السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز أن أعلق قلبي بحدوث أمر معين، وأدعو الله كثيرا بأن يقدره لي إن كان فيه خير، وأن يصرفه عني إن كان فيه شر؟ وإن كانت هناك إشارات أو علامات تشير إلى الخير، لكنها ليست أدلة مادية ملموسة، فهل يصح ذلك؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز أن أعلق قلبي بحدوث أمر معين، وأدعو الله كثيرا بأن يقدره لي إن كان فيه خير، وأن يصرفه عني إن كان فيه شر؟ وإن كانت هناك إشارات أو علامات تشير إلى الخير، لكنها ليست أدلة مادية ملموسة، فهل يصح ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يقدر لنا ولك الخير حيث كان، وأن يرضينا به، ويصرف عنا الشر حيث كان.
ثانيا: لقد أصبت -ابنتنا العزيزة- حين سألت عن الدعاء، وتعليق القلب بشيء معين إذا دعوت الله تعالى به، فتوفيق الله تعالى لك بالدعاء سبب في تحصيل الأمنيات والمطالب، فإن الدعاء من جملة الأسباب التي يصل بها الإنسان إلى ما يتمناه.
فلازمي دعاء الله تعالى دائما، وأكثري من سؤاله، فإنه يحب -سبحانه وتعالى- أن يسأل، وقد أمرنا النبي ﷺ أن نسأل الله تعالى كل شيء، حتى يسأله الواحد منا ملح طعامه، والله تعالى يقول: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾ [غافر: 60]، وأخبر النبي ﷺ أن الدعاء هو العبادة؛ لأن فيه إظهار الذل والفقر لله، والله تعالى يحب منا أن نتذلل له، وأن نظهر فقرنا واحتياجنا إليه، فأكثري من الدعاء دوما، في كل أحوالك، وتحري -بقدر استطاعتك- الأوقات التي يعظم فيها رجاء استجابة الدعاء، كالدعاء:
- في حال السجود.
- والدعاء بين الأذان والإقامة.
- والدعاء في الثلث الأخير من الليل.
- والدعاء حال الصيام.
- والدعاء عند الإفطار من الصوم.
وهكذا، تحري الأوقات التي يعظم فيها رجاء الإجابة، وإلا فالدعاء في كل الأحوال مستجاب -إن شاء الله-، وخذي بالأسباب التي تكون معينة على إجابة الدعاء، من حيث التأدب بآداب الدعاء، ومن الآداب التي ينبغي للإنسان أن يفعلها:
- أن يتوجه الإنسان إلى القبلة.
- وأن يرفع يديه عند الدعاء.
- ويستحب أن يكون على طهارة.
- وأن يكون متأدبا في كيفية سؤاله لله تعالى؛ فيسأل ربه الخير، ويسأله أن يلطف به، ويقدر له الخير حيث كان، ويرضيه بما يقدره له، ويسأله أن يصرف عنه الشر، وقد علمنا الرسول الكريم ﷺ في دعاء الاستخارة تفويض الأمور إلى الله تعالى: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، إنك أنت علام الغيوب.
هذه الكلمات فيها تفويض الأمور إلى الله، وتفويض الاختيار إليه، لأنه -سبحانه وتعالى- يعلم، والإنسان لا يعلم.
هذا في الأمور التي تحتمل الخير والشر، أي: الأمور المباحة، والأمور الدنيوية، أما الأمور الأخروية وأمور العبادات؛ فالخير فيها واضح ظاهر، فيسأل ربه أن ييسرها له، وأن يوفقه إليها.
وأما أن يشترط الإنسان على ربه أن يضع له إشارة إذا كان الأمر المعين شرا، فهذا من الدعوات التي لا ينبغي للإنسان أن يفعلها، الله تعالى لا يسأل بهذه الطريقة، ولا يطلب منه أن يفعل شيئا كما يشترطه هذا الداعي، إنما يسأل ربه أن يختار له الخير، وأن يصرف عنه الشر، وبعد تفويضه الأمور إلى الله، وسؤاله لله تعالى إن كان الأمر المعين شرا أن يصرفه عنه؛ فينبغي له بعد ذلك أن يرضى بما يقدره الله.
فليست هناك علامات محددة تدل على أن الأمر خير أو شر، إنما إذا يسره الله تعالى، فنرجو أن يكون ذلك من استجابة الدعاء ويسره، وهذا -إن شاء الله- علامة على أنه هو الخير، وإن كان شرا، فتعسير الله تعالى له، والحيلولة بين الإنسان وبين الوصول إليه، علامة -إن شاء الله- على أن الله تعالى صرفه عنه بسبب دعائه، وأن فيه شرا.
أما أن يشترط شيئا زائدا على ذلك، فهذا قد يكون من التكلف في الدعاء، وسؤال ما لا ينبغي، وينبغي للإنسان أن يرضى قلبا، وأن يطيب خاطرا -بعد أن يفوض أموره إلى ربه- أن يرضى باختيار الله تعالى له، ويوقن أن الله تعالى أرحم به من نفسه، وأعلم بمصالحه، فلن يقدر له إلا ما فيه الخير.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يصرف عنا وعنك كل مكروه.