أعاني من الارتعاش والقلق في الاجتماعات ومن الوسواس القهري

0 172

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

دكتورنا الفاضل/ محمد عبد العليم: صبحك الله بكل خير، وجزاك عنا كل خير، ومتعك في الدنيا بمتاع الصالحين.

أعاني من مشكلة كبيرة تتمثل في أني أشعر بالارتعاش والقلق، وتشنجات في عضلات الرقبة من الخلف، وذلك عندما أكون في اجتماع، أو حضور كبير، أو أمام تلاميذي في المرحلة الثانوية -ولا يحدث معي أمام طلاب الابتدائية- وأعاني من زيادة نبضات القلب، وجفاف الحلق، وصعوبة التكلم لدرجة استهزاء طلابي مني! وأثر ذلك على حياتي الاجتماعية بشكل كامل، علما أن هذه الحالة لدي منذ أيام المدرسة (الخوف، والقلق من الاجتماعات، وإلقاء الكلمات أمام الناس).

كذلك أعاني من وسواس قهري، وما تلبث الفكرة الوسواسية أن تنتهي حتى تأتيني أشد منها حدة، وكذلك في المواقف الصعبة مثل الامتحانات لا أستطيع التحكم في السائل المنوي عند قرب نهاية وقت الامتحان، فهل من علاج سواء نفسيا أو دوائيا؟

ولكم الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ rami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك -أخي- ثقتك في إسلام ويب، وأشكرك على كلماتك الرائعة، ودعواتك الصالحة، نسأل الله تعالى القبول، وجزاك الله خيرا.

لقد اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، وأقول لك: إن شاء الله تعالى حالتك بسيطة، وأنا وصلت إلى قناعة أنك تعاني من نوع من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة، وربما يكون الخوف الاجتماعي هو الإطار المهيمن.
ويا أخي الكريم: حين أقول لك (قلق المخاوف الوسواسي) لا أعني أنك تعاني من ثلاثة تشخيصات، لا، هو تشخيص واحد؛ لأن القلق هو المكون الرئيسي للخوف، والوسواس كثيرا ما يكون مصاحبا للقلق والخوف.

حالتك -إن شاء الله تعالى- بسيطة، ويجب أن تتعامل معها على هذا الأساس، أي تتعامل معها من خلال التجاهل، وبالنسبة للخوف الاجتماعي: الإصرار على الاقتحام وإقحام النفس فيما لا تريد ولا ترغب.

أخي الكريم، أنت رجل حباك الله تعالى بأن تكون معلما، رسالتك في هذه الحياة رسالة عظيمة، ولك -إن شاء الله تعالى- الأجر والثواب، أريدك أن تكون مبدعا في مهنتك، وأن تحبها، وأن تتفاعل مع طلابك، وهذا أمر ممكن جدا.

وفي ذات الوقت أنا أؤكد لك أن ما ينتابك من خوف في بداية المواقف الاجتماعية هو خوف إيجابي، لأنه هو الطاقة التي تحركك، وفي ذات الوقت أيضا أؤكد لك أن ما تستشعره أنت من خوف داخلي هي تجربة خاصة بك أنت، لا يطلع عليها أحد، وحتى التغيرات والمظاهر الفسيولوجية التي يشتكي منها البعض لا تظهر للآخرين أبدا.

فتصحيح المفاهيم إذا يعتبر أمرا مهما، وأريدك أيضا أن تطور من مهاراتك الاجتماعية، هي متطورة، أنا أعرف ذلك، لكن أريد المزيد من التطور:
- أولا: السلام على الناس، مهارة اجتماعية عظيمة.
- ثانيا: تبسمك في وجه إخوانك صدقة.
- ثالثا: أن تكون أنت المبادر.
- رابعا: أن تكون هاشا باشا.

هذه الأمور أمور جيدة ووسائل عظيمة في التطور والمهارات الاجتماعية.

أخي الكريم: أكثر من الزيارات الاجتماعية، زر إخوتك، أرحامك، أصدقاءك، جيرانك، تبادل أطراف الحديث مع المصلين في المسجد، قم بزيارة المرضى، احضر المناسبات والأعراس، احضر الدروس والمحاضرات الدينية والثقافية، امش في الجنائز... هذه كلها علاجات من واقعنا، وهذا هو الذي يجعلها بالفعل مفيدة. كثير من الشعوب تحرم من مثل هذا النوع من العلاج الاجتماعي.

كما ذكرت لك: الأعراض الفسيولوجية من تسارع في نبضات القلب، والشعور بالاحمرار في الوجه، هي ناتجة من تغيرات بيولوجية بسيطة، وأنت تتحسسها أو تشعر بها بصورة مجسمة ومبالغة، هي أقل مما تعتقده كثيرا.

الوسواس دائما يحقر، ولا يناقش، وهذه وسيلة علاجية ممتازة، وأنا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، ويا أخي الكريم: سيكون الـ (زولفت Zoloft) من أفضل أنواع العلاجات، يسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline) والجرعة المطلوبة في حالتك ليست جرعة كبيرة، ابدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا -أي خمسين مليجراما- استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أنا وصفت لك أقل جرعة فاعلة؛ حيث إن الجرعة الكلية يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم، لكن قطعا لا تحتاج أنت لمثل هذه الجرعة، وبعد شهر من تناول العلاج إذا لم تتحسن تحسنا ملحوظا يمكن أن تضيف عقارا يعرف تجاريا باسم (إندرال Inderal) ويعرف علميا باسم (بروبرانالول Propranlol).

الإندرال كابح لمادة الأدرينالين (adrenaline) مما يزيل تماما شعورك باحمرار الوجه، وكذلك تسارع ضربات القلب. الإندرال لا يستعمل في حالات الربو، وأحسب أنك -إن شاء الله تعالى- غير مصاب بالربو، والجرعة بسيطة جدا، عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات