قررت الاستقالة من عملي ثم عدت وأصابني خوف.

0 22

السؤال

السلام عليكم.

حصلت على عرض عمل براتب أكبر ولكن بمحافظة أخرى بعيدا عن محافظتي، وقبلت العرض وكنت في طريقي إلى تسليم العمل إلا أنني أصبت بحالة من الخوف الشديد، وعدم النوم لمدة 7 أيام متواصلة.

قررت العدول عن الاستقالة، وأبلغت عملي ورحبوا بعودتي، غير أن حالة الخوف والتوتر لم تزل، بل تنتابني أفكار أني سأفقد عملي، وأني أضعت عمري بهذه الوظيفة، وأن المستقبل الوظيفي لي غير مضمون، ويمكن طردي من الوظيفة في أي وقت، أو أن الشركة لا تستطيع توفير رواتب موظفيها، وهو ما يعرضني للضر المالي، وعدم استطاعتي لسد التزاماتي المالية تجاه أبنائي، إلى الآن لا أستطيع النوم، هذا بالإضافة إلى خوفي من كل شيء.

ذهبت للطبيب الذي شخص حالتي أنها توتر شديد، ووصف لي ميرتوفيتال 30 مجم قرصا ليلا، وكونترلبسي 25 مجم قرصا صباحا، وهيرمبرو 10 مجم قرصا صباحا، غير أن حالتي لم تتحسن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: أرجو ألا تعتبر نفسك مريضا، الذي حدث لك نسميه بعدم القدرة على التكيف، وعدم القدرة على التكيف - أو عدم القدرة على التواؤم - تلعب فيه الظروف الاجتماعية للشخص، وكذلك البناء النفسي لشخصيته دورا كبيرا، فأنت وجدت وظيفة براتب أفضل، ولكنك لم تستطع أن تتكيف مع هذا الوضع وأصبت بهذا الخوف والتوتر، وبعد ذلك أتى لك ما نسميه بالقلق التوقعي ذو الطابع الوسواسي، وظهر هذا في شكل هواجس حول المستقبل ومصير الوظيفة ومعايش الأولاد.

هذا كله قلق وسواسي توقعي، وأنت حين رجعت لوظيفتك السابقة ربما يكون هنالك نوع من محاسبة النفس - على مستوى العقل الباطني - أن قرارك لم يكن صحيحا، لماذا لم تذهب لتلك الوظيفة فهي أفضل...الخ، وهكذا الإنسان - أخي الكريم - تأتيه الهواجس ويتقلب مزاجيا حين يكون في مثل هذه المواقف.

الأمر في غاية البساطة - أخي الكريم -، يجب أن تقتنع بما أنت فيه الآن من عمل ووظيفة، وتكون مثابرا، وتجتهد، واعلم أن الأرزاق بيد الله، وحتى إن انتهت الوظيفة فهذا سوف يقع على الجميع وليس عليك أنت وحدك، وأنت ونحن نرزق من فضل الله لا من الوظيفة، وإنما الوظيفة سبب من أسباب، وخزائن الله ملأى، وأنت رجل ذو مهارات وذو مقدرة وذو معرفة وتبحث عن وظيفة جديدة، الأمر في غاية البساطة أخي الكريم.

لا تتخوف حول الرزق أبدا، فهو إن شاء الله متاح وموجود بإذن الله، علينا فقط السعي إليه، وعلينا أن نجد، وخير مثال على التوكل على الله في حصول الرزق ما ضربه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا).

كل الذي بك - كما ذكرت لك - هو عدم القدرة على التواؤم، وعدم قدرة على التكيف، وهذه الحالات لا تعالج دوائيا، مع احترامي الشديد للطبيب الذي ذهبت إليه، لكن أنت مطالب في المقام الأول بأن تصحح مفاهيمك، بأن تتخلص من هذه الأفكار السلبية، بأن تبني قناعات جديدة، وأن تجتهد في عملك هذا، وأن تطور مهاراتك، وأن تكثر من التواصل الاجتماعي، وأن تمارس رياضة المشي، فهي مفيدة جدا، وأن تحرص على صلواتك الخمس في المسجد، وأذكار الصباح والمساء، وأن يكون لك وردك القرآني، وأن تصل أرحامك وذويك وأصدقاءك.

هذا هو الذي يخرجك - أخي الكريم - من هذا الذي أنت فيه، وأنا لا أعتقد أنك محتاج لأكثر من هذا.

لا مانع أن تتناول دواء بسيطا يساعدك على النوم ليلا لمدة أسبوعين أو ثلاثة، الأدوية التي وصفت لك غير معروفة لدي، لأن مسمياتها مسميات تجارية، أنا متأكد حين تزور الطبيب في المرة القادمة سوف يخفف لك هذه الأدوية، وربما يتركك على الدواء الذي يساعدك في النوم وإزالة القلق والتوتر.

أنت لم تتحسن لأنك جعلت نفسك في موقع المريض، اكتسبت صفة المرض وأنت لست مريضا، هذه ظاهرة - أخي الكريم - بسيطة جدا، واعتقدت أن علاجك هو العلاج الدوائي، علاجك ليس العلاج الدوائي، علاجك هو: أن تربط نفسك بالواقع، وأن تخضع الأمور للمنطق، وأن تكون أكثر إيجابية في تفكيرك، وأن تسعى وتجتهد وتكون أكثر توكلا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات