أعاني من صدمة نفسية بسبب مدرسي، فكيف أتخلص منها؟

0 400

السؤال

السلام عليكم..


أصابتني صدمة نفسية من شخص -الله ينتقم منه- مدرسي في الجامعة، حيث أن الله ابتلاني بمرض نفسي، فصار يشمت بمرضي، ويقول لي لو كنت رجلا صالحا لدعوت الله، ومع أنه لا يعرف عني شيئا، وظل كلما يراني يتعامل معي بحقارة، مع العلم أني محبوب جدا لمن يقدرني، ومن يومها أو بعد فترة انهرت وأصابتني صدمة كبيرة، فما الحل؟

ظللت كل يوم أدعو عليه أن يعافيني الله ويبتليه، حتى في ليلة القدر لم أترك دعاء إلا دعوت عليه، فما الحل؟ وكيف أتخلص من الصدمة النفسية ومن الحقد عليه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبداية نرحب بك ابننا الفاضل، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونسأل الله أن يعجل لك بالشفاء، وأن يلهمك الخير، وأن يعينك على طاعته، وأن يكف عنك شر كل ذي شر، ونبشرك بأن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله، وأن الإنسان الذي يشمت بالمرضى أو بالأموات جاهل وحاقد، وسيشرب من نفس الكأس المرة، فإن الإنسان إذا أظهر الشماتة لأخيه عافاه الله وابتلى ذلك الشامت، ولذلك هذه من المسائل التي كان السلف يخافون منها جدا، حتى كان قائلهم يقول: (لو سخرت من كلب لخشيت أن يحولني الله إلى كلب) وهذا الإمام العالم التقي (ابن سيرين) يقول: قلت لرجل مرة يا مفلس، بعد أربعين سنة ابتلاني الله بالإفلاس فدخلت السجن.

ولذلك ما ينبغي أن تحزن، بل ينبغي أن يكون الحزن على من أساء، وأشغل نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، واعلم أن الله يبتلي الإنسان ليرفعه درجات بصبره، ليرفعه درجات بإيمانه، ليرفعه درجات بلجوئه إلى الله وانكساره وتضرعه، فالجأ إلى الله، وارفع أكف الضراعة إلى الله تبارك وتعالى، وحاول أن تتغافل عن سفاهة السفهاء، وعن جهل الجهلاء، واعلم أن هذا الكلام لا يصدر إلا عن جاهل حاقد، ولكن أحسن علاج هو الإهمال، وأحسن علاج هو أن تظهر أنك لا تبالي به وبكلامه، وهذا الكلام لا يقدم ولا يؤخر.

فعليك أن تتوجه إلى الله تبارك وتعالى، ولا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، فلست أول من يسخر منه البشر، الأنبياء –أشرف الناس– سخر منهم الأعداء، وضحكوا عليهم واستهزؤوا بهم، فما زادهم ذلك إلا صبرا وثباتا، وما كادت الأيام تمضي حتى أهلك الله الظالمين، ونصر الله تبارك وتعالى رسله وأنبياءه –عليهم صلاة الله وسلامه-.

إذا لا تقف أمام مثل هذه المواقف السالبة طويلا، ولا تحزن لمثل كلامهم، وتوجه إلى الله تبارك وتعالى، واعلم أن هذه الإجابة لها وقت، وأن الله تبارك وتعالى هو الذي يختار لعبده الأصلح، فكم من إنسان طلب الشفاء وكانت المصلحة في مرضه الذي ربطه بالله، وكم من إنسان طلب المال فمنعه الله المال؛ لأن مصلحته أن يكون فقيرا حتى لا يطغى ويستكبر ويترك الطاعات، ولذلك من أدب السلف أنهم كانوا يسألون الله –كما قال ابن الجوزي– فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول: مثلك لا يجاب، أو يرجع إلى نفسه فيقول: لعل المصلحة في ألا أجاب.

لذلك ينبغي أن تواصل الدعاء واللجوء إلى الله، واعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل) قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: (يقول: قد دعوت وقد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).

فاثبت على هذا الخير، وتوكل على الله تبارك وتعالى، واعلم أن العظيم يجيب المضطر إذا دعاه، ولا تبال بالشامتين والحاقدين، فإن الله تبارك وتعالى سيأخذ لك حقك منهم، ويبتليهم الله غدا ويعافيك، فالجأ إلى الله تبارك وتعالى، ولا تشغل نفسك بأمثال هؤلاء، فإن هذه النفس وهذا القلب غال ينبغي أن يعمر بحب الله وتوحيده ومراقبته، وكم هو سعيد، وكم هو طيب، وكم هو منشرح النفس الذي أبعد عن نفسه أحاديث الناس وخلص قلبه من الحقد والرغبة في الأذية أو مقابلة السيئة بمثلها، فإنك ما جازيت من أساء إليك بمثل أن تحسن إليه.

نسأل الله لك الشفاء العاجل والتوفيق والنجاح.

مواد ذات صلة

الاستشارات