لا أريد الزواج؛ لأني أخاف من المسؤولية

0 19

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة في الـ23 من العمر، لا أريد الزواج؛ لأني أخاف من المسؤولية، فكرة أن أصبح عالقة في المسؤولية بلا رجعة تخيفني، أخاف من إنجاب الأطفال وتربيتهم، أرى أن الحياة أصبحت صعبة ومليئة بالفتن، وأخاف على أطفالي غير الموجودين منها، أخاف أن يفتنوا وينحرق قلبي عليهم، ويصبح إثما علي.

أخاف من مسؤولية الزوج، وكون متطلبات الحياة الزوجية سوف تمنعني عن الكثير من الأشياء، كما أرى ذلك في جميع العلاقات الزوجية حتى إن كانت بالتراضي، أنا طالبة في مجال صحي، وساعات عملي طويلة لمدة 12 ساعة، وأخاف أن أظلم أطفالي بغيابي، وعدم تفرغي لهم حتى عند العودة للمنزل.

أخاف من ترك والدي وإخوتي، أحبهم ولا أريد أن أكون بعيدة عنهم، ولكن دائما ما يخبرني أبي أني سوف أكون وحيدة لاحقا إذا لم أتزوج، وأنهم غير باقين لي، وحتى إخوتي سوف يتزوجون يوما ويتركوني، ولكن ليس هناك ضمان حتى أن يكون زوجي باق أيضا.

أشعر بالتشتت فأنا لا أريد الزواج والمسؤولية فلقد اكتفيت منها، وحتى مسؤولية نفسي صعبة علي، ولا أتحمل وجود رجل يشاركني حياتي كلها حتى السرير، أشعر بالقرف بمجرد التفكير بذلك، ولكن في نفس الوقت لدي فضول حول الزواج، وأتذبذب عندما تخبرني أمي بأن هناك من يريد أن يخطبني.

لا أعلم حتى ما هو سؤالي، فقط أشعر بالضياع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل مع موقعك، وإنما شفاء العي السؤال، ونسأل الله أن يهديك ويهدينا للحق وإلى الصواب.

أرجو أن تعلمي أن سعادة المرأة وسعادة الشاب في بناء الحياة الزوجية، وأن الصعوبات التي يواجهها الوالد أو تواجهها الوالدة في رعاية أبنائهم هي من أعظم أبواب الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى، كما أن الكلام الذي ذكره الوالد هو كلام ينبغي أن تنتبهي له، فإن رفضك للزواج من أجل الوالدين ومن أجل خدمة الإخوان أمر من الخطورة بمكان، أولا: لأن سعادة الوالدين في أن يروك سعيدة في بيتك، كما أن هؤلاء لن يبق منهم أحد، وستجدي نفسك وحيدة، هؤلاء الآباء والأمهات كما قالت الفتاة: (لو أعلم أنكم تدومون لي لما تزوجت)، ولكن مما يسعد الآباء والأمهات أن يروا أبنائهم وبناتهم قد دخلوا إلى حياتهم الزوجية، بل مما يسرهم أن يشاهدوا أحفادهم بعد ذلك.

ولذلك أرجو أن تعلمي أن هذا الخوف من عدم النجاح في رعاية الأطفال أو التقصير في حقهم من أهم المؤشرات التي تدل على أنك ستكونين ناجحة؛ لأن الاهتمام بهؤلاء الصغار والحرص على رعايتهم من أحسن الأبواب التي تضمن لنا ولهم السعادة، ومهما كانت ساعات العمل طويلة فإننا نتكلم عن الوقت النوعي، الذي تحسن فيه الأم التعامل مع أبنائها عند استيقاظهم، والسؤال عنهم حال غيابهم، واستقبالهم عند رجوعهم، وحضور لحظات نومهم وطعامهم، فإذا كنت حاضرة في هذه الأوقات وتواصلت معهم جسديا، وخصصت لهم الأوقات؛ فإن هذا يحقق لك نجاحات قد تفوقي فيها من تفرغت لرعاية أطفالها ورعاية أبنائها.

الزواج فعلا مسؤولية، لكن أنت إن شاء الله ستكونين على مستوى هذه المسؤولية، وأيضا في مقابل هذه المسؤولية يفوز الوالد وتفوز الوالدة بأجر عظيم وثواب عظيم عند الله تبارك وتعالى، فأرجو أن تصححي هذه الفكرة، ولا تفوتي أي فرصة يطرق فيها الباب صاحب دين تراه الأسرة مناسبا، وتجدين في نفسك الميل إليه والارتياح والانشراح، فإن هذه من أندر الفرص في الحياة، ولأجل النساء خلق الله الرجال، ولأجل الرجال خلق الله النساء، والحياة لا تستمر إلا بهذه الطريقة، وقد اقتضت حكمة الله أن يكون للأنبياء الذين هم أشرف الخلق أزواجا وذرية.

فنسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يعينك على الخير، وأرجو أن تقبلي على حياتك، وفعلا من حقك أن تؤملي ما يسرك، وأكرر دعوتي لك ألا تفرطي إذا طرق الباب طارق مناسب صاحب دين، فإن الحياة فرص، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات