الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انكسر قلبي حين علمت أن زوجي رفضني في البداية ثم قبلني، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ تسع سنوات، ولدي ثلاثة أطفال.

أحب زوجي حبًا جمًّا، وأفني وقتي وجهدي في سبيل رضاه وراحته، وهو أيضًا يحبني ويحسن معاملتي، وكان دائمًا يخبرني أنه أحبني من أول نظرة، وأنني أَسَرته منذ اللحظة الأولى، وكنت أصدّقه، لأنني كنت جميلة ومتميزة في محيطي، وكان لي كثير من الخطّاب من ذوي المكانة الرفيعة في كل جانب.

حين كان يُشعرني بأنه فاز بي، وأنني أعظم انتصاراته، كنت أصدّقه، حتى علمت قبل يومين أنه رفضني في أول مرة عُرض عليه اسمي، وكان ذلك قبل تقدّمه لي بأربعة أشهر، إذ أخبر الوسيط حينها أنه لا يشعر بالقبول، للأسف. منذ أن علمت بذلك، والحزن يعصف بقلبي وروحي، على حبيبي وحلمي الذي صدّقته لسنوات.

أعلم أن بعد سنوات الزواج وإنجاب الأطفال، قد لا يكون لهذا الأمر قيمة كبيرة، لكنني لا أستطيع تجاوز هذه الفكرة، ولا أقدر على إخفاء حزني وألمي الشديد عند قراءة رفضه الأول لي.

أرغب في سؤاله عن السبب، لأنني لا أستطيع تخطي الأمر ما لم أعلم الحقيقة، وسيظل هذا الأمر يؤرقني ويشغلني سنوات طويلة، فأنا أعرف نفسي جيدًا، لن أهدأ أو أنسى حتى أسمع منه مباشرة. لكنني أخشى أن يعلم أنني اطّلعت على رسالة قديمة له إلى الوسيط، يعبّر فيها عن رفضه لي، وإن علم بذلك فقد يغضب مني بشدة، وأنا لا أحتمل أن أكون سببًا في حزنه أو غضبه.

أدرك أنني أخطأت حين بحثت في تلك الرسائل، لكنني كنت فقط أبحث عن كلماته الطيبة عني، واسترجاع ذكريات بدايتنا، ولم أكن أعلم أنه رفضني، وأظن أن هذا الشعور هو عقابي على ما فعلت.

فهل يمكنكم مساعدتي في معرفة ما ينبغي عليّ فعله الآن؟ وكيف يمكنني سؤاله دون أن أُحدث شرخًا في علاقتنا أو في ثقته بي؟ فأنا أعلم أنني سأطرح السؤال عاجلًا أو آجلًا، لكنني أريد أن أفعل ذلك بطريقة صحيحة، كي لا ينكسر قلبي أكثر مما هو عليه.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدِّر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.

بدايةً: لا عبرة بالرسالة المذكورة بعد ما وجدته مع زوجك من وفاق وحب ووئام، واعلمي أن العبرة ليست بتلك الرسالة، ولكن العبرة بالحياة التي عشتها فعليًا مع هذا الزوج، الذي أشرتِ إلى أنه يحبك ويحسن التعامل معك، بل كان يُعلن عن مشاعره الجميلة، بل أخبرك أنك أسرتِه وأثّرتِ عليه منذ الوهلة الأولى.

هذا الذي ينبغي أن تبني عليه، وتعوذي بالله من شيطان لا يريد الوفاق، ولا يريد السعادة، ولا يريد الحلال، فلا تلتفتي للرسالة المذكورة، فإنها شيء من الماضي، ولا مانع من أن تسأليه عن مشاعره.

وحقيقة: إن الحب الحقيقي ليس هو الحب الذي يبدأ بالوهلة الأولى، ولكنه الذي يثبت بعد معرفة الصفات والفعال، لذلك عندما يقول الشاب في البداية أو الفتاة أن بينهما حب، نحن نقول هذا مجرد إعجاب؛ لأن الحب إنما يأتي حسب الصفات والسجايا والتعرف عن قرب، فإذا أحب زوجته ثم عرف أنها صادقة ازداد لها حبًّا، وإذا عرف أنها وفيّة ازداد لها حبًا، وإذا عرف أنها حليمة ازداد لها حبًّا، وكذلك الأمر بالنسبة له، فرصيد الحب تراكمي، لذلك لا معنى لهذا الانزعاج الحاصل عندك، وليس لنا أن نحاكم الناس على الماضي الذي حصل منهم.

واعلمي أن كثيرًا من الرجال يُعبّرون عن مشاعرهم النبيلة وعن حبهم بالعطاء، وبالهدايا، وبالاهتمام، وأنتِ أشرتِ إلى أنه يحسن المعاملة، بل يتفوه ويُعلن عن مشاعره، وهذا يدلُّ على أن الأمر واضح، فلا تقفي أمام ما أراد الشيطان أن يشوش به عليك، فهمّ عدونا الشيطان أن يجلب للإنسان الهموم والأحزان، {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}.

ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يعينك على تجاوز هذه المسألة، ونؤكد مرة أخرى خطورة البحث والتنبيش، وفتح الأُذن لوساوس الشيطان، وإعطاء فرصة له أن يدخل إلى القلب ويتمكن منه، لأنه لا يريد لنا الخير، فتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، وعيشي مع زوجك حياتك الجميلة، وقومي بما عليك، وأبشري بالخير، واحذري من سؤال زوجك عن ذلك الأمر، وعن فتح باب من الشر عبر ذلك الموضوع الذي مضى وانتهى.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً