السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية: لا أعلم كيف أطرح هذا الأمر، لكنني شابة لست جميلة كثيرا، أو بالأحرى: جمالي أقل من المستوى العادي بكثير.
وعندما أرى فتيات أخريات جميلات جدا، أنظر إلى نفسي وأحزن، وأتمنى لو أن جمالي كان نصف جمالهن.
دعوت الله كثيرا في ليلة القدر أن يزيدني جمالا، ولكن لا أعرف ما حكم هذا الدعاء، مع العلم أنني فتاة متدينة إلى حد ما، وأعلم أن جمال الوجه ليس كل شيء، وأن الله يحاسب الإنسان على ما في قلبه وتقواه، لا على مظهره.
لكن ذهابي إلى الجامعة ورؤيتي للفتيات الجميلات يجعلني دائما أشعر بالحزن، وأحيانا أبكي عندما أكون وحدي، وسؤالي هو:
- هل أنال أجرا على صبري؛ لأنني غير جميلة؟
- وهل إذا دعوت الله أن يزيدني جمالا، يعتبر هذا من الاعتداء في الدعاء؟
والله، إنني أثق في تقدير الله لي، ولكنني حين أنظر إلى نفسي في المرآة، أحزن وأبكي.
أرجو منكم الرد سريعا، وجزاكم الله خيرا عن كل مسلم ومسلمة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يرضينا وإياك بما قدره لنا من الخير، وأن يقنعنا به، وأن يعيننا على شكره وذكره وحسن عبادته.
أولا: نحن لا نشك أبدا - ابنتنا الكريمة - أن الله تعالى قد أعطاك حظا من الجمال والحسن، فإن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، كما أخبر بذلك في كتابه الكريم، وخلقه خلقة معدلة مستوية حسنة، فقال سبحانه تعالى: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك}.
وكل خلق الله حسن، فلا تسمحي للشيطان أن يتسلل إلى قلبك ليغرس فيه هذا النوع من الأسف والحزن على فوات غاية الجمال أو غاية الحسن الذي ترينه في نساء أخريات؛ فإن الله تعالى يقسم الأرزاق بين الناس، فيعطي هذا ما لا يعطيه ذاك.
ولا شك أنك لو تأملت في أحوالك، ستجدين أن الله -سبحانه وتعالى- قد وهبك صفات أخرى وعطايا كثيرة، وإن نقصك بعض الهبات - كبلوغ الغاية في الجمال - فلا بد أن تنظري إلى نعم الله الأخرى عليك، فهذا أجدر وأولى؛ لأنه يدفعك إلى شكر نعم الله تعالى، والشكر سبب للزيادة، كما قال الله: {لئن شكرتم لأزيدنكم}.
والرسول الله ﷺ أوصانا بهذه الوصية، فقال: انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم، ولا شك أنك لو نظرت إلى من ابتلوا بعاهات أو تشوهات خلقية، ومن أصيبوا بمصائب في أبدانهم، لا شك إذا نظرت إلى هذه الشريحة من الناس؛ حينها ستعرفين مقدار النعمة التي أنعم الله بها عليك، فأكثري من التأمل في هذه الجوانب.
وأما الجمال -أيتها البنت الكريمة- فهو أمر نسبي، بمعنى أنه يختلف في نظر الشخص الذي يقيم هذا الجمال، فما ترينه جميلا قد يراه غيرك عاديا، وما ترينه نقصا قد يراه غيرك كمالا، فربما يراك شخص أجمل ممن تظنينها أجمل منك، فالأمر نسبي، والجمال الحقيقي هو جمال الروح، وجمال الخلق، وجمال النفس، هو الجمال الذي يورث الإنسان سعادة الدنيا والآخرة، فاحرصي على أن تحوزي أكبر حظ وأكبر نصيب في هذا الميدان، وهو ميدان التنافس الحقيقي الذي يطلب من الإنسان أن يبذل جهده ليحوز منه أكبر نصيب.
وتيقني أن الله -سبحانه وتعالى- سيغرس لك قبولا وحبا بسبب منافستك في هذا الجانب، فقد قال سبحانه وتعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} أي: محبة وقبولا في قلوب الناس، وهكذا جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي ﷺ تؤيد هذا المعنى وتؤكده.
فأشغلي نفسك بالشيء النافع، والذي ينفعك هو أن تكتسبي محاسن الأخلاق وفضائل الأعمال، وأن تبذلي جهدك ووقتك في سبيل تحصيلهما، وبذلك تتحقق سعادتك في دنياك وفي آخرتك.
ولا حرج عليك في أن تسألي الله تعالى أن يحسن خلقك وخلقك، ويجمل صورتك، وليس بالضرورة أن يكون معنى التجميل هنا تغيير الصورة، وإنما تحبيبها إلى خلق الله تعالى.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.