أفكاري مشتتة وأواجه الكثير من المصاعب في الحياة

0 16

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أواجه مصاعب في الحياة، تراودني الكثير من الأفكار التي لا يمكنني الهروب منها، أعتقد أنني لن أنجح في حياتي، فأنا لا أستطيع التركيز في أي شيء: لا في صلاتي، ولا ديني، ولا حياتي، أظن أنني مريض نفسيا.

أحاول إرضاء من حولي ولكنني لا أستطيع إرضاء نفسي، لا أعلم ما أريد، أعاني في صمت، لا أعلم إن كان هذا سحرا أو عينا، في بعض الأحيان أصلي وأواظب على الأذكار، وأحيانا لا أصلي ولا أقرأ الأذكار.

أعتقد أن كلام الناس يؤثر بي، لا أستطيع العيش لوحدي، وفي بعض الأحيان لا أحب أن أتكلم مع أي شخص، أفكاري مشتتة، أعتقد أنه لا شيء في الدنيا يستحق العيش من أجله سوى الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

في البداية -أخي الفاضل-: نشعر بالألم الذي تواجهه والصعوبات التي تتحدث عنها، وهذه المشاعر دليل رغبة في التغيير والانتقال من هذا الواقع إلى واقع أفضل، وسبب هذه المشاعر والأحاسيس غالبا هو عدم الثقة بالنفس مما ينتج عنه الخوف من عدم الإنجاز وتحقيق ما يتطلع إليه الإنسان في الحياة، فيكون نتيجة كل ذلك أفكارا بعدم النجاح، وضياع الأهداف، وعدم الشعور بوجود معنى للحياة ونحوه.

وعلاج هذا الأمر -بإذن الله- يحتاج منك لخطوات مهمة في تعزيز الثقة بالنفس، والذي بدوره يدفعك لتحقيق الإنجازات في الحياة سواء في علاقتك بالله أو بنفسك أو مع الآخرين، وحتى تحقق ذلك نقدم لك مجموعة من النصائح والتوجيهات، ونسأل الله أن يوفقك لتنفيذها للخروج مما أنت فيه.

أولا: اعرف نفسك، قم بالتفكير في مواطن قوتك وضعفك، حاول فهم من أنت وما تريده في هذه الحياة، لا بأس أن تكتب ذلك وتحدد أهم التحديات والصعاب التي تريد التخلص منها، كن واقعيا في تشخيص نقاط ضعفك وقوتك ثم ابدأ بتعزيز نقاط القوة وتنميتها؛ لأن نقاط الضعف ستتغير تبعا لذلك، من المهم جدا أن تعرف شخصيتك، وما أسباب التراجع؛ ليسهل عليك العلاج قال تعالى: (قد أفلح من تزكى).

ثانيا: اقبل نفسك؛ بمعنى لا تتقمص شخصية أي إنسان آخر، واقبل نفسك كما أنت دون محاولة التغيير من أجل الآخرين، فأنت لا يشبهك أحد، فلا تتقمص شخصية أي أحد ولا تقلد الآخرين لتكون نسخة منهم، ولكن انظر لتجاربهم وابدأ من حيث انتهوا بشكل مستقل.

ثالثا: تعلم من الأخطاء، ينبغي أن تغير نظرتك للخطأ ليصبح بالنسبة لك طريقة للتعلم وليس انحرافا أو سقوطا لا يمكن إصلاحه، فحقيقة الخطأ أنه تجربة لم تنجح، لذلك لا تخش القيام بأي عمل بعد اجتهاد وتحري وتعلم خوفا من الخطأ أو من كلام الناس، ستصبح نظرتك للإخفاقات مختلفة فلا تراقب الناس أو تجعل نظراتهم معيارا لما تفعل أو لما تترك.

رابعا: حدد أهدافا واقعية، قم بتحديد أهداف قابلة للتحقيق وابدأ بالعمل نحو تحقيقها، واجعل لهذه الأهداف أهدافا مرحلية صغيرة أو سريعة، تشعر عند تحقيقها بسعادة الإنجاز وهذا يعزز الثقة بالنفس ويدفعك للمزيد.

خامسا: طور مهاراتك، تعلم مهارات جديدة وطور مهاراتك الحالية، فكلما زاد علمك ومهاراتك زادت ثقتك بنفسك، وفتحت أمامك فرصا ومجالات كثيرة.

سادسا: تفاعل مع الناس وتواصل معهم بشكل إيجابي، فبناء العلاقات الإيجابية يوسع دائرة الإنجاز ويفتح أمامك الكثير من الفرص وكل ذلك يعزز من ثقتك بنفسك.

سابعا: اجعل تفكيرك إيجابيا وابتعد عن تلك اللغة المليئة باليأس والقنوط، واتهام النفس الدائم فهي رسائل سلبية إلى العقل يترجمها إلى عجز وضعف، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ كل يوم من (العجز والكسل)؛ لذلك حاول أن تفكر بإيجابية وتغيير الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية مليئة بالثقة بالله تعالى والتفاؤل بالخير.

ثامنا: اهتم بحياتك العملية والظهور بمظهر لائق، وتعلم فنون الحوار والحديث، والتدريب على طرق الإقناع، والتفكير بمعالي الأمور، كل هذه الأمور تعزز الثقة بالنفس وتشعرك بدافعية كبيرة للإنجازات.

تاسعا: من المهم جدا استحضار إنجازاتك دائما، من أهم أسباب عدم الثقة بالنفس عندما تصبح الإخفاقات والأخطاء هي العنصر البارز والظاهر دائما أمام الشخص؛ لذلك يخشى أن يكرر المحاولة فيقع في العجز، فمن المهم تغيير مفهوم الخطأ كما ذكرنا، وأبرز كل الإنجازات والنجاحات أمامك واجعلها ظاهرة وبارزة سواء من: شهادات، أو تكريم، أو تميز، أو نجاح إلخ، فكل هذا مما يعزز الثقة بالنفس.

عاشرا: الثقة بالله تعالى؛ أن تكون علاقتك بالله قوية، أداء العبادات والإكثار من الطاعات، والدعاء وسؤال الله أن يبلغك ما تريد، وهذه العبادات تشعرك بالرضا والتكامل، فالنجاح في العلاقة مع الله أساس النجاح، وهو الدافع لكل نجاح آخر.

أخيرا -أخي الفاضل-: كل ما تمر به يحتاج منك لسعي وجهد وتغيير ذاتي أولا، فلا تنتظر التغيير من الخارج فالله يقول: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...) فشرط التغيير أن يبدأ منك، ولا تنس أن طريق التغيير صعب ويحتاج إلى جهد وصبر وتغيير للعادات التي ألفها الإنسان لسنوات، وهجر الكثير من المرغوبات التي تعوق النجاح والتغيير ولكن عاقبته السعادة والاطمئنان.

لذلك -أخي الكريم- استعن بالله وابدأ في التغيير وتوكل على الله، وبإذن الله كل تلك المشاعر والأحاسيس سوف تتبدد تماما، وتنقلب إلى نجاحات متى ما صدق الإنسان في توكله على الله، وبذل الوسع في الأسباب التي تحقق له النجاح والتفوق.

أسأل الله أن يشرح صدرك، وييسرك أمرك، ويأخذ بناصيتك للبر والتقوى.

مواد ذات صلة

الاستشارات