الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أريد أن أتحمل ذنوب غيري في باب العلاقات، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أتحدث مع شباب على أنهم أصدقاء فقط، وندخل غرفة (روم)، وأضيف بنات وشباب، فهل آخذ إثمهم أيضًا لأنهم يتحدثون مع بعض، أم لا؟ وكذلك عندما أغلق الغرفة كي لا آخذ حرامًا، بسبب هذه الغرفة تعرفوا على بعضهم، فهل بعد خروجهم من الغرفة، هل أُحاسب على تكلُّمهم؟ لأني أنا السبب في معرفتهم ببعضهم.

أشعر أن ذنوبي تكثر، بالأخص بسبب هذه الغرفة التي يتحدث فيها الشباب مع البنات، ومن خلالها يتعرفون إلى بعضهم البعض، وأعلم أني مخطئة بالحديث مع الشباب، وأتمنى أن أتغير، ولكني لا أريد أن أتحمّل ذنب غيري، يكفيني ذنبي.

فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Haneen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بكِ -أختنا الكريمة- في موقعكِ إسلام ويب، ونسألُ الله أن يُطهِّر قلبك، ويُثبِّتكِ على التوبة، ويجعل خطواتكِ كلّها في طريق رضاه ورِضوانه، وبعدُ:

إن يقظة قلبكِ تلك، وشعوركِ بالذنب، من أعظم علامات الخير -إن شاء الله- فلو لم يكن فيكِ خير، لما خشيتِ الإثم، ولا حزنتِ على أثر فعلكِ، وقد فتح الله لكِ باب التوبة، وها أنتِ على عتبة الرّجوع، فاجتهدي في إغلاق باب الشرّ، قبل أن يُغلق باب الرحمة.

ما دمتِ تُنشئين غرفة يلتقي فيها الشباب بالفتيات، ويتبادلون فيها الحديث والمزاح، فاعلمي أنكِ تفتحين بابًا للفتنة، ولو لم تري نتيجته بعينك، فإن من تقاربت قلوبهم في مثل هذه المجالس، ثم تعارفوا أو تعلّقوا أو تواصلوا خارجها، فإنكِ تحملين وزرهم، بقدر نيّتكِ ومشاركتكِ وتيسيركِ للأمر، حتّى وإن أغلقتِ الغرفة، لأنكِ أنتِ من جمعهم ابتداءً، فـالخيط الأول عندك، وما بُني عليه يُكتب في صحيفتكِ.

كذلك، حديثكِ مع الشباب على أنه "صداقة فقط"، هو باب من أبواب التهاون، وإن توهّمتِه بريئًا، فإن القلوب تتعلّق، والنفوس تضعف، والشيطان لا يترك فرصة إلَّا اقتنصها؛ فيُزيِّن الكلام، ويُقرِّب المسافات، ويجعل ما كان صدفةً عادة، وما كان براءةً تعلّقًا، ثم فتنة.

وما دامت هذه الغرف تُشعركِ بالذنب كلما أُغلِقت، فذلك من لُطف الله بكِ؛ ليوقظكِ قبل أن تتراكم الخطايا، وتُظلِم البصيرة، وتضيق النفس دون أن تعرفي السبب، فلا تتردّدي، أغلقي هذا الباب نهائيًا، وتبرّئي ممّا مضى بصدق، واستغفري الله كثيرًا، وردِّدي بقلبٍ منكسِر: (اللهم إني أبرأ إليك مما جرى في هذه الغرفة، وما نُسِج فيها من علاقات، وما بدأ بسبب حضوري أو تنظيمي، اللهم اغفر لي، واسترني، وطهّر أثري، ولا تجعل لأحدٍ ذنبًا في رقبتي).

واعملي بعدَها على ملء وقتكِ بما يُرضي الله، فإنّ النفس إن لم تُشغَل بالحق، شُغلت بالباطل، وكلما وسوس لكِ الشيطان بأنكِ تحملين ذنوب غيركِ، فاذكري أن التوبة تجبُّ ما قبلها، وأن الله وعد بالتجاوز لِمَن صَدَق.

فلا تَستسلمي للندم السلبي، بل اجعليه ندمًا مُحرِّكًا، يرفعكِ إلى مرتبة التائبين المحبوبين عند الله، ونسأل الله أن يغفر لكِ ما مضى، وأن يُصلح لكِ ما بقي، والله الموفِّق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً