مرضي النفسي أفقدني طعم الحياة, فماذا أفعل؟

0 435

السؤال

السلام عليكم عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أعرض عليكم حالتي لتشخصونها لي, جزاكم الله خيرا يا دكتور عبد العليم.

أبلغ من العمر 31 سنة، أشعر بالمرض منذ مدة لا تقل عن 10 سنين, ولا أشعر بلذة الحياة، ولا طعم لي فيها، فقدت كل الأحاسيس, لا أشعر بأي إحساس، لا من قريب ولا من بعيد، أصبحت تعيسا أعيش في الشقاء، رغم أني لا أشعر بأي شيء.

أصبحت ضعيف التركيز, ولا أبالي بأي شيء، تناولت العديد من الأدوية مثل زيروكسات (deroxat flueoxetine nordaz zepam dogmatil lysanxia) ولكن لا جدوى، ولم تأت بأي مفعول.

في بلدي نفتقد للأطباء الذين يجعل الله الشفاء على أيديهم.

المهم حالتي هي أني أعيش في حالة اللاواقعية، ولا أبالي بأي شيء, يتوقف عقلي عن التركيز، أجد نفسي دائما تائها مع نفسي, أرهقتني حالتي, فانطبق علي قول ربي حينما أعرضت عنه، وجدت نفسي أعيش حياة ضنكا.

لم يعد يفرحني أي شيء، لقد طال بي طول الأمد، ولم يبقى لي الكثير لألتحق بزوجتي للعيش معها في الديار الأوربية، لكني لا أستطيع العيش على هذا الحال.

المرجو منكم تشخيص حالتي جزاكم الله خيرا، مع إرشادي على دواء يفيدني، لا حرمكم الله من فضله، راجيا منكم أن تقوموا بالإجابة في أسرع وقت، حفظكم الله.

وفي الأخير أشكر لكم وفاءكم وتفانيكم في خدمة المسلمين على هذا الموقع الفاضل، وجعله في ميزان حسناتكم، أنتم والقائمين عليه, فأقول لكم إني أحبكم في الله، ليس مجرد قول لكني أعي ما أقول.

سامحوني على الإطالة،لكني أرى أني لم أشرح حالتي جيدا؛ لأن أفكاري مشتتة، وتركيزي ضعيف، بارك الله فيكم.

والسلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fouad amiri حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

فالشعور بالإحباط وعدم الفعالية وعدم الاستمتاع بالحياة والشعور بلذتها متى ما كان ذلك واقعيا ومناسبا؛ فهذا غالبا يدل على وجود عسر في المزاج، وعسر المزاج هو درجة من درجات الاكتئاب، قد تكون بسيطة أو متوسطة أو شديدة.

أحد الإشكاليات الرئيسية فيما يخص مرض الاكتئاب النفسي هو الاستسلام للتفكير السلبي، والإنسان قد يصل إلى قناعات تحبطه كثيرا، وهنالك تجربة قام بها أحد العلماء ويدعى (Martin Seligman) وضع فئرانا في قفص، وأغلق القفص، وكانت هذه الفئران تدور حول نفسها في داخل القفص، حيث يوجد تيار كهربائي بسيط يصعق الفأر حين يتوقف، وهكذا ظلت الفئران في هذه الحركة الدائرية تبحث عن مخرج، وبعد فترة من الوقت تم فتح نافذة صغيرة في القفص الحديدي لتخرج منه الفئران، لكنها لم تخرج.

وكان الاستخلاص العلمي من هذا أن الفئران قد تعلمت اليأس، لذا حين أتيحت لها فرصة أن تهرب بجلدها لم تفعل ذلك.

هذه النظرية ربما تنطبق على البشر أيضا حسب ما اتفق عليه في كثير من المحافل العلمية، لكن وجد أنه وبعد فترة أن نفس الفئران بدأت في الحركة وخرجت، وهذا يدل أيضا أن اليأس المكتسب يمكن التخلص منه من خلال ما يسمى بالتغيير المعرفي.

الذي قصدته مما ذكرته لك هو أنني لا أريدك أبدا أن تستسلم، نعم مدة العشر سنوات مدة طويلة، وشعورك بالكدر وعدم الارتياح نقدره تماما، لكن هذا لا يعني أبدا أن هذه الحالة يجب أن تستمر أو أنها سوف تستمر, هنالك طفرات في حياة الناس، حتى على مستوى المزاج كثيرا ما شاهدنا أناسا غيروا أفكارهم وتوجهاتهم بصورة إيجابية جدا مما أدى إلى طفرة وجدانية كبيرة جدا وتغيرت أحوالهم.

فيا أخي الكريم: انزع من خاطرك الاستسلام للاكتئاب، وأريدك أيضا ألا تحكم على نفسك بمشاعرك، حيث إن الحكم على النفس بالمشاعر -خاصة إذا كان الاكتئاب موجودا- هذه أيضا إشكالية لا تساعد في الشفاء.

من أفضل الأشياء أن يحكم الإنسان على نفسه من خلال الإنجازات، نعم أنا أعرف أن الاكتئاب يحبط الناس, وربما يقلل من دافعيتهم ومن إنجازاتهم، لكن يمكن أن تبدأ من الآن، تجعل لنفسك جداول يومية، تدير من خلالها وقتك بصورة صحيحة، وتسمي ذلك (جدول إدارة الوقت والإنجاز) يجب أن تكون التسمية هكذا، وتصر على نفسك بأن تقوم بما يجب أن تقوم به في أثناء اليوم، وأنا أفضل أن تكتب الواجبات التي يجب أن يقضيها الإنسان في يومه، وحين أقصد بالواجبات لا أعني الفراغ للعمل أو للدراسة فقط، لا، الإنسان من حقه أن يرتاح، يرفه عن نفسه، وأن يمارس الرياضة، أن يتواصل اجتماعيا، وهكذا.

حين تجعل لحياتك معنى على هذا الأساس تجد أن كربة الاكتئاب بدأت تنقشع وتنجلي وتنحصر أخي الكريم.

التواصل الاجتماعي مهم، ولا شك أن إمام مسجدك هو خير من تتواصل معه، ستجد منه المؤازرة، وتجد المساندة، ولا شك أنه لديك عددا من الإخوان والأحباب والأصدقاء، فاستأنس برفقتهم، لأن الصحبة والرفقة أيضا مهمة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الأدوية المضادة للاكتئاب -حتى وإن لم يتحسن الإنسان- سوف تمنع التدهور، وهذا مهم، لذا لا تحمي نفسك أبدا من نعمة الدواء، وأنا أرى أن عقار إفكسر –والذي يعرف علميا باسم فلافاكسين– يناسب حالتك جدا، وجرعته هي خمسة وسبعون مليجراما، تناولها يوميا، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراما يوميا.

دواء واحد أرى أنه يكفي تماما، علما بأن جرعته يمكن أن ترفع حتى مائتين وخمسة وعشرين مليجراما في اليوم، لكن جرعة المائة وخمسين مليجراما كافية جدا، وإن استطعت أن تتواصل مع طبيب نفسي هذا أيضا جيد، سوف تجد الطبيب المناسب, حتى وإن كانت تجاربك السابقة سالبة مع الطب النفسي، لكن أسأل الله تعالى أن يقيض لك من يساعدك ويتفهم مشكلتك.

موضوع الالتحاق بالزوجة، أعتقد أن زوجتك يجب أن تكون معك، هذا هو الوضع الطبيعي، لكن هذا الأمر متروك بالنسبة لك لتتخذ ما تراه مناسبا، المهم هو ألا تعيش أي نوع من النزاع النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات