السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ سنتين، لدي طفل عمره سنة ونصف تقريبا، زوجي شخص صعب في التعامل، ودائما ما ينتظر المبادرة مني في أغلب أمور حياتنا، ودائم النقد لكل تصرفاتي، ولا يحسن معاملتي، ودائما ما يجلس أمام الهاتف لساعات طويلة، ولا يعيرني اهتماما، رغم أنني أحاول دائما إرضاءه بتلبية طلباته، والاستماع إلى تعليقاته، ودائما ما أسعى للحوار معه لأفهم طريقة تفكيره، وما يزعجه، ولكن دون فائدة، فهو دائم السلبية، والانغلاق.
وللعلم: فأنا طالبة جامعية، في سنة التخرج، ولدي طفل صغير أرعاه، والآن أنا حامل في الشهر السابع، ولا أحد من معارفي أو أقاربي يسكن في نفس البلد التي أسكن فيها، ولا أجد الدعم والمساعدة منه، ولا حتى معنويا، لا أدري ما الحل؟!
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بتول حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية: نسأل الله أن يزيد في قلوبكم المودة المتبادلة؛ فهي الأرضية التي يفرش عليها بساط الحب، الذي يمهد للتفاهم والرحمة بين الزوجين، علما أن المبادرة بإظهار المودة، وما يليها من حب ورحمة، تقع على الزوجة، وهي من يجب عليها أن تتأقلم مع بيئة زوجها عندما انتقلت للعيش معه، قياسا على تأقلم المسافر على أجواء المكان الجديد، فما بالك إن كان صاحب المكان الجديد هو من يجب على الزوجة أن تقدم طاعته على طاعة أبيها وأمها! لذلك فهي مأمورة شرعا أن تتأقلم عاطفيا وماديا مع أجواء بيئة زوجها؛ وذلك تعبدا لله تعالى، وحفاظا على مصلحتها، وسعادتها في الدنيا والآخرة.
علما أن المشاكل التي ذكرتها تعتبر مشاكل اعتيادية، وخاصة في سنوات الزواج الأولى، ولعل وجود الطفل والحمل الجديد يجعلكم أكثر قربا من بعضكما البعض، ولا تنسي أن انشغالك بالدراسة الجامعية قد يكون من الأسباب التي تشغلك عن زوجك، ولعل لسان حال زوجك يقول: (إن معظم وقت زوجتي في دراستها، ورعاية طفلها)، لذلك عليك عمل جدول لأولويات الأمور حسب الأهمية تجاه نفسك، وزوجك، وطفلك، على أن تكون الأولوية للأمور التي سيسألك الله عنها، وستحاسبين عليها شرعا في الدنيا والآخرة.
وننصحك بالبحث الحثيث عن مفتاح قلب زوجك؛ حتى تستطيعي الاستحواذ على قلبه، وبعد ذلك ستستحوذين على جل وقته، وخاصة أنه ينتظر منك المبادرة، فوسعي المبادرات لتشمل الأمور العاطفية أيضا، فالأسر يجب أن يكون متبادلا بين الزوجين؛ فالزوج يأسر زوجته بالحب والمكان، فلا يسمح لها أن تعجب بغيره، ولا تخرج من البيت إلا بإذنه، والزوجة تأسر زوجها بالحب والحنان؛ فيصبح قلبه متعلقا بها، حتى لو طاف مشارق الأرض ومغاربها.
وكون زوجك دائم النقد لتصرفاتك، فاعتبري ذلك مؤشرا على عدم اكتمال تأقلمك مع زوجك؛ فعليك تحسس رغباته لتقومي بها، وكذلك معرفة محاذيره لتجنبها، لأن استقرار الأسرة مبني على مدى احتواء الزوجة لرغبات زوجها العاطفية من جهة، وعلى احتواء الزوج لرغبات زوجته المادية من جهة أخرى؛ لذلك نجد الشارع الحكيم فصل في تقنين الحقوق العاطفية للزوج تجاه الزوجة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتأته، وإن كانت على التنور) رواه الترمذي وغيره، وهو حديث صحيح، وفصل كذلك الحقوق المالية للزوجة تجاه الزوج، من مهر ونفقة وغير ذلك.
وبما أنه لا يوجد أحد من أقاربك في البلد الذين تعيشين فيه مع زوجك، فوضعك هذا يزيد أهمية الزوج في حياتك، وأن زوجك يجب أن يحل محل أهلك أيضا؛ فهو الزوج، والأب، والأخ في وقت واحد، ويجب عليك زيادة احترامه، والعناية باحتياجاته؛ لتعينيه على أن يشعرك بالحب، والمودة، والحنان، وننصحك ألا تنظري لوضعك الحالي بنظرة سلبية، بل استثمري وقتك في زوجك وبيتك، وخاصة أن وسائل الاتصال تساعدك على الاطمئنان على أهلك مهما بعدت المسافة بينك وبينهم، علما أنك ستسعدين أهلك عندما يعلمون أنك سعيدة مع زوجك.
لذلك: فالحل هو أن تجعلي من زوجك محط الاهتمام الأول في حياتك، وأن تجعلي طاعة زوجك، وطلب رضاه في المنزلة الثانية بعد طاعة الله رضاه؛ عندها ستحل جميع أمورك -بإذن الله- وتوفيقه.
والله أعلم.