متردد في العودة إلى طليقي بسبب أذيته لي، فما توجيهكم؟

0 0

السؤال

السلام عليكم.

عمري ٣٣ سنة، انفصلت عن زوجي خلعا منذ ٥ سنوات، بعد زواج دام ٤ سنوات، ولدي طفلة عمرها ٧ سنوات، وقد طلبت الخلع لأنه كان قاسيا جدا، ويعاملني بشدة، ويغضب، ولا يكلمني لمدة تصل إلى شهر أو أكثر، ولا يتقبل رأيي المختلف أبدا، وكان يتعمد أن يضربني بيده على وجهي على سبيل المزاح، ولو طلبت منه ألا يفعل ذلك، فإنه لا يكلمني، لقد كانت حياتي معه عبارة عن ضغط، وأعصاب، وتوتر، وأخاف أن أتكلم معه بعفوية حتى لا يغضب.

كان نرجسيا بالمعنى الكامل، وفي خلال فترة الانفصال كان لا يسأل عن ابنته نهائيا، وقد أقسم يمينا غموسا بالمحكمة كي يأخذ قائمة المنقولات الخاصة بي، وكنت أحزن على ابنتي، فأرسلت له في العيد كي يراها، فوافق، ورآها، وهي فرحانة جدا، وهو يريد العودة لي، وأنا خائفة جدا أن أوافق، فيعاملني بشكل أسوأ، وأظلم نفسي، أو أرفض، فأظلم ابنتي.

لقد استخرت، ولكني لا أدري ماذا أفعل؟ فما رأيكم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة– في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يصلح هذا الرجل، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو -سبحانه وتعالى-، وشكرا لك على فكرة السؤال، وعلى رغبتك في مصلحة هذه البنية، التي نسأل الله أن ينبتها نباتا حسنا.

بلا شك نحن نؤيد فكرة الرجوع إليه، ولكن قبل أن ترجعي، نرجو منك أن تهيئي نفسك للتعامل مع هذا النمط من الشخصيات، وأنت بلا شك ستوافقين أن هذا الرجل، رغم ما فيه من السلبيات الكبيرة، إلا أن له إيجابيات أيضا، وهذا هو الذي ينبغي أن نركز عليه، فإننا ينبغي أن نقيم الشخصية تقييما شاملا، ونراعي فيه جميع الجوانب، وعلينا أن نتذكر أننا كبشر -رجالا ونساء– النقص يطاردنا، والكمال لله وحده، (من الذي ترضى سجاياه كلها؟ كفى المرء نبلا أن تعد معايبه).

ولذلك ينبغي للإنسان إذا ذكره الشيطان بسلبيات الزوج؛ أن يتذكر الإيجابيات، وينبغي للزوج كما قال النبي ﷺ: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر [رواه مسلم]، هذا معيار نبوي في الحكم على الناس، فكلنا له إيجابيات وفيه سلبيات.

وإذا كان هذا الرجل هو الذي يريد العودة، وهو الذي يرغب في العودة، فإن هذا دليل على أنه عرف قيمتك، وأسعدنا أنه اهتم بابنته، وأحسن إليها، وهذا مؤشر إيجابي، وبالتالي نحن نؤيد فكرة العودة إلى الحياة الزوجية، ولكن بأسس جديدة، وقواعد واضحة، ونحن في الموقع نرحب دوما بتواصلك معنا، وبعرض ما لديك من ملاحظات، سواء ذكر ما فيه من الإيجابيات، وما عنده من سلبيات؛ حتى نستطيع أن نضع معك خطة للتعامل معه.

لكن فكرة العودة إليه، لأجل هذه البنية، ولأجل حياتك أيضا، فكرة صائبة -بإذن الله-؛ وبلا شك أربع سنوات كانت فيها أيام مرة، لكنها لم تخل أيضا من أيام جميلة، والرجل فيه صفات جيدة، وفيه صفات سالبة.

والرجل بصفته المذكورة (النرجسية) هذه يحتاج إلى نمط معين من التعامل، ولذلك هو ينهار عندما يبتعد، وعندما يقترب تظهر صفاته ومنها هذه الأشياء، بل قد تكون رغبته في العودة، والحرص على ذلك يؤكد هذا النمط لهذه الشخصية التي تعرف قيمة الأشياء بعد فقدها، والتي لا تريد أن تعلن أو تظهر أنها قهرت، أو هزمت، أو ضعفت، لكن هو يخفي كل هذا، فإذا كان هو من يطلب الرجوع، فما عليك إلا أن توافقي بأسس جديدة، وبشروط واضحة، وبضمانات مناسبة.

وأرجو أن يكون معك أحد محارمك عند لقائه، أو الحديث معه؛ فإن وجود محرم: (أخا، أو عما، أو والدا) يزيد من مكانة المرأة واحترامها، وهذه هي من حكمة الشريعة في أن يكون للمرأة ولي يتكلم بلسانها، وهو مصدر الحماية لها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

فلا أعتقد أن هناك مشكلة في العودة إليه، وهذا سيكون فيه -إن شاء الله- المصلحة، والطلاق والخلع ما شرعا إلا كي يكونا وسيلة تأديب لمن لم يحسن العشرة، ومن أجل أن يدرك كل طرف قيمة الطرف الآخر، وكونه يطلب ويريد العودة، فمعنى ذلك أنه عرف قيمتك.

فنحن نميل إلى أن تعودي إليه، بأسس جديدة، وبقواعد جديدة، بعد أن تكتسبي ثقافة جديدة في التعامل مع هذا النمط من الشخصيات، ونسأل الله أن يوفقك، ويرفعك عنده درجات.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات