السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ أربع سنوات بعد خطبة دامت ست سنوات، ومنذ لحظة زواجي بدأت ألاحظ أفعالا غريبة تصدر من زوجي ولم أفهمها، مثل تقصيره في حقه الشرعي، وفضله الجلوس وحده دائما، وكثرة نظره إلى الهاتف، ولاحظت أيضا أنه لا يحب الجلوس معي كثيرا رغم أنه يسافر للعمل ويأتي لإجازة لمدة 10 أيام فقط.
تعبت كثيرا ودعوت ربي أن يهديه أو يكشف لي ما يفعله، حتى عرفت أنه يخونني مع نساء عبر الإنترنت، ومدمن جدا على المواقع الإباحية.
تشاجرت معه إلى أن اعتذر لي ووعدني أنه لن يفعل هذا الشيء مرة أخرى، ولكن بعد فترة قليلة وجدته قد عاد يشاهد المواقع الإباحية مرة أخرى، ثم اعتذر مرة ثانية ووعدني بنفس الوعد السابق، إلا إني في كل مرة أراه يخلف وعده، ويشاهد مواقع قذرة، ويتحدث مع نساء أجانب.
أنا تعبت نفسيا جدا ولا أعرف ماذا أقرر! أريد الطلاق، مع العلم أنه لا يوجد بيننا أطفال، والسبب الأكبر الذي يجعلني أكرهه وأرغب في الطلاق منه هو أنه قبل أن أعلم بخيانته لي، كنت أشك فيه، وكلما واجهته يلقي الخطأ والذنب علي، وينهرني بالكلام ويتهمني باتهامات باطلة، وأحيانا يقاطعني عندما أعاتبه.
عندما واجهته بما يفعل، قال لي: "كنت أفعل ذلك بالفعل، لكنني لم أعترف بخطئي ظنا مني أن الله سيسترني ولن يفضح أمري أمامك"، ومع ذلك، لا يزال يكذب علي، والله دائما يكشف حقيقته أمامي.
أريد حلا، هل أطلب الطلاق؟ لأنني أعيش في منطقة ريفية، يعني لا أحد يحترم الخصوصية، ويريدون معرفة سبب الطلاق، وأنا لو طلقت لا أريد أن أفشي سره وخطأه، وأريد التسريح بإحسان، خاصة أنه من أقاربي، ولا أرغب في فضحه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وحسن العرض للسؤال، ونؤكد أن ما يفعله الزوج لا يقبل من الناحية الشرعية، ونسأل الله أن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
ومع ذلك، لا نؤيد الاستعجال في فكرة الطلاق، بل ندعوك إلى الاجتهاد في إصلاحه، وخاصة هو من أقربائك، والاستعانة في إصلاحه بمن له تأثير عليه من أقاربك، و"لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم"، فكيف إذا كان هذا الرجل هو الزوج الذي اختارك من بين سائر النساء!
والخطوات التي ينبغي أن تتبعيها:
• الدعاء له، والإلحاح على الله في أن يصلح حاله.
• والحرص على تشجيعه على الصلاة ومراقبة الله تبارك وتعالى.
• الاهتمام بالتزين له، وإظهار مفاتنك بالحلال.
• القرب منه، والدخول إلى عالمه، ومشاركته اهتماماته؛ لأن وجود القواسم المشتركة يقرب بين الزوجين.
وطالما أنه قد اعتذر، فأرجو أن تنسي الماضي وفتح صفحة جديدة معه؛ لأن تذكيره المستمر بالماضي وإشعاره بأنك لا تصدقينه؛ هذا لا يزيده إلا دمارا ونفورا وبعدا، لكن أرجو أن تعاهديه على أن تفتحوا صفحة جديدة، مليئة بالطاعة لله تعالى، وإذا لم يبادر هو فبادري أنت، وخذي حقك الشرعي بالحكمة والرفق، وتزيني له، وتعرضي له، وقومي بما عليك، وشاركيه اهتماماته، وكوني قريبة منه.
هذه أمور من الأهمية بمكان، أرجو بدلا من أن تطالبي بالطلاق وتذهبي إلى فكرة الطلاق أن تجتهدي في الإصلاح؛ لأن هذا الذي ينبغي أن تسعى إليه كل مؤمنة.
ونحن بداية ونهاية لا نؤيد ما يحصل منه؛ لأن هذه المشاهدة محرمة، ولا يمكن أن تقبل من الناحية الشرعية، نحن نتفق على هذا، نتفق على أن هذا خطأ شرعي كبير، ولكن أيضا لا نريد أن نعالج الخطأ بخطأ باستعجال، أو نعالج الخطأ بخطأ آخر، ونسأل الله أن يعينك على الإصلاح.
لذلك نأمل منك أن تبذلي جهدك في الإصلاح، وأن تشجعيه على التواصل مع الموقع أو مع من تثقون بدينه وحكمته، ونتمنى أن تذكري لنا أجمل ما فيه من الصفات؛ لنحسن الدخول إلى قلبه من خلالها، فالإنصاف يقتضي إذا وجدت السلبيات أن نقابلها بذكر الإيجابيات، فاجلسي مع نفسك واكتبي ما يتميز به من صفات حسنة، ثم حدثيه عنها، وامدحيه بها، واغرسي في نفسه الثقة، ثم بيني له بلطف ما يحتاج إلى إصلاح، وقولي له: الذي ينقصك كذا وكذا، ويمكنك أن تحقق كذا وكذا، فأنت أهل للخير، ولا ينتظر منك إلا الخير، وبإذن الله تقدر على التغيير.
وبهذه الطريقة الرجل يستجيب، وكلما ذكرك الشيطان بتلك السلبية –وهي كبيرة– تذكري ما فيه من إيجابيات، وحاولي أيضا أن تقومي بدورك في الإصلاح، ولا تحزني وتبتعدي، بل اقتربي منه أكثر، حتى تعوضيه بالسحر الحلال، سحر المودة والحب الطاهر، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يرده إلى الحق ردا جميلا.