دخلت بدوامةٍ نفسية وجسدية بعد سماعي لصوت النهيق.

0 14

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، عمري 33 سنة، موظف، ومتزوج، قصتي بدأت في يوم من الأيام، كنت لوحدي أمشي ليلا خائفا، حيث أن بيتي يقع بمكان خالي نسبيا من السكان، فسمعت صوت نهيق حمار -أجلكم الله- فانتابني شعور غريب بجسمي، أحسست بتلبس في جسمي ولا أدري هل هو نفسيا أم فعليا؟ وهنا بدأت حياتي بالمآسي، ودخلت بدوامة كبيرة بين الأطباء النفسيين والرقاة الشرعيين والروحانيين.

حيث أنني عند الرقية الشرعية أشعر بتعب وألم في المعدة والجسم ولا أدري هل هو نفسيا فعلا، أم سحرا، أم عين كما كانوا يقولون لي؟ وإلى الآن أعيش بنفس الدوامة بأعراضها تكمن بخوف من الموت، وخوف من المرض والجلطات، جسمي دائما مرهق ومتعب.

أفسر أبسط ألم بجسمي بمرض خطير يستدعي المساعدة، قمت بتصوير مقطعي، ورنينا مغنطيسيا، وفحوصات للقلب والدم، وتخطيطات للقلب، جميعها سليمة فقط مع ملاحظة أكياس عنكبوتية في الدماغ، ولا أدري هل هذه لها دور في حالتي؟

ذهبت لأطباء نفسيين، وأخذت العديد من الأدوية مهدئات (كلونكس) ومضادات للاكتئاب مثل prozac) (lustral ,cipralex) وغيرها تعمل معي فترة أحس أنني تحسنت نسبيا وبعدها أعود كما كنت.

أدخل بدوامة، وأشعر أن لي شخصيتين، شخصية بالدواء، وشخصية من غير دواء، فأدخل بدوامة جديدة النفور من الدواء عند التحسن النسبي.

لا أدري إن كنت أوصلت المعلومة بالشكل الكافي أم لا؟ وما هي نصيحتكم؟ لأنني صدقا أموت ببطء.

وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

النفس والجسد لا يمكن أن نفصل فيما بينهما أبدا، وكثيرا من العلل الجسدية تؤدي إلى اضطرابات نفسية، والعكس صحيح، بمعنى أن الحالات النفسية أيضا قد ينتج عنها أعراض عضوية.

من الواضح – أيها الفاضل الكريم – أنك وقعت تحت ما نسميه بالتأثير الإيحائي، فحين سمعت صوتا نهيق الحمار هذا بدأ ينتابك هذا الشعور الغريب، وبدأت تلجأ للتفسيرات الغيبية، وموضوع العين والسحر والجن أمور شائعة جدا في مجتمعاتنا، وبكل أسف فكثير من الأشياء التي تقال ليست صحيحة، وهي مغلوطة.

وجهة نظري حول هذا الموضوع هو أن يعرف الإنسان أن الله تعالى قد كرمه، وأنه أفضل من الجن وأفضل من جميع المخلوقات، {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}، والإنسان يكون قوي الشخصية، ذو شكيمة، ويحرص على الصلاة في وقتها وكل العبادات، والأذكار، ويعرف تماما أنه إذا كان هناك عين أو سحر أو خلافه فإن الله سيبطله.

هذه يجب أن تكون قناعة صلبة، والله خير حافظا ولا شك في ذلك، له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظون الإنسان من أمر الله.

فأرجو أن تصرف انتباهك تماما عن هذا الموضوع، وأرجو ألا تتردد بين المشايخ، الأمر فقط يحتاج منك للأذكار، لأن الأذكار بمثابة الحصن للإنسان، ولليقين والإيمان بأن الله خير حافظا، والرقية الشرعية، هذا يكفي تماما أيها الفاضل الكريم.

الأعراض التي تعاني منها هي أعراض نفسوجسدية، ميولك للقلق وللتوترات أصبح يتحول إلى أعراض جسدية.

نصيحتي لك هي أن تتوقف عن التردد بين الأطباء، هذه أكبر علة يقع فيها الإخوة والأخوات الذين يعانون من الأعراض النفسوجسدية، هذا لا يعني أننا سوف نحرمك أو نمنعك من الرعاية الطبية المطلوبة.

الذي ننصح به ولا نريده أن يحدث هو التنقل بين الأطباء وبين العيادات والاستماع لتفسيرات مختلفة، الشيء الصحيح هو أن يكون الإنسان لديه طبيب واحد، طبيب ممتاز، إما طبيب أسرة أو طبيب باطني، تراجعه مثلا كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، وتجري الفحوصات الطبية المطلوبة، وفي ذات الوقت تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب ممارسة الرياضة بانتظام، وتجنب السهر، والتغذية السليمة، وحسن إدارة الوقت، والتواصل الاجتماعي، والحرص على العبادات، والاجتهاد في العمل وإتقانه، والسعي نحو التطور، وأن يكون الإنسان نافعا لنفسه ولغيره، خاصة على النطاق الأسري، وبر الوالدين فيه حماية نفسية كبيرة للإنسان، بل هو يطور الصحة النفسية.

هذا – يا أخي – هو الذي أنصحك به، وقطعا إذا اتبعت هذا المنهج الحياتي الإيجابي قصة الخوف والموت كعلة مرضية سوف تنتهي، ويبقى الخوف الشرعي من الموت، وهو مطلوب، وهذه إن شاء الله – هذه الوسوسة والقلق والتوترات – كلها تختفي وتزول.

الأدوية لا بأس من استعمالها، بل هي مطلوبة، لكن يجب أن يكون هنالك انتظام عليها، ويكون كورس الدواء معروف، مثلا في حالتك أنا أرى أن أفضل عقار هو (لوسترال) تتناوله تدريجيا حتى تصل لجرعة مائة مليجرام، وهذه تستمر عليها لمدة ستة أشهر – أي حبتين – ثم تخفضها إلى حبة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تخفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول اللوسترال.

يضاف إليه عقار آخر يسمى (سوليان) واسمه العلمي (إيمسولبرايد) بجرعة خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما مساء لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

أدوية مفيدة وسليمة، وليس لها أي تأثيرات جانبية سلبية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات