خوف وجبن بسبب ما تعرضت له في صغري.. فهل من علاج؟

0 367

السؤال

تحياتي الصادقة من القلب للدكتور/ محمد عبد العليم
أبعث برسالتي وقلبي ينزف دما، وبدايتها من طفولتي عندما تعرضت للاغتصاب مرتين في طفولتي، وأنا الآن عندي 26 سنة، ضاعت شخصيتي في التراب، أنا جبان ولا أستطيع أن أدافع عن نفسي في أي مشكلة، وعندما أتعرض لمشكلة بيني وبين أي أحد يزيد خفقان قلبي، ولا أستطيع الدفاع عن نفسي، الخوف من الناس يدمر حياتي.

أنا الآن في مشروع خطوبة وارتباط، وكنت أريد أنا أترك خطيبتي حتى لا تأتي اللحظة ولا أستطيع الدفاع عنها، وعندما اتصلت بي أختي ذات مرة لوجود مشكلة معها في الشارع، لم أذهب لأني جبان، ولا أستطيع المواجهة، حياتي مدمرة، وأنا أعمل فترة مسائية بعد عملي الأصلي، وعند المساء لا أريد أن أنزل الشارع للذهاب لعملي الآخر، أرجو من حضرتك دواء يفيدني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد مصطفى حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فالامتهان الجنسي في فترة الطفولة مؤسف، لكننا لا نعتبره أبدا السبب في كل الإخفاقات التي قد تحدث في المستقبل، -فيا أيها الفاضل الكريم- هذه تجربة يجب أن تتركها خلف ظهرك، أمور قامت ونمت وحدثت في ظروف فيها الكثير من الجهل، والرعونة، وعدم المسؤولية من جانب من قام بهذا الفعل الشنيع.

أنت لا ذنب لك فيها أبدا، ولا أريدك أبدا أن تبني حياتك الحاضرة على ما مضى، وكم من الذين تعرضوا إلى ما هو أسوأ مما تعرضت إليه، لكنهم بفضل الله تعالى استطاعوا أن يعيشوا حياتهم بصورة إيجابية، وكثيرا ما تكون الإخفاقات والتجارب السلبية سببا في نجاح الناس، وحتى الذين فشلوا بعد أن حاولوا بكل أسف كانوا قريبين جدا من النجاح، لكنهم لم يواصلوا محاولاتهم.

فأرجو أيها الفاضل الكريم: أن تغير مفهومك حول نفسك، وتعيد تقييم نفسك، وأنا أريدك (حقيقة) أن تمحو من ذاكرتك ووجدانك هذه الكلمات السلبية مثل (أنا جبان)، (أنا لا أستطيع الدفاع عن نفسي) لا، لا ينقصك شيء أبدا، إنما زرعت فيك هذه المفاهيم بصورة إرادية أو غير إرادية، وهي التي جعلتك تتحرك من خلالها؛ لأن المشاعر السلبية تقود الإنسان إلى ما هو سلبي، وهذه لا يمكن التخلص منها أو تغييرها إلا من خلال أن ينظر الإنسان إلى أفعاله.

أنت تعمل صباحا ومساء، هل هناك أعظم من هذا، هذه مجاهدة كبيرة جدا من جانبك، ويجب أن أهنئك عليها، لم أسمع بإنسان جبان، أو بإنسان سلبي يكافح ويجاهد لهذه الدرجة، فأرجو أن تغير مفهومك عن نفسك أخي الكريم.

وهنالك بعض الأشياء البسيطة إذا قام بها الإنسان تجعله يحس فعلا بقيمته الذاتية، مثلا: التواصل الاجتماعي خاصة مع الأرحام، والجيران والأصدقاء، ومشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، هذه قيمة اجتماعية عظيمة جدا تشعرك بقيمتك الذاتية.

الصلاة في وقتها ومع الجماعة تحس بعزة النفس ونقائها، وهذا لا يتماشى أبدا مع الجبن أو ضعف الشخصية، فأنا أريدك فعلا أن تغير مفاهيمك.

بالنسبة للخوف من الناس: ما الذي يجعلك تخاف من الناس؟ الناس هم الناس، والبشر سواسية، من هو في منصب كبير ومن هو في وضع بسيط كلاهما بشر، يأكلون ويشربون وينامون ويقضون حاجتهم ويمرضون ويموتون، يجب أن نفكر في الأمور على هذا النهج، نعم نحترم بعضنا البعض، هذا مهم، وهذا نوع من الأدب الراقي جدا وحسن الخلق، لكن لا نخاف من الآخرين أبدا.

فيا أخي الكريم: أرجو أن تغير هذه المفاهيم، وبالنسبة للدواء: أنا أبشرك بأن هناك أدوية ممتازة جدا تساعد في علاج القلق والمخاوف، لا نعطيك دواء يميت قلبك، لا، قلبك - إن شاء الله تعالى – كله حيوية، وأريدك أن ترفع من همتك، والحياة طيبة وجميلة، وأنا يسعدني جدا أنك على أعتاب الزواج، أسأل الله تعالى أن يتم ذلك لكما ويوفقكما.

وبالنسبة للدواء: أقول لك أن عقار زولفت، والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) دواء جيد وممتاز جدا، وأنت تحتاج إليه بجرعة بسيطة، تبدأ بخمسة وعشرين مليجراما – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما – تناولها يوميا لمدة أسبوعين، ويفضل تناول هذا الدواء ليلا بعد الأكل، وبعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات