أهتم كثيرا لكلام الناس ونظراتهم، فما الحل؟

0 17

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله كل خير على مجهودكم.

أنا أعاني من أشياء نفسية متضاربة، ولا أستطيع أن أحدد ما هو المرض النفسي الذي أعاني منه، وسوف أشرح حالتي بشكل دقيق لأحصل على جواب شافي.

مشكلتي أني دائما أفكر في الناس حتى وأنا مشغول، وهذا يجهدني ويتعبني جدا ويسلب مني سعادتي وراحتي، مثال على ذلك عندما آكل في مطعم أو مكان عام أفكر أن جميع الناس تنظر لي، وتأتي أفكار سلبية على ذهني، وأشعر أنهم يستهزؤن بي، حتى عندما أكون مع أصدقائي المقربين لا أشعر بالراحة أثناء الضحك، أو الكلام، دائما أفكر كيف يروني الناس وأنا أضحك أو أتكلم.

يوجد بداخلي سعادة، ولا أعاني من اكتئاب، لكن القلق الدائم يدمرني تماما، حتى عندما أكون منفردا مع نفسي في مكان عام أكون متوترا وقلقا، أحاول التغلب على هذه الأمور لكني لا أستطيع.

أشعر أن الناس تراقبني أثناء عملي أو طعامي أو أي شيء أفعله، أكثر ما يألمني أن حياتي تضيع والوقت الجميل من عمري يذهب بسبب هذه الأشياء التي تلازمني في مخيلتي، ولا أستطيع التخلص منها، وأيضا عندي مشكلة في التواصل مع الناس، عندما يكون الطرف الآخر ينظر في عيني ويستمع لي جيدا أشعر أني يجب أن أنهي كلامي بشكل مختصر وسريع جدا، وليس لدي أي مشكلة عضوية أنطق جيدا، وأتكلم جيدا.

أتمنى أن يكون الحل في التمارين النفسية، وليس عن طريق الأدوية.

جزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تقبل الله طاعاتكم وكل عام وأنتم بخير.

الذي وصفته من سمات وأعراض تزعجك يمكن أن نضعه في إطار ما يعرف بالشخصية الشكوكية أو الشخصية البارونية أو الظنانية، كلها مسميات تؤدي إلى نفس المعنى.

فأنت لديك هذا التوجس والتخوف من مقاصد الناس حولك، وتأتيك هذه الإسقاطات النفسية، وعلماء السلوك يتحدثون عما يسمونه بـ (حدود الأنا) أو ما يعرف بـ (حدود الإيجو EGO) كل إنسان يجب أن تكون له خصوصية الإيجو، أي أن الأنا الخاصة به لها حدود قائمة ما بين الإنسان وما بين عالمه الخارجي.

لكن في بعض الأحيان تحدث هذه الاختراقات، الإنسان يحس أنه مخترق نفسيا، أنه يراقب، أنه تحت تفكير الآخرين وتحت رصدهم، وهذا نوع من سوء التأويل لا شك في ذلك.

طبعا هذه الحالات حين تتطور، وتكون بشدة ويفتقد الإنسان البصيرة، وتكون هذه الأعراض مطبقة؛ هذا يعتبر مرضا ذهانيا، لكن ما تحدثت عنه لا أعتبره مرضا ذهانيا، أعتبره نوعا من سمات الشخصية، وهو موجود، وهذه الحالات أيضا يصاحبها بالفعل القلق والتوتر وربما عسر في المزاج، وبما أن الإنسان يكون غير مطمئن لمقاصد الآخرين فتجده لا يرتاح أبدا في المواقف الاجتماعية.

أيها الفاضل الكريم: حسب المعلومات العلمية المتاحة هذا هو الأقرب لتشخيص حالتك، وإن كان بالإمكان أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا؛ هذا سيكون أمرا جيدا، لأن هنالك بعض المقاييس النفسية التي يمكن تطبيقها من أجل تحديد نوعية الشخصية التي يتسم بها الإنسان.

حالتك ليست مرضية -إن شاء الله تعالى-، إنما هي ظاهرة، وهذا الأمر يمكنك التخلص منه بالإصرار على التفاعل مع الناس، وأن تحسن الظن بالناس، وأن تحقر هذه الأفكار، أفكار أن الناس ينظرون إليك وأنهم يستهزئون بك، حقر هذا الفكر، وعليك برفضه تماما، بل تفكر في عكسه، أن الناس معظمهم أفاضل، وأن ما تعتقده من أفكار هي أفكار خاطئة، وتقوم بالتطبيقات العملية، أن تتواصل مع الناس، أن تلبي الدعوات، أن تأخذ المبادرات الاجتماعية، أن تصلي مع الجماعة، أن تجالس أصدقائك، وفي محيط عملك أيضا تحاول أن تتفاعل اجتماعيا.

هذا – يا أخي – هو العلاج الأساسي لهذه الحالة، وأيضا ممارسة الرياضة الجماعية يفيد كثيرا، وأنت ذكرت أنك لا تريد أدوية، لكن هناك دواء يسمى (رزبريادون) يفيد جدا في مثل هذه الحالات، خاصة إذا استعملته بجرعة صغيرة جدا، وهي: واحد مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة.

الجرعة الكلية لهذا الدواء هي حتى 12 مليجرام في اليوم، بعض الحالات تحتاج لجرعات أكبر من الواحد مليجرام، لكن حالتك أعتقد أنها بسيطة، وبما أنك ستطبق ما ذكرناه لك من إرشاد نفسي، وأعتقد أن هذا العلاج الدوائي سيكون علاجا تدعيميا، وهو علاج سليم وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات