السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 32 سنة، وتم تشخيصي بالذئبة الحمراء منذ تسع سنوات، وخلال هذه المدة عانيت فترات متباينة من التعب النفسي بسبب المرض وكثرة الأدوية، وأحيانا كنت أتوقف عن تناول الدواء دون استشارة الطبيب؛ ما يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
منذ فترة، شعرت بتعب شديد مصحوب بنشاط في أعراض المرض، وكان هذا مصحوبا بتوتر وقلق شديدين، مع تسارع في ضربات القلب، وألم في عضلات الرقبة والكتف، وألم في الذراع الأيسر، بالإضافة إلى تفكير دائم بأفكار سلبية، وقلة الكلام، وسرعة الانفعال.
أبلغت الطبيب بهذه الأعراض الجسدية، فطلب مني إجراء تخطيط صدى القلب (إيكو)، وكان طبيعيا، فوصف لي دواء (Cymbatex) بجرعة 20 ملغ.
طوال السنوات الماضية، كنت أخفي مشاعري وحزني، والآن أشعر بحمل ثقيل ومخاوف عميقة بداخلي، ولا أستطيع التحدث عنها مع أحد من أفراد أسرتي أو أصدقائي.
هل يمكنكم تقديم نصيحة، إذا سمحتم؟
وشكرا جزيلا، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hadeel حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على ثقتك بنا وتواصلك معنا، وقد قرأت رسالتك بعناية، ووقفت على تفاصيلها وما تضمنته من وصف لحالتك النفسية، وطبيعة الأعراض التي تعانين منها، وما بدأت به من خطوات علاجية.
ويظهر من طرحك حرص صادق على فهم ما تمرين به، وطلب النصح من أهل الخبرة، وهذا يدل على وعيك وسعيك الجاد لتحسين حالتك النفسية، وهو في حد ذاته بداية موفقة في طريق العلاج، نسأل الله أن ييسر لك كل خير، وأن يرزقك العافية والطمأنينة.
سؤالك يدور حول استخدام العلاج الدوائي في التعامل مع أعراض القلق والمشاعر السلبية، وقد طلبت النصيحة.
أولا: أود أن أطمئنك أن الأعراض التي ذكرتها -مثل الضيق النفسي، وزيادة التفكير، والقلق الشديد- غالبا ما يصاحبها أعراض جسدية، كاضطرابات نبض القلب، وشد العضلات، وآلام في الكتف، وآلام منتشرة في الجسم عموما، وهذه الأعراض عادة تستجيب للعلاج طالما أن الإنسان بدأ رحلة العلاج بجدية.
ومن المهم جدا أنك قمت ببعض الفحوصات والاطمئنان على صحتك الجسدية، خاصة تخطيط القلب، وبدأت بالفعل في تناول العلاج بجرعة مبدئية تبلغ 20 ملغ، وقد ذكرت أنك تستخدمين عقار (إسيتالوبرام، Escitalopram)، وهو من الأدوية الجيدة للتحكم في أعراض اضطراب القلق عموما.
أرجو ألا تخافي من العلاج النفسي؛ فالعلاج الدوائي الذي بدأت به سيكون له -بإذن الله- آثار إيجابية على صحتك النفسية، وسيساعدك على التحكم في القلق، كما أن له تأثيرا إيجابيا على مرض الذئبة الحمراء.
عموما، جرعة 20 ملغ من الدواء المذكور تعتبر جرعة متوسطة، وقد لا تحتاجين إلى جرعة أعلى، لكن تحديد ذلك يرجع إلى الطبيب المعالج.
أما الأفكار السلبية، ومشاعر الحزن التي تنتابك، فهي جزء من اضطراب القلق وقد تصاحبه أحيانا اضطرابات مزاجية خفيفة، وكلها تستجيب لهذا النوع من الأدوية بإذن الله.
أنصحك بالاستمرار في الخطة العلاجية التي وضعت من قبل الطبيب، والالتزام بها، مع العلم أن العلاجات النفسية الدوائية تحتاج إلى بعض الوقت حتى يظهر أثرها الإيجابي الكامل.
كما أن هناك عناصر أخرى تعزز من نجاح العلاج، أنصحك بها، وهي:
1. المحافظة على صحتك العامة، من خلال الالتزام بنمط حياة صحي.
2. ممارسة الرياضة بانتظام، ولو كانت خفيفة مثل المشي، فهي تساعد على إعادة التوازن الجسدي والنفسي.
3. ممارسة تمارين الاسترخاء والتنفس العميق، فهي تسهم في تنشيط الدورة الدموية وتخفيف التوتر.
4. الابتعاد عن الضغوط النفسية، من خلال معالجة المشكلات اليومية بهدوء، واللجوء إلى من تثقين بهم من الأقارب أو الأصدقاء لتقديم الدعم النفسي أو الاجتماعي.
5. الجانب الروحي والديني، مثل المحافظة على الصلاة، وذكر الله، وأذكار الصباح والمساء، فهذه أمور مهمة تساعد على تهدئة النفس والابتعاد عن التفكير السلبي.
الخطة العلاجية التي تسيرين عليها الآن يمكن تطويرها بحسب تطور حالتك، وإن احتاج الأمر لاحقا إلى دعم بجلسات علاج نفسي سلوكي، فيمكنك مناقشة ذلك مع طبيبك.
نسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية، وبارك الله فيك على حرصك ووعيك.