أعاني من وسواس وأفكار كثيرة ومخاوف

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل أربع سنوات بدأت لدي فجأة مخاوف من الإصابة بالجنون بدون أي سبب، وبعد سنة تقريبا بدأت عندي أفكار غريبة، مثلا عندما كنت أقرأ عن أعراض مرض الفصام أقول لنفسي إني مصاب بها، ولكن ذلك ليس صحيحا، وأيضا أفكار أخرى، مثل أني قد فعلت أشياء أنا أعرف أني لم أفعلها، وأشك في أشياء، مثلا أقول: ماذا لو أن أمي ليست أمي الحقيقية؟ أو ماذا لو أن أحد إخوتي قد مات؟ وهذا شيطان متصور بشكله!

مع أني أعلم أن هذه الأفكار ليست صحيحة، ولكنها تلازمني، كما أعتقد أن هذه الأفكار هي استجابة لأشياء مشابهة لمرضى يعانون منها، مثلا سمعت أن أحد الجيران لديه مشاكل نفسية وهو يخاف من الاختلاط بالناس، ولا يذهب إلى الحلاق إلا مع مرافق، فشعرت أني مصاب مثله، ثم يزول ذلك الشعور بعد مدة، ولو سمعت عن أي مرض نفسي وليس جسديا فستأتيني أفكار أني مصاب به.

كل ما لدي من أفكار هي منتسخة من حالات مشابهة، ولكنها ملازمة لي، فما هي حالتي؟ وما هو العلاج؟ وشكرا.

وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

سؤالك واضح جدا، وقد وصفته بصورة جميلة، والذي تعاني منه هو نوع من المخاوف الوسواسية، الوساوس فعلا تأتي في شكل تساؤلات وأفكار محيرة ومحزنة للإنسان، ويعرف الإنسان سخفها، لكنه قد يجد صعوبة في التخلص منها.

حالتك ليست استنساخا من حالات أخرى، فلكل إنسان تكوينه وطريقة تكيفه وبناؤه النفسي، لكن الوساوس بصفة عامة منتشرة ومنتشرة جدا.

الأخ الذي هو من الجيران مثلا، واضح أنه يعاني من رهاب اجتماعي، أو يعاني من حالة نسميها (رهاب الساح) أي: الخوف من أن يكون الإنسان وحده في أماكن غريبة أو أماكن مفتوحة، وهكذا، الحالات كثيرة.

أرجو -أيها الفاضل الكريم- ألا تناقش هذه الأفكار، توقف الفكرة في بدايتها، وتقاومها، وتستبدلها بفكرة مخالفة، وتصرف انتباهك عنها بالكلية، ويمكن أن تطبق ما نسميه بتمارين (إيقاف الأفكار)، في بداية الفكرة وقبل أن تتكون لتصبح فكرة كاملة – أي حين تكون مجرد خاطرة بسيطة – تخاطبها قائلا: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة سخيفة، فكرة وسواسية، أنا لن أهتم بك ...) وهكذا، تردد هذا القول بجدية، وبالفعل تصرف انتباهك مباشرة وتنتقل لفكرة أخرى تكون حول موضوع طيب وجميل.

أخي الكريم، أيضا أكثر من الاستغفار، وقول (آمنت بالله)، لأن أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكوا من هذه الوساوس، ونصحهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقولوا: (آمنا بالله)، أو أمر من يأتيه مثل هذه الوسواس أن يقول: (آمنت بالله) وأن يقول: (أعوذ بالله من الشيطان)، وأن ينتهوا، ينتهوا يعني: ألا يخوضوا في نقاشها.

هنالك أيضا تمارين نسميها (تمارين التنفير) بأن ينفر الإنسان نفسه من الفكرة الوسواسية، والتنفير يمكن أن يطبق بعدة طرق: مثلا إذا قمت بشم رائحة كريهة وفي نفس اللحظة فكرت في الخاطرة الوسواسية، الجمع بين هذا الشعور بقبح الرائحة الكريهة والوسواس في نفس الوقت يضعف الوسواس.

أيضا هناك تمرين تنفيري آخر: الضرب على اليد على جسم صلب، إذا قمت بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح صلب كسطح الطاولة مثلا - ولا بد أن تكون الضربة شديدة لتحس بالألم - وقرنت هذا الألم في نفس اللحظة بالخاطرة الوسواسية، وكررت هذا التمرين مثلا عشرين مرة متتالية، فإن هذا يضعف الوسواس ولا شك في ذلك، هذا نسميه بالعلاج عن طريق التنفير.

الخطوة الثالثة هي ومهمة جدا، أن تشغل نفسك بما هو مفيد، وأن تحسن إدارة وقتك، وأن تتجنب الفراغ، لأن الفراغ يولد الوسواس، وحتى نتأكد -إن شاء الله تعالى- من علاجك بصورة جيدة وممتازة، أريد أن أصف لك علاجا دوائيا مفيدا وسهلا، وهو سليم وغير إدماني، الدواء يسمى علميا (سيرترالين)، وله عدة مسميات تجارية منها (زولفت) و(لوسترال) وربما تجده في بلدكم تحت مسمى تجاري آخر.

تبدأ في تناول الدواء بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين – أي مائة مليجرام – يوميا لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى حبة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم تجعل الجرعة نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات