علاج الإحساس بالضياع وفقدان طعم السعاة والملل من الحياة

0 381

السؤال

ماذا يفعل الإنسان إذا أحس بالضياع وفقدان طعم السعاة وأن موته وحياته سيان، فلا يحس بوجود هدف يعيش من أجله، وأن كل فرصة في الحياة لتعديل وضعه قد انتهت، وأنه مهما سيفعل سيكون متأخرا جدا على الحصول ولو على جزء بسيط من السعادة، فلا يستطيع أن يحدد ماذا يريد أو ماذا يحب أو ماذا يفعل؟ وحتى إن فعل فلا يعرف إذا كان ما فعله صحيحا أم لا؟!!


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ أم عادل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا...وبعد.

فإننا لا نوافقك على هذه النظرة للحياة، والمؤمن لا ييأس؛ لأنه يعرف أن التوفيق بيد الله، وأن عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وأرجو أن تعلمي أن عددا من المبدعين المنتجين من الكفار والمسلمين لم يبدأ عندهم النبوغ إلا بعد الثلاثين، وبعد أن يئس منهم الآباء والمعلمون، وربما فصل بعضهم من الدراسة كما حصل (لأديسون)، واستفاد الكسائي من عزيمة النملة وإصرارها.

وفرص الحياة ليس لها وقت محدد أو عمر محدد؛ لأن واهب التوفيق والنجاح هو واهب الحياة العظيم الفتاح، لكن النجاح الحقيقي يبدأ بالثقة في الله وحسن الإنابة إليه، وكمال التوجه إليه، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

كما أن النجاح يحتاج إلى الاجتهاد، والسعي في الأرض التي مهدها وسخرها رب العباد، ولابد من طلب للعلم بعد تحديد للهدف، مع ضرورة التدرج في الوصول إليه، مع ملاحظة أن يكون الهدف معقولا ومناسبا للقدرات والإمكانات المتاحة، والمؤمن له أهداف قصيرة المدى، وله هدف عظيم وهو الفوز برضوان الله.

ولست أدري ما هو تصورك للسعادة! لأن بعض الناس يظن أنها في المال ولكنه لم يجدها، بل يوجد عدد كبير من الناس شقي بأمواله، وظنها بعضهم في المناصب، فخاصم وكذب حتى نال المناصب لكنه لم يجد السعادة، وهناك من ظن السعادة في امرأة حسناء وعمارة تناطح السماء، لكنه لم يجدها، ووجدها ابن تيمية في سجنه، وإبراهيم ابن أدهم في فقره وزهده بعد فراره من ملكه وقصره حتى قالوا: إنا لفي سعادة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف.

وصدقوا والله، فإن السعادة لا تنال إلا بطاعة الله وذكره والأنس به سبحانه، قال تعالى: (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))[الرعد:28]، وقال سبحانه: (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ))[الأنعام:82].

ولا شك أن السعادة تبدأ بطاعتنا لله، والرضا بقضائه وقدره، والإحسان إلى خلقه، واعلمي أن للحسنة ضياء في الوجه، وانشراحا في الصدر، ومحبة في قلوب الخلق، وسعة في الرزق، وأن للسيئة ظلمة في الوجه، وضيقا في الصدر، وبغضة في قلوب الخلق، وقد يحرم الإنسان الرزق بالذنب يصيبه.

فاجتهدي في طاعة الله، وأشغلي نفسك بذكره، وتذكري من هم أسفل منك حتى تعرفي مقدار نعم الله عليك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات