الرضاعة والتأثير النفسي على الطفل

0 188

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما القصد بقول الله تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)؟ هل القصد الاعتماد الكلي على الرضاعة فقط؟ بحيث أنني أعلم أنه بعد سن 6 شهور يجب البدء بإطعام الرضيع مأكولات متنوعة، وإلى أي سن يعتبر حليب الأم كافيا ومتكاملا للرضيع؟

وأليس هنالك أبعاد نفسية سلبية للرضاعة حتى سن عامين؟ بحيث أن الطفل تنمو أسنانه ويمشي ويتكلم، المقصود أنه يبدأ يتعرف على جسده وجسد الآخرين، أجد الأمر محرجا قليلا، فما رأيكم؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ساره حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.
سوف يفيدك أحد الإخوة المشايخ بتفسير الآية تفسيرا دقيقا، ومن ناحيتي أقول لك وحسب ما أعرف أن الرضاعة لمدة الحولين ليست حصرية، يعني: ألا يحرم الطفل من المكونات الغذائية الأخرى لمن أراد أن يتم الرضاعة، فالرضاعة بالفعل تتم في عامين على الأقل، ونقص بإتمامها الإتمام النفسي.

الرضاعة - أيتها الفاضلة الكريمة - هي رباط نفسي قوي جدا بين الطفل وأمه، وقد قام أحد العلماء بحرمان صغار الأرانب من الأم البيولوجية، وقام بوضع دميتين: الأولى عبارة عن هيكل حديدي متصلة به قنينة صغيرة من الحليب في مكان الثدي، والدمية الأخرى أيضا مصنوعة من أسلاك حديدية لكنها مغطاة بنوع من الفرو والجلد الناعم جدا الذي يشبه جلد الأم، ووضعت صغار الأرانب مع الدميتين، فالذي تم ملاحظته أنها تذهب للرضاعة من الأم الحديدية الملصق بها قنينة الحديد، وبعد ذلك تسحب نفسها لتلتصق بالأم الحديدية المغطاة بالفرو، وتقضي معظم وقتها في حضن هذه الدمية، ثم بعد أن تجوع تذهب وتغذي نفسها من حيث يوجد الحليب.

استمر هذا الوضع لفترة حتى استطاعت صغار الأرانب أن تأكل لوحدها، وبعد ذلك ابتعدت تماما من الأم الحديدية التي كانت تزود بالحليب لكنها لم تنفصل أبدا من الأم الحديدية التي يغطيها الفرو الناعم.

هذه تجربة عظيمة جدا، وهي دليل قاطع أن الحاجات النفسية منفصلة من الحاجات الغذائية، لكنها تتم أيضا عن طريق الرضاعة، فالرضاعة لها قيمة نفسية، كتب فيها علماء السلوك من جميع الجنسيات ومن مختلف الأديان والثقافات، وهي مؤكدة النفع من حيث الصحة النفسية للطفل.

إذا لا توجد أبعاد نفسية سلبية، إنما هي أبعاد نفسية إيجابية، والرضاعة تتيح للطفل أن يكون لصيقا بأمه ويرتقي ويتطور بتوجيه مباشر من الأم، وليس هنالك ما يمنع الطفل من التعرف على جسده وجسد الآخرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات