تعالى – عنها، وضرب الأمثلة أيضا من القرآن والسنة، وتوصيتها بالصبر الجميل، ومحاولة الاجتهاد في القرب من الله تبارك وتعالى، وحثها على أن تستعمل سلاح الدعاء، الذي هو أمضى سلاح في حل مثل هذه المشكلات.

وأما بالنسبة لك: فأنا أرى أيضا أن تختلطي بكل زميلاتك ومعلماتك، وأن تحاولي أن تساهمي في بعض المشاريع - خاصة خارج نطاق العملية التعليمية - كالأنشطة الاجتماعية، أو الثقافية، أو غير ذلك، فإن الاحتكاك مع الطالبات وإدارة المدرسة سيوفر لك جوا طيبا، وستشعرين بأنك فعالة وسوف يضفي إليك قدرا كبيرا من الثقة، كما أنصحك أيضا بالمشاركة في بعض المسابقات – إن وجد هناك مسابقات – وبذلك سوف تكونين متميزة وتتخلصين من هذه النفسية.

أسأل الله لك ولأختك ولإخوانك وأخواتك التوفيق والسداد.

هذا وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات