أسترسل مع الوساوس ولا أستطيع الإعراض عنها..فهل من توجيه؟

0 10

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اشتدت علي الوساوس كثيرا هذا الأسبوع، وكنت أقضي ما يقارب ست ساعات مسترسلا معها، أو باحثا عن إجابة لسؤال يطرأ علي، وأضطر إلى تأخير الصلاة، حتى لا يتبقى من وقتها إلا دقائق قليلة، لأنني أظل منشغلا بهذه الوساوس.

أنا الآن في فترة امتحانات، ومع ذلك لم أستطع أن أذاكر، ومشكلتي أنني لا أستطيع أن أعرض عن هذه الوساوس، بل أسترسل معها، وتجرني من فكرة إلى أخرى، فمثلا: يأتيني سؤال حول صفة معينة، هل هي من صفات الله؟ علما أنني قد قرأت وبحثت، وأعرف منهج أهل السنة في التعامل مع هذه الأمور، فأحاول تجاهلها، لكن لا أستطيع، بل أحيانا أشعر أنني لا أحاول بجد، فأسترسل مع السؤال، ثم يأتيني سؤال آخر وأسترسل فيه، وهكذا.

وفي بعض الأحيان، أخطئ وأنفي صفة من صفات الله، ثم أدرك أنني أخطأت وأنني لا أعلم، فأندم وأتوب، لا أدري لعل هذا بسبب كثرة الأسئلة، أم ماذا!

نوع آخر من الوساوس هو الشك، حيث يشككني في أمور أنا متيقن منها، فمثلا: البارحة شككت في كون الكفر إثما، ويقول لي الوسواس: "أنت لست متيقنا من أن هذا التعبير صحيح"، وإن قلته، يقول: "لقد تكلمت في الدين بغير علم"، وأحيانا أقول شيئا وأنا على يقين منه، ثم أتردد بسبب الشك، وأبحث فأجد أن ما قلته صحيح، ومع ذلك يقول لي: "لقد تحدثت في الدين بغير علم"، وإذا حاولت تجاهله لأني قلت ذلك وأنا على يقين، يقول لي: "هذا من الاستكبار والكفر".

واليوم قررت أن أبدأ بجدية في التغلب على هذه الوساوس، فبحثت في موقعكم ومواقع أخرى، وقد سبق أن قرأت العديد من الاستشارات والفتاوى، لكن هذه المرة قررت أن أبذل جهدا حقيقيا، وألا أسترسل مع الوساوس.

وعندما تأتيني الوساوس أقول: "أعوذ بالله" عدة مرات، حتى تذهب عني، ولأول مرة (وأنا طبعي موسوس) شعرت أن الوساوس ذهبت دون أن أفكر فيها أو آتي بها، وشعرت حينها براحة وسعادة اشتقت لها، واستطعت أن أركز على دراستي، وأذهب لصلاة الجماعة، ودمعت عيناي أثناء الصلاة.

يبدو لي أنني بدأت أسلك الطريق الصحيح، لكن أود أن أسمع منكم النصائح والتوجيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يطرد عنك شر هذه الوساوس، ويعافيك منها.

ونحن نؤكد لك -أيها الحبيب- أنه ليس ثمة علاج لهذه الوساوس، بحيث يذهبها عنك ويريحك منها؛ مثل اتباع النصيحة النبوية للموسوس، وتدور هذه النصيحة حول أمور ثلاثة:

- الأمر الأول: الاستعاذة بالله تعالى كلما وردت عليك هذه الأفكار، بأن تقول بلسانك: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

- والأمر الثاني: الإعراض عنها، ويكون ذلك بتحقير هذه الأفكار، ومعرفة أنها أفكار حقيرة، لا تستحق الاعتناء بها والتشاغل بها، ومما يعينك على هذا: أن تدرك أن هذه أفكار وأسئلة مصدرها الشيطان وألاعيبه ووساوسه، فلا تلق لهذه الأسئلة بالا، ولا تعطها أي أهمية؛ فهذا التحقير للوساوس والإعراض عنها، هو أمثل علاج وأفضل دواء، وجاهد نفسك بقدر الاستطاعة على الصبر والثبات على هذا الدواء.

ومما يعينك على الثبات: أن تعلم أن إعراضك عن هذه الوساوس، وتجاهلك لها، أمر يحبه الله تعالى، ويرضاه منك، ويثيبك عليه، بينما العكس بخلاف ذلك؛ استرسالك مع الوساوس يبعدك عن الله، والله تعالى لا يحب أن تتبع خطوات الشيطان، وقد قال لنا في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان} كما أن الاسترسال مع هذه الوساوس مخالفة لنصائح رسول الله ﷺ، فقد قال ﷺ: "فليستعذ بالله ولينته"، فإذا أدركت هذه المعاني وتذكرتها، سهل عليك بإذن الله الإعراض عن الوساوس.

- الأمر الثالث (النصيحة النبوية الثالثة): الإكثار من ذكر الله تعالى، بالتهليل والتسبيح والتحميد؛ فإن ذكر الله تعالى حصن يتحصن به الإنسان من شرور الشيطان.

ونحن على ثقة بأنك إذا فعلت هذا، واتبعت أيضا الإرشادات النفسية والسلوكية التي يرشد إليها أطباء النفس؛ مما يعينك على تجنب هذه الوساوس، كأن تحاول أن تقرن بين ورود الوسوسة وشيء يؤلمك، كأن تؤلم جسدك بأي نوع من أنواع الألم (الخفيف غير المؤذي)، ليقترن في ذهنك الشعور بالألم مع ورود الوسوسة، فيكون هذا سببا في تركك لهذه الوساوس.

وأنت قد بدأت هذا الطريق، ووجدت آثاره الطيبة وثماره الجميلة الحسنة، وبدأت تشعر براحة النفس وطمأنينة القلب، والاستراحة من عناء هذه الوساوس، وهذا يؤكد لك أهمية صبرك على هذا الطريق، حتى ينصرك الله تعالى على هذه الوساوس.

نسأل الله تعالى أن يجنبنا وإياك كل شر ومكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات