كيف يتخلص الإنسان من القلق ليعيش حياته بشكل عادي؟

0 159

السؤال

السلام عليكم

كيف يتخلص الإنسان من القلق ليعيش حياته بشكل عادي، وينام قرير العين، حتى لو كان لديه مشكلة مستمرة، وحلها ليس في الوقت الحالي، ولكن بعد مدة؟

كيف يتجنب الإنسان كثرة تذكرها والتحسر عليها؟ وكيف يتخلص الإنسان من عقدة تذكر حدث معين يحزنه؟ هل هذه هي أعراض المشكلة حين يستحضرها الإنسان، فيحزن؟

أنا متقلب؛ أحيانا أتفاءل جدا، وأحيانا أحزن وأيأس جدا، فعندي شخصية متذبذبة، ولكني أريد أن أصل إلى حالة من التفاؤل الحذر اليقظ؛ الذي لا يعني التفريط أو إهمال المشكلة وتصغيرها، بل الجد في حلها مع التفاؤل بالخير.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

لا بد للإنسان أن يقلق، لا بد للإنسان أن يتوتر، لا بد للإنسان أن يحزن، لا بد للإنسان أن يفرح، لا بد للإنسان أن يوسوس، لا بد للإنسان أن يخاف... هذه كلها طاقات نفسية إنسانية، من يفتقدها بالكلية لا نعتبره صحيا، ومن تهمين عليه بالكلية نعتبره أيضا صاحب علة، وكما تفضلت فالأمر هو قائم على الوسطية.

القلق طاقة محفزة جدا للإنتاجية وللإبداع والنجاح، لكنه إذا خرج عن النطاق المطلوب سوف ينقلب إلى الضد.

أيها الفاضل الكريم: الذي لاحظته من رسالتك أنك إنسان واقعي جدا، لكنك تنزعج لبعض الأمور الصغيرة، والإنسان يجب أن يكون له جدول أسبقيات في تفكيره، لا يمكن أن نتعامل مع المشاكل كلها معاملة واحدة، لا تضخيم ولا تحقير، وهذا يأتي من خلال تدريب النفس. كما أن قبول النفس ومعرفة إيجابياتها دائما يؤدي إلى الشعور بالأمان والاطمئنان.

ولا يمكن للنفس أن تستقر إلا إذا كان للإنسان أهداف في الحياة، الأهداف الحياتية: أهداف آنية، أهداف متوسطة المدى، أهداف بعيدة المدى، هكذا تقسم، إذا وضعها الإنسان ووضع الآليات والطرق والوسائل التي توصله إليها وشرع في التطبيق للوصول إلى أهدافه، هنا يحس الإنسان بإيجابية عظيمة في حياته، والشعور بالإيجابية -أو ما نسميه بالمردود الإيجابي– يجعل الإنسان مستقرا ويثق في نفسه، ويتحول قلقه من قلق سلبي إلى قلق إيجابي.

كما أن تطوير ما يعرف بالذكاء العاطي -أو بالذكاء الوجداني– يفيد كثيرا في مثل حالتك، والذكاء الوجداني أو العاطفي -كما عرفه جولمان عام 1995- هو: كيفية فهم الذات والتعامل معها إيجابيا وكذلك فهم الآخرين والتعامل معهم إيجابيا، وهذا قطعا يحتاج إلى بعض التدريبات، فأرجو أن تقرأ عن الذكاء الوجداني –الذكاء العاطفي–، وهذا سيكون له أثر إيجابي عليك.

القلق والتوترات –أخي الكريم – أيضا يمكن حصارها والتقليل منها من خلال نمط الحياة: الاطلاع، القراءة، التواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة، النوم الليلي المبكر، كل هذا يؤدي إلى استقرار نفسي كبير، ويحول القلق السلبي إلى قلق إيجابي، ويجعل المزاج -إن شاء الله تعالى- معتدلا.

أخي الكريم، الثقة المطلقة بالله وحسن الظن في الله والتوكل عليه والعبادة والصلاة والدعاء وتلاوة القرآن والركون إلى ذلك في وقت الضيق؛ أعتقد أنها من المفرجات الكبيرة للهموم. تعلم الصبر، أن تروض النفس على ذلك، أن نشكر الله تعالى على نعمه وآلائه. الحمد -أيها الفاضل الكريم– أيضا يبعث في النفوس طمأنينة كبيرة. مساعدة الآخرين، بر والدين، هذه كلها تحول طاقاتنا النفسية السلبية إلى طاقات إيجابية، وأنا أدرك تماما أنك -إن شاء الله تعالى- حريص على ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات