السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا مخطوبة منذ سنة ونصف، وقد أخبرني خطيبي مؤخرا بحكم المكالمات بين المخطوبين، وأنها لا تجوز إلا بضوابط شرعية محددة، نحاول الالتزام بهذه الضوابط، وتبنا عما كان قبل ذلك من مكالمات.
لكن خطيبي لا يزورنا في البيت إلا مرة في الشهر تقريبا، وأحيانا أقل، وتلك هي عادات أهلينا، نحن نطلب من أهلنا أن نعقد القران، لأن الغاية من الخطوبة قد تحققت بالنسبة لنا، فقد ارتضيته زوجا لي، وهو ارتضاني كذلك، فلا داعي لطول مدة الخطوبة أكثر من ذلك، درءا للفتنة أيضا.
لكن أهلنا غير موافقين، بسبب العادات والتقاليد، وأيضا لأن موعد الدخول غير محدد بعد نظرا لظروف معينة، فهل هناك إثم على والدينا لعدم موافقتهم على العقد؟ فقد سمعت شيخا يقول ذلك، وما رأيكم في قضيتنا؟ هل الأفضل ألا نعقد القران، لأننا لا نعلم بعد موعد الدخول، أم نعقده تجنبا لأي فتنة؟ مع العلم أننا على دراية تامة بضوابط العلاقة بعد عقد القران، ونسأل الله أن يثبتنا، ويرضى عنا، ويبارك لنا في زواجنا.
أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الاهتمام والحرص الذي دفعك للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا جميعا على فعل الحلال، والبعد عن الحرام، وكل ما يغضب الكبير المتعال، فشكرا لك على هذا السؤال، وشكرا أيضا لخاطبك على هذا الحرص، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما في خير، وعلى خير عاجلا.
لا يخفى عليك -ابنتنا الفاضلة- أننا نواجه صعوبات كثيرة بسبب العادات والتقاليد، ونحن في الحقيقة لا نؤيد السباحة ضدها؛ لأنها سباحة ضد التيار، وهي متعبة للإنسان، لكن دورنا ودوركم كمتعلمين ومثقفين في المجتمعات، هو تصحيح تلك العادات والتقاليد التي تصادم الشرع، وتخالف قواعد هذا الدين العظيم، الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وهذه المسؤولية ليست على عاتق الشباب وحدهم، بل هي في الدرجة الأولى مسؤولية المعلمين والمربين والدعاة والعقلاء، في أن يبينوا للناس أهمية الاستعجال في إكمال المراسيم بعد أن يرتضي الزوج زوجته، وبعد أن ترضى به زوجا، وقد حصل التعارف، وتم السؤال عنه وعن أهله، وسأل هو عنها وعن أهلها، ووجد كل منهما في الآخر ما يريد، وحدث بينهما الارتياح والانشراح والميل المشترك من الطرفين، فحينها نقول: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
ولتحقيق ذلك نحن بحاجة إلى أن نعرف أسباب الرفض، ما هي الظروف التي تمنع من إكمال المراسيم؟
وعلى كل حال، فإن الدخول بعقد الزواج يدخل الناس في مرحلة مهمة، وتزول بعدها كثير من الحواجز، ويصبح بعد ذلك الكلام والتواصل والزيارات أمرا أيسر ومتاحا، وهنا لا بد أن تكون الزيارة تحت أعين الأهل وبصرهم وسمعهم؛ حتى لا تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه؛ لأن الدخول يحتاج إلى إعلان رسمي وتحديد موعد، لكن في مسألة المكالمات فربما يحصل فيها توسع في الحديث، وأسئلة وتعبير عن المشاعر، مع أن ذلك ليس فيه مصلحة، بل المصلحة دائما في إكمال المراحل سريعا، بعد أن يتأكد كل طرف أنه اطمأن لشريك حياته.
وعليه، أرجو أن تجدوا من العقلاء، من أعمامك وأخوالك، ومن العقلاء من أعمامه وأقاربه، من يستطيع أن يتكلم في هذا الأمر، واستعينوا أيضا بالدعاة المشهورين والعلماء المرموقين؛ فإن لهم دورا كبيرا في إقناع الناس بمثل هذه الأمور.
والذي أسعدنا هو علمكم بالضوابط التي ينبغي مراعاتها؛ لأنه حتى بعد عقد الزواج لا بد من تحديد موعد للزفاف، لأن العلاقة قد تتوسع ويحصل تلاق وعلاقة كاملة، ثم تتأخر المراسيم، وتحصل بعد ذلك الإشكالات، بل قد تحدث مشكلات ليست في بالكم، ونسأل الله ألا تحصل لأبنائنا وبناتنا، وهي أنه عندما يتوسع الناس في هذه العلاقة، دون إتمام الزواج، ثم يحال بينهم وبين إكمال مراسيم الزواج، عندها يكون الحرج الشديد.
إذا نحن نعتقد أنكم بدأتم الخطوة الجميلة، والآن بقاء العلاقة محدودة بهذا الشكل، مع المكالمات والزيارات المتباعدة، هذا قد يكون أريح لكم؛ لأن كثرة الزيارات تثير وتؤجج المشاعر والشهوات، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة.
لذا أرجو أن تنصرفي للدعاء، وتأهيل نفسك لمرحلة الزواج، وينصرف هو لإعداد نفسه على ما يحتاجه الزواج من مصروفات ونفقات، وبعد ذلك يسعى الزوج في أن يطالب أهلك بضرورة إكمال المراسيم، ومن الجميل أن يتكلم أهله مع أهلك بعبارات مثل: نريد أن نفرح بأبنائنا، نريد أن تتم الأمور سريعا ونحو ذلك، ودائما الأفضل أن يتكلم بلساننا الكبار، قد يصعب أيضا على الشاب أو الفتاة -خاصة الفتاة- أن يلح أو تلح هي بضرورة أن تتزوجوا بسرعة، وأن يكملوا بسرعة، لكن بالنسبة للرجال قد يكون الأمر سهلا، خاصة الرجال من جانب الزوج.
وإن تأخر العقد أو الزفاف، لا بد حينها من الصبر، فليس كل شيء نريده يتحقق لنا، علينا المحاولة ثم المحاولة، فإن لم نستطع فعلينا بالصبر، وكثرة الدعاء.
نسأل الله أن يقدر لكم الخير، وأن يعينكم على تجاوز هذه الصعوبات الناتجة عن العادات والتقاليد؛ وأن يوفقكم لما فيه الخير والعافية والستر والعفاف؛ لأننا ينبغي أن نتمسك بشرع الله تبارك وتعالى، فكل الخير والعافية والستر والعفاف وكل الخيرات في التمسك بشريعة رب الأرض والسماوات.
نسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يعجل بهذا الزواج، وأن يسعدك به، وأن يكتب لكما التوفيق والسداد والنجاح.