زوجي لا يعمل ويعاملني بقسوة وعصبي في كثير من الأحيان!

0 1

السؤال

السلام عليكم.

متزوجة منذ سنة ونصف، وزوجي لا يعمل؛ إذ إنه ترك عمله منذ زواجنا، هو مقتدر -والحمد لله- ولديه ما يكفينا للعيش، لكنه لا يصرف علي ولا على احتياجاتي الخاصة، ويصرف على البيت بحرص شديد، كما يرفض الإنجاب حتى يجد وظيفة، وهو عصبي جدا في كثير من الأحيان، وعند حدوث أي مشكلة يتعامل معي بطريقة قاسية وصعبة، فمرة طردني من البيت، ومرة مد يده علي، هو لا يفهمني، ولا يستطيع احتواء الموقف، وأشعر أنه يتعامل بعقلية لا تتناسب مع سنه، رغم أنه يكبرني بستة أعوام، تفكيره معقد جدا، وعندما يغضب يمكنه أن يفعل أي شيء، ولا يعترف بخطئه أبدا.

تعبت من الحياة معه، ولم أعد أتحمل؛ حالتي النفسية تدهورت لفترة طويلة، كما أنه يتكلم كثيرا عن حياتنا الزوجية لأهله، خصوصا والدته، وهذا الأمر يزعجني جدا.

أشعر أنني أنهكت من طريقته وأسلوبه وتفكيره، ومهما تحدثت معه، لا أشعر بأي تغيير في شخصيته، أو سلوكه، أنا متضايقة جدا، وأرغب في نصيحة؛ لأني لا أريد الاستمرار في العيش معه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: نسأل الله أن يفرج همكم ويصلح حالكم. وحسب ما وصلنا من قبلكم من معطيات، فوضعكم لا زال غير مستقر نسبيا، فقد ذكرت -عندما عرفت بنفسك- بأنك موظفة تعملين بالتدريس، وذكرت في السؤال أن زوجك ليس لديه عمل؛ لأنه ترك العمل عندما تزوج، وذكرت أنه مقتدر، ويصرف على احتياجات البيت بحرص شديد.

فالتشخيص الأولي لأسرتكم يظهر أنكم في وضع غير اعتيادي، بمعنى أن الأسرة لم تصل إلى درجة الأمان الأسري، وذلك لشعور الزوج بتوتر مستمر بسبب عدم حصوله على عمل يدر عليه دخلا شهريا باستمرار؛ ولأن الزوج هو المسؤول شرعا عن النفقة، فالزوج لا يشعر بالقوامة على أسرته إلا إذا ملك مصدرا متجددا للمال، فإذا افتقد الزوج العمل الذي كان يرفده بالمال الكافي لتغطية موازنة أسرته باستمرار؛ فهذا الوضع يكفي بأن يفقد الزوج توازنه النفسي؛ مما جعله يتصرف بحذر وخوف من المستقبل، كالحرص في الإنفاق، ورفض الإنجاب قبل الحصول على العمل.

عصبيته الشديدة في كثير من الأحيان، ومد اليد، والطرد من البيت، وعدم استطاعته احتواء المواقف، وأنه ينقل أخبار البيت لأهله، في اعتقادي أن تلك الصفات ليست أصلية في طبع زوجك، وإنما هي آثار سلوكية للوضع المالي لزوجك، بسبب فقدانه العمل عند بداية الزواج.

لذلك ننصحك بالوقوف مع زوجك في تخفيف همومه، وأن تحتسبي ذلك عند الله، فوظيفة الزوجة هي أن تكون لزوجها السكن الذي يجد فيه الود والرحمة، قال تعالى: ﴿ هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها﴾ الأعراف 189، علما أن هذا الوضع مؤقت وسينتهي قريبا -بإذن الله-.

وقولك إن زوجك لا يصرف على احتياجاتك الخاصة، فلعله يرى أنك موظفة، ولك راتبك الخاص، وبما أنه لا يمانع من ذهابك للعمل، فهو يشعر أنه قد قدم إليك معروفا بعدم منعك من الخروج من البيت إلى العمل؛ لأن الشرع يلزم المرأة أن تستقر في بيتها، ولا تخرج إلا بإذن زوجها.

أما قولك إنك تعبت من الحياة، وأنك غير قادرة على التحمل، وأن نفسيتك تعبت وأنك مخنوقة، وأنك لا تريدين العيش معه، وتطلبين النصيحة؛ فإننا ننصحك بما يلي:

أولا: من يتصبر يصبره الله أختي الكريمة، فاصبري على ما تلاقينه وتجدينه من زوجك، فلو أن كل امرأة واجهت مشكلة وفكرت ورغبت في ترك بيتها وزوجها لفسدت بيوت المسلمين، لكن بالصبر والمعالجة الحسنة، والدعاء والقرب من الله، تصلح بيوتنا، فكم من امرأة صبرت على مثل هذه العواصف والمشاكل التي واجهتها من زوجها، ثم فازت بعد ذلك بالأمان والاستقرار وصلاح الحال، وكم من امرأة استعجلت في مثل هذه الظروف، ثم ندمت وتمنت لو أنها صبرت قليلا؛ خاصة وأنه لم يمض على زواجكما إلا فترة بسيطة، وكثير من الزيجات تواجه مثل هذه المشاكل في بداية الحياة الزوجية.

أختي الكريمة، إن محل جهاد المرأة في الإسلام هو في بيتها، ويتمثل في صبرها، وتحملها ابتداء لزوجها وانتهاء بأبنائها، فالزوجة التي تطيع الله في زوجها، لن يضيع الله جهدها وصبرها، لذلك ننصحك -أختنا الكريمة- بالصبر على زوجك ما دام زوجك متمسكا بك، حتى يفرج الله كربتكم، ويرزقكم الذرية الصالحة، والرزق الوفير، فلعل الله يمتحنك بالابتلاء بمن هو أقرب الناس إليك، فالمؤمن هو محل الابتلاء ليمحص إيمانه تجاه الله من جهة، ومن جهة أخرى ليحسب له رصيدا من الحسنات تجاه من يصبر عليهم، فيكرم ويرتفع شأنه.

ثانيا: نوصيك بتعمير البيت بالطاعات، خاصة قيام الليل والدعاء بالخلوات؛ لأن ذكر الله يغلق أبواب الشياطين، ويفتح أبواب رزق رب العالمين، ونوصيك أيضا، بعدم مواجهة زوجك في وقت الغضب، بل حاولي امتصاص غضبه بالاعتذار حتى إذا كان الخطأ من قبله؛ لأن قوة تأثير المرأة على زوجها يكمن في إظهار ضعفها أمامه بأن تظهر حاجتها لرضاه عنها، فإذا فازت الزوجة بنيل رضا زوجها، فقد نالت رضا ربها، ومن رضي الله عنه، فقد فاز في الدنيا والآخرة، ونبيك عليه الصلاة والسلام قال: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وطاعت زوجها؛ قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت).

ثالثا: بما أن حجة زوجك لتأخير الإنجاب هو لحين حصوله على عمل، فهذا السبب لا يعني أنه لا يحبك، وإنما خوفا من زيادة التكاليف المالية للأسرة، وإن كنا لا نوافقه على تصرفه هذا، فالأرزاق على الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} [هود 6]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء)؛ (رواه مسلم).

رابعا: أشعري زوجك بأن همكم واحد، وازرعي السعادة في قلبه بأسلوبك وسهولتك وقربك منه أكثر، دعيه ينسى الهم، تحملي أسلوبه وطريقته الآن، ولا تواجهيه في هذه المرحلة، حتى إذا رأيت منه الاطمئنان لك؛ عندها ابدئي في معالجة بعض أخطائه بحكمة، فمثلا: "كلامه لأهله عن أسرار بيتكم" يمكن في جلسة مرح ووناسة مع زوجك بأن تظهري له حبك وسعادتك معه وأنك فخورة به، ومن ثم اعرضي عليه طلبك بأن تظل أسرار بيتكم بينكم، فلا تنقليها أنت ولا ينقلها هو، مع عدم انتقاد أهله أو ذكرهم بسوء، وخاصة والدته والتي يمكن أن تظهري إحسانك لها أمامه، حتى يطمئن أنك تحبينها وتقدرينها.

أختي الفاضلة، الرجل سهل التعامل معه، إذا كانت المرأة فطنة ذكية تعرف مفاتيح قلب زوجها، وفي هذا المسألة المرأة دائما تنتصر بما وهبها الله من ذكاء وصبر ودهاء، وقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن)

نؤكد: زوجك الآن في أمس الحاجة إليك، فصبرك على زوجك هو جسر العبور الآمن إلى بر الأمان للأسرة، ولن يضيع الله جهادك وأجرك.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات