هل أعاني من الوسواس؟ أرجو التشخيص.

0 17

السؤال

السلام عليكم.

دائما أفكر في أسئلة غريبة، وأحاول عدم التفكير فيها بقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومحاولة التفكير أو فعل شيء آخر، لكنني أفكر هل لهذه الأسئلة إجابات؟

مثلا: الكفار الأغنياء، أو من عاش في الدنيا سعيدا منهم، والكفار الفقراء، أو من عاش حياة غير سعيدة، أو حياة شاقة كيف يتساوون، هل يتم تعويض من عاش حياة قاسية منهم؟ وكثيرا ما أفكر ماذا لو لم أولد مسلمة؟ وأشعر بالخوف الشديد.

ولماذا هناك أشخاص قلوبهم مفتوحة للهداية وآخرون مغلقة، أليس الله قادر على جعل القلوب جميعا مفتوحة للهداية، هل هي ظروف حياتهم التي جعلتهم هكذا؟

ماذا لو كنت فى مكانهم؟ وربما أكون منهم فعلا، وكثيرا ما أفكر في الحياة، ولم أفهم سبب وجودي، فأنا إنسانة عادية، ودائما أشعر بالغضب الشديد إذا قلت لنفسي ما العيب في أن تكوني مثل سائر الناس؟ فأنا لا أريد انا أعيش وأموت بلا فائدة.

عندها أفكر لماذا أنت دون الآخرين ستكونين مميزة؟ يقولون: من يريد تحقيق شيء سيحققه طالما كنت وما زلت مقتنعة بهذه الفكرة، ولكن القدرة على المحاولة والكفاح لتحقيقه هي نعمة ليست موجودة لدى الكثير، فمن لديه سيفعل ما يريد، أما البقية فلا.

لن أتحدث بتشاؤم كليا، فأنا أستطيع تحقيق أحلامي الصغيرة العادية، أما الكبيرة فلنكن واقعيين، ليس لدي هذه النعمة، وهي الاجتهاد لتحقيقها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Shery حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه مصلحتك في دنياك وفي آخرتك.

وأولا: يسرنا أن نؤكد لك أن ما فعلته من الإعراض عن هذه الأسئلة وعدم التفكير فيها والاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وشغل نفسك بأشياء أخرى عنها، يسرنا أولا أن نؤكد لك بأن هذا هو الطريق الصحيح للتخلص من هذه الأسئلة ووردها عليك، وأنك إذا صبرت على هذا الطريق فإنها ستزول عنك -بإذن الله تعالى-، ومما يعينك على ذلك أن تتذكري أن هذا مما يرد عليك من الأسئلة لا خير لك فيه، ولا منفعة دينية أو دنيوية عاجلة أو آجلة، و (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإيمان المؤمن أيضا يدفعه إلى أن يحرص على ما ينفعه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).

والإجابة عن الأسئلة الخاصة بأحوال الكفار: لا حاجة لك فيها ولا منفعة تترتب عليها، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين، وهو سبحانه الحكم العدل، والكافر الذي كان ينعم في الدنيا سيساءل ويحاسب يوم القيامة، وسيزيد عذابه على قدر النعم التي استهلكها أولا ولم يؤد حقوق الله تعالى فيها، فإنه مسؤول عن ذلك.

وأما تخوفك فيما لو لم تكوني مسلمة: فهذا ظاهر لك جدا أنه وساوس شيطانية، يريد الشيطان بها أن يصرفك عما ينفعك، ويدخل الرعب والخوف إلى قلبك، فلا تلتفتي إليها، بل الواجب أن تشكري نعمة الله سبحانه وتعالى عليك، أن أوجدك في بيئة مسلمة وهداك للإسلام، وشكر هذه النعمة يتمثل في مظاهر عديدة، أولها: القيام بطاعة الله سبحانه وتعالى بأداء فرائضه واجتناب ما حرمه عليك.

وأما من لم يعرف الإسلام أو لم يوجد بين مسلمين فأمره إلى الله سبحانه وتعالى في الدار الآخرة، فإن كانت لم تقم عليه حجة في الدنيا ولم يسمع بهذا الإسلام فإن الله سبحانه وتعالى سيختبره يوم القيامة، أما أنت فعليك أن تتفكري في أحوالك.

وعجيب من المسلم أن يقول: (لم أفهم سبب وجودي)، والله تعالى يخبرنا في كتابه الكريم عن السبب الذي من أجله أوجدنا جميعا، فقال سبحانه: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فالحكمة الكبيرة من إيجادنا القيام بعبادة الله تعالى، ومن عبادة الله سبحانه وتعالى تعمير هذا الكون لنتخذه وسيلة ليبلغنا رضوان الله سبحانه وجل شأنه.

ولذا ننصحك أن تشتغلي بما ينفعك امتثالا للأحاديث السابقة التي ذكرناها لك، واعلمي أن قدر الله سبحانه وتعالى سابق، وأن كل شيء بقضاء وقدر، ولكن الإنسان مأمور بالأخذ بالأسباب المؤدية إلى الخيرات والمنافع واجتناب الأسباب المؤدية إلى المكاره في دنياه وفي آخرته، ويستعين بالله تعالى على ما يحب، فإن أعظم آية في كتاب الله جمعت مقاصد القرآن كله -كما يقول العلماء- هي قوله سبحانه وتعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}.

فاستعيني بالله سبحانه وتعالى على ما فيه صلاحك، واصرفي الذهن عن هذه التساؤلات التي لا خير لك في كثير منها.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات