السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب، أحاول أن أكون مخلصا دائما لله في أدق التفاصيل، وأجاهد نفسي على ذلك دائما، لكن تحدث لي بعض الأمور الغريبة، وأتمنى أن أحصل على تفسير لها.
أولا: عندما كنت في عمر صغير، كنت مداوما على صلاة الفجر مع أخي في المسجد، ومداوما على أذكار النوم، وكان أخي حريصا على ذلك، وفي يوم من الأيام ظهر لي أمام غرفتي نور مشع قوي ودخل باتجاه الحمام -أكرمكم الله- ولا زلت أتذكر ذلك النور الشديد إلى اليوم، فما تفسير ذلك؟
الأمر الثاني: كنت أتواصل مع فتاة عندما كنت في عمر الثامنة عشرة تقريبا، ولم أرها قط في حياتي ولم أسمع صوتها قط في حياتي، ويوما ما ذهبت أنا وصديقي للعب كرة القدم ونحن نمشي على أقدامنا رأيت فتاة فأقسمت لصديقي أن هذه هي الفتاة التي تتحدث معي! فقال لي: كيف عرفت وأنت لم ترها قط؟ فأقسمت له مرة أخرى أنها هي، ولا أعلم ما سبب تأكدي! حتى النظر لم تنظر لي، ولم ترني هي أيضا أبدا، وبعد عودتي للمنزل سألتها: أين كانت؟ ومع من كانت؟ وماذا ترتدي؟، فكانت هي نفسها تماما، فمن أين عرفت أنها هي؟ وكأن أحدا أخبرني بذلك بشكل مؤكد! كيف حدث ذلك؟ وماذا يعني؟ علما أني تبت عن التواصل مع الفتيات، ولله الحمد.
الموقف الثالث: كنت جالسا في السيارة أنا وصديقي، وكنت أتواصل قديما - ومرت على ذلك سنوات عدة- فأخبرت صديقي أن الفتاة تلك موجودة في الدوار في المنطقة الفلانية مئة بالمئة، فلم يصدقني، ولا أعرف كيف علمت بذلك، وإذ بنا نذهب للدوار ووجدنا تلك الفتاة هناك فعليا، علما أني لم ألتق بها في هذا المكان أبدا.
أيضا: تأتيني في منامي الكثير من الرؤى وتحدث، وتأتيني معلومات لأشياء لا أعرف كيف يحدث ذلك، وماذا يعني؟ خصوصا أنها ليست وساوس بل حقيقة، وأنا -الحمد لله- إنسان واع -بفضل الله-، وملتزم قدر المستطاع.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يسترك في الدنيا والآخرة.
أنت -والحمد لله- شاب متدين وفيك خير كثير، ونسأل الله أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، والذين منهم: (وشاب نشأ في عبادة الله تعالى).
ثم اعلم أن ما حدث معك له أحد التفسيرين:
الأول: أن تكون تلك فراسة وضعها الله فيك بسبب صفاء نفسك، والفراسة -أخي- هي القدرة على معرفة بعض الأحوال الباطنة ببعض العلامات الظاهرة، وقد جاء في الأثر: (اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله تعالى)، ثم قرأ: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} [الحجر: 75] يعني: المتفرسين.
وقد ذكر أهل العلم أنه كلما صفت الروح ورقت كلما كثرت فراستها وصدقت، قال تعالى: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} [الحجر:75]، وهم المتفرسون، وقال تعالى: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم} [محمد:30]، وقال تعالى: {تعرفهم بسيماهم} [البقرة:273]، قال ابن القيم -رحمه الله-: (الفراسة الإيمانية سببها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل، والحالي والعاطل، والصادق والكاذب، وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان -وكان أبو بكر الصديق أعظم الأمة فراسة-...) إلى آخر كلامه -رحمه الله- في الفراسة.
وقد تقول إنك لم ترها في حياتك مطلقا، فأين هي العلامة الظاهرة التي عرفتها منها! ونحن نقول: أحيانا من خلال حديث الفتاة، طريقة مشيتها، أسلوبها في الحديث، إخوانها وأخواتها الذين يخرجون معها، المهم أن يكون شيئا مشابها خفيا استدللت به على الواقع.
الثاني: أن يكون ذلك من حيل الشيطان وألاعيبه، فلا شك أن قرينك من الشيطان يعلم بما تفعل مع الفتاة، ويعلم عن طريق قرينها أماكن تواجدها، وقد يضع في قلبك عن طريق الوسوسة هذه الأماكن بغرض جرك إلى المعصية، أو تعظيم الفتاة في نفسك.
وأيا ما كان التفسير، فإن الواجب عليك اليوم التقرب أكثر من ربك، والابتعاد عن المعاصي، وعدم الحديث في هذا الأمر مع أحد، فإن كانت فراسة فالحمد لله، وستزيد مع الوقت كلما صفت نفسك وتقربت من الله، وإن كانت من ألاعيب الشيطان، فالحمد لله قد تبت إلى الله من تلك المحادثات، ونجوت من فخاخ الشيطان تلك.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، والله الموفق.