يصيبني صداع، وتشتت، وعدم قدرة على الكلام

0 54

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم وفي سعيكم، لن أطيل المقدمة وسأدخل بالموضوع مباشرة.

أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاما، كنت كأي فتاة في جيلها تملئني السعادة والطاقة الإيجابية والتفاؤل، وقدر الله ومررت بظرفين توالا علي بالحدوث أفقداني بهجتي، بل أفقداني نفسي وراحتي، أنا راضية ولله الحمد بقضاء الله وقدره، ولازلت أسعى لأن أكون متفائلة وسعيدة، ولكن أصبت بصداع الشقيقة، وصرف لي الطبيب دواء اميرول10، وتوبامكس25 حبة من كل نوع يوميا، لي الآن 9 أشهر مستمرة عليها، ولله الحمد خف الصداع كثيرا، كنت أعاني من عرض جانبي أيضا وهو التشتت، وعدم القدرة على الكلام، مع أني لم أكن هكذا أبدا.

وهذا ما دفعني لطلب المشورة منكم، فأنا الآن متزوجة، ويحدث أن أتكلم أو أحضر مناسبات عديدة، ولكن أثناء الحديث مع الناس لا أشعر أني طبيعية، ولا أستطيع استدعاء الكلمات المناسبة للحديث أو الموقف، فأنسى جميع المصطلحات وجميع الجمل بشكل غريب ومحرج لي.

أشعر أن دماغي مشوش ومشتت كثيرا، ولا أستطيع التركيز بأمر معين! هل الصدمات التي أصابتني هي السبب بهذا؟ أم أن الحبوب التي أتناولها هي السبب؟ أيضا هل هذه الحبوب تعالج هذا الصداع أم أنها مجرد وقاية له؟

ثانيا: كيف أصبح شخصية مستقلة بعالمي؟ بحيث أصنع لي جوا خاصا لا يؤثر علي أحد، حيث أني أملك شخصية ضعيفة شديدة التأثر بالمحيطين بي، فأتمنى منكم النصيحة، كيف أتخلص من هذا الأمر؟

وأخيرا، أرجو منكم الدعاء لي بأن يشفيني الله مما أصابني، وأن يجعلني أحسن حالا مما كنت عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ghada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على الثقة في إسلام ويب، ونسأل الله لك ولنا ولجميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة.

الأحداث الحياتية التي مررت بها وسببت لك ما تعانين منه، أرجو ألا تضخميها، قد تكون أحداثا شديدة لكنها انتهت، ومقدراتك موجودة، والحياة تجارب، فيها ما هو سلبي وما هو إيجابي، والتجارب تعلم الإنسان وتحسن من مهاراته.

الآن أنت في مرحلة جديدة ما بعد الزواج، ويجب أن تعدي نفسك إعدادا طيبا وناجحا في هذه المرحلة. إعداد النفس مهم، الإعداد الفكري الإيجابي، إعداد المشاعر، وكذلك الأفعال والسلوكيات، والعوامل البيئية حين تتفاعل مع العوامل الوراثية تؤدي إلى السلوك الإنساني وكذلك المشاعر.

فاسعي أن تجعلي بيئتك الحياتية مريحة بقدر المستطاع، وإن كانت المؤثرات الخارجية تفرض نفسها على الناس في كثير من الأحيان، لكن الإنسان يمكن أن يستوعبها، وطريقة تفسيرنا للأحداث الحياتية مهمة جدا لتحديد مشاعرنا وأفكارنا وكذلك سلوكنا.

الذي تعانين منه الآن هو نوع من التشتت الذهني والذي أرى أن مرده القلق، ويظهر أن مراقبتك لنفسك شديدة جدا، القدرة على عدم استدعاء أو وجود الكلمات المناسبة عند الحديث دليل على وجود القلق الداخلي ودليل على المراقبة الذاتية الوسواسية الصارمة، فأنت تبحثين لا أقول عن الكمال لكن انضباط اجتماعي خاص، وهذا لا يمكن للإنسان أن يصل إليه، فمن المهم جدا أن تكوني عادية جدا، أن تكوني أكثر ثقة في نفسك، وأنت مقتدرة.

وطبقي تمارين الاسترخاء بكثافة، تمارين التنفس التدرجي، تمارين قبض العضلات وشدها ثم إطلاقها، هذه تساعدك كثيرا جدا.

وربما تكوني محتاجة أيضا لجرعة صغيرة من أحد الأدوية المضادة للقلق، عقار مثل (فلوناكسول) والذي يسمى علميا (فلوبنتكسول) بجرعة نصف مليجرام يوميا لمدة شهر، أرى أنه سيكون جيدا ومساعدا لك جدا.

بالنسبة لسؤالك: هل الصدمة التي أصابتك هي السبب أم الحبوب؟
قطعا الأحداث الحياتية – أو ما سميته بالصدمات – لعبت دورا؛ لأنها تعتبر أسبابا مهيئة للقلق وللتوتر، لكن يظهر في ذات الوقت أصلا لديك القابلية والاستعداد، وهذه هي الأسباب المرسبة.

بالنسبة للحبوب: عقار (توباماكس) ربما يؤدي إلى إضعاف بسيط في التركيز، هذا إذا استعمل بجرعات عالية ولفترات طويلة، وبما أن جرعتك جرعة صغيرة - وهي خمسة وعشرين مليجراما يوميا - فلا أعتقد أنه هو السبب فيما تشتكين منه من عدم القدرة على التركيز بصورة معينة.

وهذه الحبوب تعالج الصداع، وفي ذات الوقت هي من أجل الوقاية. عقار (توباماكس) يضاف إليه عقار (إندرال) هي من أفضل الأدوية التي تؤدي إلى الوقاية من الصداع النصفي أو ما يعرف بالشقيقة على وجه التحديد.

بالنسبة لسؤالك: كيف تصبحين شخصية مستقلة بعالمك؟
أن تكوني إيجابية في أفكارك وفي مشاعرك وفي أفعالك. لكن لا بد للإنسان أن يعيش في مجتمعه، وأن يتطبع بطباع مجتمعه وبيئته، لا يمكن للإنسان أن يعيش متفردا، والتفاعل الاجتماعي هو من الأشياء المطلوبة في حياتنا، بل وجد أن أسعد الناس وأفضل الناس والذين يتمتعون بأعلى درجات الصحة الإيجابية هم الذين لديهم نسيج وفعاليات اجتماعية قوية.

وأرجو ألا تتهمي نفسك بأنك شخصية ضعيفة، أنت لست ضعيفة، يجب أن تحسني تقدير ذاتك، لا تضخميها، ولا تقللي من حقها، ودائما حاولي أن تقيسي نفسك بإنجازاتك، بأفعالك، هذا مهم جدا، والذي ليس له إنجازات وليس له أفعال لا بد أن يسعى نحو ذلك.

وأرجو أيضا أن تقرئي حول الذكاء الوجداني، الذكاء الوجداني يعلمنا كيف نتعامل مع أنفسنا إيجابيا، وكيف نتعامل مع من حولنا على ذات الشاكلة. هناك كتاب مشهور لرائد هذا العلم - علم الذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني - الكتاب للدكتور (دانيال جولمان)، وقد كتب هذا الكتاب سنة 1995، وهذا العلم -أي علم الذكاء الوجداني- يعتبر من العلوم الرائدة والمهمة جدا في حياتنا.

هذا أنصحك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات