كيف نحمي مجتمعاتنا من الفتن ونصلح ذات بيننا؟

0 1

السؤال

السلام عليكم.

كيف تكون الحماية من الفتن والصراعات بين المسلمين؛ فقد انتشرت بين الأقارب، وفي ساحات العمل، وأنا أتعامل في هذه المواقف بما أمر ربي، ولكن الصراعات لا تنتهي، ولا تهدأ، ونفسي تعبت حتى ظننت أني غير قادر على المواجهة، أو يغلبني الشيطان فأنتقم بعد أن كنت أصلح وأسامح.

فإذا كان الاعتزال غير كاف بسبب طول يد الأذى، أليس من الحق وأولى أن نرد بالدفاع عن أنفسنا مهما تطلب الأمر، وإلا زاد المؤذي في أذاه؟ وكيف يكون ذلك بدون الوقوع في التهلكة، وحبال الشيطان، علما بأن الصبر أصبح صعبا بسبب كثرة الضغوط!

أرجو عدم إحالة سؤالي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ the walker حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك مجددا -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك مع الموقع، كما نشكر لك أيضا حرصك على ضبط مواقفك بما يتوافق مع أوامر ربك، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يزيدك هدى وصلاحا.

وقد أصبت الحقيقة -أيها الحبيب- حين علمت أن التعامل مع المسلمين ينبغي أن يغلب عليه الصلح والمسامحة، وعدم الانتقام للنفس بشكل دائم؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- يحب الكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، ووصفهم بالمحسنين، وأنه يحبهم، ووعدهم بالثواب الجزيل، كما قال سبحانه: {... والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} إلى أن قال: {أولٰئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} [آل عمران:136]، وأخبر أنه يحب المصلحين، والعافين، فقال سبحانه: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} [الشورى: 40].

ولا ينبغي للإنسان أن يظن أبدا أن عفوه ومسامحته للآخرين إذا أساؤوا إليه هو ضعف واستكانة؛ بل هو قوة، وثبات، واحتساب للثواب والأجر عند الله تعالى، والشيطان يحرص غالبا على أن ينفخ في الإنسان المشاعر التي تدفعه إلى الانتقام، ولكن إذا صبر الإنسان، واحتسب أجره عند الله تعالى، فقد انتصر على نفسه.

وقد سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه: ما تعدون الصرعة فيكم؟ قالوا: الذي لا يصرعه الرجال، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب [متفق عليه]، ولكن العفو والمسامحة ينبغي أن يكونا مقرونين بصلاح الحال، كما قال الله عز وجل: {فمن عفا وأصلح}.

أما إذا تمادى المسيء، وكان العفو عنه سببا في زيادة ظلمه، وفساده، ففي هذه الحالة ينبغي للإنسان أن ينتصر لنفسه، وأن يأخذ حقه، وقد مدح الله سبحانه وتعالى المؤمنين في بعض المواقف إذا انتصروا لأنفسهم، فقال سبحانه: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} [الشورى: 39].

وأخذ الحق له طريقة صحيحة، وهي: أن يرجع الإنسان إلى أولي الأمر، أو الجهات المختصة التي تحكم بين الناس، وتكف مظالم بعض الناس عن بعض، وهي السلطات الحاكمة، هذا هو الأصل، وألا يأخذ الإنسان حقه بيده؛ لأن أخذ الحق باليد معناه فشو الفوضى بين الناس، وانتشار العدوان.

فإذا أراد الإنسان أن يأخذ حقه، وخاصة الحقوق البدنية -كالاعتداء بالضرب ونحوه-، فالطريقة الصحيحة أن يرجع إلى الجهات المعنية بأخذ الحقوق، ورد المظالم، وبهذا يأخذ حقه، ويسلم المجتمع من إنشاء اعتداء جديد في المجتمع المسلم.

أما في الحقوق اللفظية: -كأن يسبك أحد-، فإذا أردت أن ترد عليه بمثل ما سبك، فلك ذلك دون تعد، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: المستبان ما قالا، فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم [مسلم].

وبهذا يتبين لك أن أخذ الحق لن يؤدي إلى فساد ما دام الإنسان يتبع الطرق الشرعية، ويلتزم بالضوابط التي وضعتها الشريعة لأخذ هذه الحقوق، والتفريق بين المواطن التي ينبغي للإنسان أن يعفو فيها ويصفح، والمواطن التي ينبغي له أن يأخذ فيها حقه، فإذا انتظمت الأمور بهذه الضوابط، فإن الفساد بعيد -إن شاء الله تعالى-.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات