كيف أتخلص من القلق قبل النوم؟

0 538

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بداية: أود أن أشكركم على جهودكم الجبارة على ما تقدمونه من فائدة، وجزاكم الله كل خير.

مشكلتي كالآتي: أنا شاب عمري 20 سنة، أعاني من حالة غريبة تلازمني منذ حوالي ستة أشهر، ولا أدري ما تفسيرها؛ حيث إنها بدأت فجأة، ألا وهي: عدم الراحة في النوم، فأذهب للنوم من الساعة الواحدة صباحا وأستيقظ عند الساعة الواحدة ظهرا، ولكن لا أشعر بأني نمت نهائيا، هذا في الأشهر الخمسة الأولى، ولكن في الفترة الأخيرة أصبح نومي قليلا متقطعا، ولا أستطيع النوم إلا بصعوبة، وإن استيقظت لأي سبب لا أستطيع العودة للنوم إلا بعد فترة.

وأحيانا أشعر بنعاس شديد وتعب خاصة بعد الظهر حتى أكاد لا أستطيع فتح عيني، وبالرغم من ذلك لا أتمكن من النوم، أو بالأحرى لا أستطيع الدخول فيه، وكأن هناك حاجزا يمنعني من الدخول فيه، وأظل هكذا فترة ثم أنام.

أثر هذا على حياتي ودراستي، فأصبحت لا أفكر إلا بالنوم، ولماذا لا أرتاح فيه؟ حيث إنه لا يوجد سبب واضح سواء أكان سببا نفسيا أو عضويا، فأنا -والحمد لله- مرتاح من الناحية النفسية نوعا ما، ومن الناحية الصحية أيضا؛ حيث إني عملت تحاليل وفحوصات، وكلها سليمة ما عدا وجود نقص في الفيتامين (د)، أصبحت في حيرة من أمري ولا أدري ماذا أفعل؟ حتى صرت أحسب ساعات نومي وأتضايق من قرب موعد النوم، وتصيبني ضيقة وخوف بدون سبب محدد، وأشعر بعدم راحة وسكينة، وأقول في نفسي: هل سأظل هكذا طوال عمري أعاني من النوم؟!

وعندما أرى شخصا في مثل عمري يتمتع بالنوم المريح، وينام وقتما يشاء بعكسي أتعب أكثر وأقول: هل أنا طبيعي؟! مع العلم أني لا أتناول المنبهات مطلقا منذ ثلاثة أشهر.

كما أني أصبحت كثير الوسوسة والخوف من المرض، فعندما أسمع أحدا يشتكي من مرض تبدأ الوسوسة، وأبدأ أفحص نفسي، وأقول: إني سوف أصاب به، وأحيانا أشعر أني مصاب به، وأني بحاجة إلى العلاج, مع علمي أنها أفكار لا أساس لها، وأحاول إقناع نفسي، ولكن لا فائدة.

علما أنه أتتني هذه الوساوس بعد إصابتي بعدم الراحة في النوم بخمسة أشهر، فأرجو من الله، ثم منكم تفسيرا لحالتي؟ وما هو العلاج المناسب؟ فلقد تعبت جدا، وأعتذر للإطالة، وهذا ما استطعت أن أختصره.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل في مثل عمرك يجب أن يكون النوم هانئا وهادئا، ويعرف أن فترة ما بعد البلوغ هي التي يستمتع فيها الإنسان بالنوم.

في حاولي خمسة إلى عشرة بالمائة من الناس في مثل عمرك قد يكون هناك اضطراب في النوم، ومن أكبر أسباب هذا الاضطراب هو: الخلل الذي يصيب الساعة البيولوجية من خلال عدم تنظيم النوم، يعني الذين ينامون نهارا ويسهرون ليلا، أو تجد الإنسان لا يثبت وقتا معلوما للذهاب إلى الفراش من أجل النوم، هذا كله يؤدي إلى اضطراب كبير جدا في الساعة البيولوجية مما يخل بالصحة النومية، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: وجود القلق النفسي حتى وإن لم يشعر به الإنسان بوضوح إلا أنه قد يكون سببا في اضطراب النوم، ونعرف أن الشباب الآن لديهم الكثير من التساؤلات حول هويتهم، حول مستقبلهم، حول آمالهم، هذا أيضا قد يولد نوعا من القلق المقنع الداخلي مما يؤدي إلى اضطراب النوم، وفي حالات قليلة جدا قد يكون هنالك نوع من الاكتئاب النفسي.

أيضا هنالك نوع يسمى بـ (اضطراب النوم غير العضوي) يعني أسبابه غير معروفة، لكن هذا نادر الحدوث، ولا أعتقد أن حالتك تنطبق عليه.

أنت أصبت بمخاوف وسواسية ثانوية نسبة لاضطراب النوم الذي لديك، وهذه الحالة تعالج -أيها الفاضل الكريم– من خلال الآتي:

أولا: يجب أن تفهم أن النوم حاجة بيولوجية غريزية لكل إنسان، إذا هو ليس تحت إرادتنا بصورة كاملة، لذا يجب أن نترك النوم يبحث عنا ولا نبحث عنه, هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: يجب أن ترتب ساعتك البيولوجية بصورة صحيحة، وهي أن تنام النوم الليلي، تذهب إلى الفراش حتى وإن لم يكن لديك رغبة في النوم، تذهب في وقت معلوم ثابت، وأنت في حالة استرخاء ذهني وجسدي، تقرأ أذكار النوم، تطبق بعض تمارين التنفس المتدرجة، وهذه يمكن الاطلاع عليها والتدرب عليها من خلال الاطلاع على استشارة موقعنا تحت رقم: (2136015).

قد لا يأتيك النوم في الليلة الأولى مباشرة أو الثانية أو الثالثة، لكن بعد ذلك سوف تحس أن النوم أصبح يأتيك بصورة جميلة وطيبة.

من الضروري جدا أن تتجنب النوم النهاري -هذه مهمة– يجب أن تستيقظ مبكرا، وتقوم لصلاة الفجر، ثم تمارس بعض التمارين الرياضية، وبعد ذلك تذهب إلى دراستك، هذه هي الحياة الصحية والصحيحة التي سوف ترتب النوم بالنسبة لك.

الأمر الآخر وهو: أن تتجنب تماما الميقظات كالشاي والقهوة في فترة المساء، وحتى الشكولاتة ربما تؤدي إلى نوع من اليقظة لدى بعض الناس.

أريدك أيضا أن تطلع على باب (علاج الأرق) في كتاب (الأذكار) للإمام النووي، هناك كلام طيب وجميل وإرشادي عظيم جدا، متى ما طبقناه -إن شاء الله تعالى– يساعدنا كثيرا.

لا بد أن تكون في راحة بال، أنت شاب ولديك أشياء طيبة جميلة في حياتك، ضع أهدافا حياتية وضع الآليات التي توصلك إليها، كن بارا بوالديك، تواصل تواصلا اجتماعيا جميلا وراقيا مع النماذج الطيبة من الشباب.

أريدك أن تنتقل نقلة تامة بحياتك، حين تنتقل هذه النقلة الإيجابية سوف يتحسن النوم لديك.

من ناحية العلاج الدوائي: هنالك دواء يعرف باسم (أنافرانيل Anafranil) والذي يسمى علميا باسم (كلوميبرامين Clomipramine) هو دواء مضاد للقلق والتوتر والوساوس، وفي نفس الوقت يساعد في النوم، لا مانع من أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونوما هانئا وهادئا.

مواد ذات صلة

الاستشارات