أعاني من حزن قديم يراودني بين فترات وأحب الانعزال.. فما تشخيصكم لحالتي؟

0 144

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أثابكم الله على جهودكم، أنا فتاة في العشرين من عمري، أعاني من بعض المشاكل النفسية، وأرغب في مشورتكم كرما، وأعتذر لو طال شرحي.

أولها: أني في كثير من الأحيان يباغتني حزن عميق جدا قد يزول بعد دقائق أو ساعة، وقد يقلب حالي إلى أن أصبح في هدوء تام لا يبدر مني أي شيء، علما أني منذ طفولتي وأنا أعيش في بيئة تحفها الكثير من المشاكل الشبه يومية، ولست شخصا بطبيعة حاله يفضفض، لذلك كنت أتحملها وأتقبلها مهما كان الضغط كبيرا، إلى أن تحسن الحال كثيرا-ولله الحمد- ولم تعد تحدث إلا بشكل طبيعي كما تحدث لأي عائلة أخرى، إلا أني لم أستطع التخلص من ذلك الحزن المفاجئ مهما حاولت.

ثانيها: أني شخص يحب الانعزال كثيرا ولفترات طويلة أحيانا، وذلك ما يزعج من هم حولي، رغم أني لست انطوائية، على العكس، فأنا أجد متعه بمجالستهم، ولا أملها، إلا أني إذا مر علي يوم لم أجد وقتا للبقاء مع نفسي فيه أشعر بضغط نفسي كبير، وكأني أختنق، فتصبح طباعي حادة جدا، ولا أرتاح إلا إذا انعزلت، لذلك إذا كان يومي مزدحما بالناس قد أؤخر موعد نومي بضع ساعات لأنعزل، لكن بالأشهر الأخيرة بدأ الأمر يؤثر علي سلبا، في حين أني صرت أنام اليوم بطوله ولا أصحو إلا قبيل منتصف الليل لأجلس مع عائلتي ساعة إلى ثلاث ساعات، أما بقية الوقت أقضيه وحدي أفكر أو في القراءة.

ثالثها: ولا أعرف إذا كانت عللا نفسية أو أشياء طبيعية، لكن ما يجعلني أفكر هو أنها اجتمعت بي كلها، وأخاف أن تكون عللا أنكرها، وهي أني أحب الأشياء التي كثير من البشر لا يحبها، أو يتشاءم منها، أو يخافها، كبعض الطيور، مثل: الغراب، والبوم، والخفافيش، وكل ما يندرج تحت اللون الأسود بشكل عام، علم الماورائيات والبحث والتدبر في أمورهم بشغف ونهم، وما يشمل السحر بدافع الفضول لا للتعلم، وما يمنعني هو أنه عمل محرم، لذلك أجدني أقرأ عنهم بكثرة من قصص ومواضيع.

هذا ما لدي، وأرجو أن أجد لديكم المشورة والفائدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالاستشارة ذات بعد نفسي تحتاج إلى أن تحال للمستشار النفسي ليشخص حالتك ويصف لك العلاج المناسب، وفي كل الأحوال أنت محتاجة إلى كثرة التعلق بالله سبحانه، والإقبال عليه بالطاعة، والعبادة، وكثرة الذكر، والاستغفار، والتسبيح، وقراءة القران، والدعاء، والتضرع إلى الله سبحانه، لما لذلك من أثر عظيم على استقرار النفس وهدوئها، وذهاب الحزن والهم عنها، فإن تشتت النفس وقلقها وضنكها أغلبه يأتي من وساوس الشيطان وخواطره السيئة، وتسلطه على النفس ضعيفة الإيمان.

فحاولي أن تجعلي لك ببرنامج يومي لتقوية إيمانك، وتحصني بالأذكار في كل صباح ومساء، واشغلي وقتك في ذكر الله وطاعته، ولا تستسلمي للهم والحزن، ولا لخواطر النفس السلبية.

بالإضافة إلى ما سيصفه لك المستشار النفسي من علاج لحالتك، وإن شاء الله تجدي تحسنا في حالتك.

وفقك الله لما يحب ويرضى وشفاك من كل داء.
___________________________________________________
انتهت إجابة الأستاذ الدكتور/ حسن شبالة-مستشار العلاقات الأسرية والتربوية-.
وتليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
____________________________________________________

تدارست رسالتك وحاولت أن أصل لبعض التحليلات النفسية السلوكية، والذي وصلت إليه: أولا أقول لك أنك لست مريضة مرضا نفسيا حقيقيا أو مطبقا، أو مرضا رئيسيا، إنما الذي تعانين منه هو بعض الظواهر النفسية، ظواهر تتعلق بالبناء النفسي لشخصيتك، حيث إن شخصيتك تميل إلى الكتمان، وربما ضعف التفاعل الاجتماعي، وهذه الحالة الانعزالية النفسية الداخلية ولدت لديك حوارات نفسية داخلية كثيرة، ونسبة لعدم وجود محابس نفسية تفتح وتغلق في الوقت المطلوب حدثت تراكمات نفسية سلبية كثيرة جعلتك تحسين بالتشاؤم والتطير، وفي بعض الأحيان يعتريك هذا الحزن العميق، والشعور بالكدر وعدم الإيجابية.

هذا هو الذي أراه من الناحية التحليلية النفسية، وهذه ظواهر وليست أمراضا كما ذكرت لك.

المطلوب منك هو أن تبدئي تتفهمي نفسك على أسس جديدة، أن تنظري للأمور بإيجابية، في شخصيتك، في طريقة تعاملك مع الناس، آمالك المستقبلية، خططك الحياتية، تعاملك مع أسرتك... انظري للجوانب الإيجابية في كل هذا، وهذه الجوانب الإيجابية حتى وإن كانت بسيطة يجب أن تطوريها، وفي ذات الوقت انظري فيما هو سلبي، وحاولي أن تخفضي في معدله حتى يتلاشى.

هذه هي الموازنة النفسية الصحيحة، أن تعززي ما هو إيجابي، وأن تقلصي ما هو سلبي، وهذا يتطلب منك أن تحللي نفسك بصورة صحيحة، وأن تفهمي نفسك، وأن تقبلي نفسك، ثم تسعي لتطويرها.

والإنسان لا يمكن أن يطور نفسه إلا إذا كانت لديه أهداف واضحة في الحياة، وهذه الأهداف يمكن أن تكون أهدافا آنية، أو أهدافا متوسطة المدى، أو أهدافا بعيدة المدى.

الهدف الآني: هدف بسيط يجب أن نحققه خلال أربع وعشرين ساعة، مثلا زيارة مريض، هذا هدف وهدف عظيم جدا، حين ينفذه الإنسان ما يجنيه نفسيا واجتماعيا - وكمكافأة ذاتية - يكون عظيما جدا... وهكذا.

والهدف المتوسط: مثلا في خلال ستة أشهر، أن تضعي مخططا أن تحفظي ثلاثة أجزاء من القرآن مثلا، أو تتحصلي على شهادة معينة أو دبلومة معينة، هذا هدف وهدف عظيم... وهكذا.

والهدف البعيد: الأهداف المعروفة، السعي لرضاء الوالدين، إكمال التعليم، الزواج، وخلافه.

فإذا من خلال هذا المخطط تستطيعين أن تطوري من مهاراتك ومقدراتك.

وأنصحك حقيقة -كما نصحك الأخ الأستاذ الدكتور حسن شبالة- بتقوى الله في كل شيء، فهي رأس الأمر، وعليك بالتواصل الاجتماعي، التواصل الاجتماعي الإيجابي البناء هو الذي يجعلنا نطور مهاراتنا على جميع الأصعدة.

وأنت محتاجة للتعبير عن ذاتك، لأن التعبير عن الذات هو التفريغ النفسي الصحيح والحقيقي والذي يعود علينا دائما بعائد إيجابي، وبر الوالدين يبعد عنا الحزن والكرب.

أنت أيضا محتاجة لتطوير ما نسميه بالذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني لديك، لأن الذكاء الوجداني أو العاطفي هو الذي يعلمنا كيف نتعامل مع ذواتنا وأنفسنا بصورة إيجابية، وكذلك يعلمنا كيف نتعامل مع الآخرين، فاقرئي عنه وسوف تستفيدين كثيرا من ذلك وتنتفعي بإذن الله تعالى.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات