السؤال
السلام عليكم
أنا طالب في الصف الثالث الإعدادي، وإن شاء الله سأنتقل إلى المرحلة الثانوية.
أرغب في العمل، لكن أهلي يرفضون ذلك تماما، حتى خلال الإجازة، لا أريد أن أكون عالة على أحد، وإن قررت الزواج، فسيكون بعد سن الخامسة والعشرين أو أكثر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتفهم تماما هذه المشاعر النبيلة، والرغبة الصادقة في الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، خاصة وأنت في هذه المرحلة العمرية المهمة التي تنتقل فيها من الإعدادية إلى الثانوية، إن سعيك للعمل وعدم رغبتك في أن تكون عالة على أحد هو أمر يشكره، ويحث عليه الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده." (رواه البخاري)، وهذا يدل على قيمة العمل الشريف في ديننا.
دعني أتناول النقاط التي ذكرتها بتفصيل، مع مراعاة المنظور الإسلامي والنصائح العملية:
أولا: فهم موقف الأهل: قد يكون رفض أهلك لفكرة عملك، حتى في الإجازة، نابعا من حرصهم عليك وخوفهم على مستقبلك الدراسي، ربما يرون أن هذه المرحلة هي الأهم للتركيز على الدراسة والتفوق، وأن العمل قد يؤثر سلبا على تحصيلك العلمي، وهم في ذلك يدركون أن العلم هو أساس بناء المستقبل.
وتذكر أن بر الوالدين وطاعتهما واجب عظيم ما لم يأمرا بمعصية، قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" (الإسراء: 23) لذا، تعامل مع موقفهم بصبر واحترام، وحاول إقناعهم بلطف وهدوء، دون أن يشعروا أنك تتعدى صلاحياتهم.
ثانيا: حلول مقترحة تجمع بين العمل والدراسة:
1. عمل ينمي مهاراتك ويتماشى مع دراستك:
- إعطاء دروس تقوية لطلاب أصغر منك.
- العمل الحر عبر الإنترنت (تصميم، ترجمة، كتابة... إلخ).
- أعمال موسمية خفيفة خلال الإجازة، لا تؤثر على وقت المذاكرة.
2. التطوع بدلا عن العمل المأجور:
- التطوع في جمعيات خيرية، مكتبات، فعاليات ثقافية، أنشطة بيئية، أو دور الأيتام.
- التطوع يكسبك الخبرة ويظهر نضجك، وقد يفتح لك أبواب عمل لاحقا.
3. الحوار مع الأهل:
- عبر لهم عن نيتك الصادقة، وأن الدراسة لا تزال أولويتك.
- اقترح عليهم خطة واضحة، لموازنة الوقت بين الدراسة والعمل.
- طمئنهم أنك ستتوقف فورا إذا لاحظت تأثيرا سلبيا على تحصيلك.
ثالثا: الزواج والاعتماد على النفس:
رغبتك في بناء نفسك من أجل الاستعداد للمستقبل، بما فيه الزواج، هي رغبة شريفة وفطرية، الإسلام لا يحث فقط على الزواج، بل يقدره ويحميه، والاستعداد له لا يكون فقط ماديا، بل نفسيا وفكريا، لا يشترط أن تحدد سنا بعينه كالخامسة والعشرين، فالأرزاق بيد الله، والمهم أن تكون مستعدا عندما يحين الوقت المناسب.
وأخيرا، نصائح مهمة لك:
- اسع وثق بالله: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب."
- كن صبورا: بناء المستقبل يحتاج إلى وقت وجهد، وقد يلين موقف أهلك إذا رأوا منك الجدية والتخطيط السليم.
- استثمر وقتك: تعلم مهارات جديدة، لغة أجنبية، مهارات كمبيوتر، تطوير الذات.
- ادع الله باستمرار: فهو القادر على تيسير الأمور، وهداية القلوب، وتحقيق ما فيه خيرك في الدنيا والآخرة.
وفقك الله لما فيه الخير، وجعل لك في كل خطوة بركة، ورزقك التوفيق والرضا من والديك.