الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من كثرة الوساوس وقلة التركيز.. ما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

قبل سنة شعرت بضيق في صدري، وأحسست أني سأموت، وأفكار أصبحت تأتيني، بعدها صار زلزالًا عظيماً، وزادت حالتي سوءاً، أصبحت أفكر بالموت أكثر، وأخاف وأبكي وأرتجف كثيراً من الخوف، وأحياناً يصل بي الحال إلى نطق الشهادة وانتظار الموت، بعدها أصبحت تأتيني أفكار سيئة عقائدية بحق الله -سبحانه وتعالى- زاد ضيق نفسي، مع العلم أنني حافظة لكتاب الله، ومحافظة على صلاتي وصيامي بفضل الله- كنت أصلي بخوف وكأنني سأموت، أقرأ القرآن -بفضل الله- ولكن كنت أشعر بثقل عندما كنت أقرأه في تلك الفترة -أستغفر الله- أما الآن أفضل -بفضل الله- وأحاول مراجعة حفظي.

وفي فترة أحسست أنه لدي عقلان ظاهري وباطني؛ فلكي أتخلص من الأفكار السيئة منعت نفسي من التفكير بعقلي الباطني، وأصبحت أفكر بعقلي الظاهري، ولكني الآن قليلة الاستيعاب، وعديمة التركيز، لا أشعر بقلبي، ولا أشعر بمشاعر خوف أو حزن أو فرح، وهذه الفترة الحالية رأسي أصبح يؤلمني، ولا أستطيع التركيز حتى في صلاتي وقراءتي، أشعر بعدم تركيز؛ لدرجة أني أخطأت بقراءة الفاتحة مرة وهكذا!

أشعر بألم في صدري وفي قلبي تحديداً، أشعر أنني مللت من هذه الحالة، وأخاف أن أترك الدعاء أو شيئاً بسبب طول الوقت وأنا بهذه الحالة، أريد أن أحسن من نفسي، وأنا حالياً أحضر برنامجاً شرعياً، ولكني بهذه الحالة لا أستوعب كثيراً؛ لدرجة أنني أنسى الكلمة التي أريد أن أكتبها، في الوقت الذي أوقف الفيديو لكتابتها!

أريد أن أطبق وأعمل بما أتعلم، ولكن أشعر أنه ليس لدي طاقة لكسب صفة جديدة أو التخلص من صفة قديمة، أشعر بأني أملك الهدف ولكن لا أملك الحركة، أشعر بالعجز عن تغيير نفسي؛ بسبب قلبي الذي لا يشعر، وعقلي الذي لا يستوعب!

أرجو إفادتي: ما هي مشكلتي؟ وكيف أحلها؟ هل هي مشكلة نفسية وتحتاج إلى طبيب؟ أم سحر؟ أم أنها مشكلة دينية فقط؟ وهل ما أعيشه يعتبر بلاءً أؤجر عليه؟ أنا أريد التقرب إلى الله، وأن أكون صالحة مصلحة، ولا أريد أن أكون من الضالين ومن أصحاب النار!

أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ولاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولًا: الحمد لله أنك من الحافظات لكتاب الله تعالى، ونحسب أن الله -سبحانه وتعالى- أراد بك خيرًا، وهذه نعمة عظيمة لا يحظى بها كثير من الناس، فـ (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

ثانيًا: الأعراض التي ذكرتها ربما تكون أعراض نوبات هلع شديدة -والحمد لله- أنك تجاوزتها، ولكن بقيت آثارها، والتي ستزول -بإذن الله- عندما تأخذين العلاج المناسب، فتهدأ نفسك ويرجع تركيزك كما كان إن شاء الله.

أمَّا ما يتعلَّق بالأفكار العقائدية السيئة: أطمئنك أنك على الطريق المستقيم -إن شاء الله- وما القلق والتوتر المصاحب لهذه الأفكار إلَّا هو دليل على مدى تمسُّككِ بدينك والخوف على إيمانك، وهذه من صفات المؤمن أن يخشى على دينه ويحرص على التمسُّك به؛ لأنك لا تقبلين مثل هذه الأفكار، ولا تحاولين نشرها أو إقناع الآخرين بها.

لذلك فإن هذه الأفكار عبارة عن صريح الإيمان أو محض الإيمان، وهي عبارة عن أفكار وسواسية، فلا تفتحي معها أي حوار ولا جدال، فإنها لا تستحق الاهتمام؛ فالله تعالى يعلم ما في قلبك، ولا يحتاج أن تُثبتي ذلك بالدليل أو بالبرهان، فهو الذي يعلم في ما في الصدور.

إذًا إذا حاصرتك مثل هذه الأفكار مرة أخرى فقولي: (يا رب أنت أعلم بما في قلبي، ولا حول ولا قوة إلَّا بك)، واستعيذي بالله تعالى منها وانتهي عنها، ولا تسترسلي معها.

فنوصيك - أيتها الكريمة - بمقابلة أقرب طبيب نفسي لتشخيص حالتك بصورة دقيقة، وأخذ العلاج الذي سيساعدك -إن شاء الله- في التخلص من الأعراض التي تعانين منها، وحاولي المضي قُدمًا في تحقيق الأهداف التي وضعتها لنفسك لتعلُّم العلم النافع، ولا تُكلفي نفسك فوق طاقتك، وبسطي الأمور، واهتمي بصحتك الجسمية: بالنوم الكافي، والأكل الصحي، والرياضة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً