الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انفصلت عن زوجتي بعد أن قصرت في واجباتها، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجتي تعمل في مؤسسة للأيتام، وأنا وافقت؛ لأن ذلك يشعرها بالراحة، وهو عمل تطوعي، لكن عملها أثر بالسلب على نظافة البيت، وعدم الاهتمام بالأولاد، وبي أنا شخصيًا، وعندما طلبت منها أن تترك العمل قالت لي: لا، وحلفت أنها لن تتركه، ولما خيرتها بين حياتنا والعمل اختارت العمل، وتم الانفصال، وعندنا 3 أولاد، أصغرهم عمره 10 سنوات، فهل علي إثم إن كنت غير راض عنها تمامًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك حرصك على الابتعاد عن الإثم، والحذر منه، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأل الله تعالى أن يُصلح أحوالك كلها، وأن يقر عينك بصلاح ذريتك.
وأما بشأن زوجتك -أيها الحبيب-: فإن تخييرك لها للأسباب التي ذكرتها ليس فيه إثم من الناحية الشرعية، ولكن يبقى السؤال: هل الفراق هو الأفضل، أم الأفضل أن تُرجع زوجتك إلى بيتك وتصبر عليها؟

وفي جواب هذا السؤال ينبغي أن تقف مع نفسك وقفات متأنية، متجردًا فيها للنظر في المصلحة الشرعية لك، ولأبنائك، وبناتك.

ونريد أولًا أن نقرر أنه ليس من حق الزوجة أن تخرج من البيت بغير إذن الزوج، لغير ضرورة تدعوها لهذا الخروج، فإذا كان الزوج قائمًا بواجباته من الإنفاق عليها، وتحقيق كفايتها، فإنه لا يجوز لها أن تخرج لغير حاجة داعية لذلك، مثل التداوي، أو تعلُّم علم شرعي تحتاج إليه في دينها، ولا تستطيع أن تتعلمه وهي في بيتها.

فالواجب إذًا على المرأة في أساس الأمر وأصله أن تبقى في البيت، كما قال الله عز وجل: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، ولا يجوز لها أن تخرج من هذا البيت بغير إذن الزوج، وهذا ليس فيه خلاف بين العلماء المسلمين.

ولهذا ينبغي أن تُنَبَّه هذه المرأة برفق ولين؛ حتى يتبيَّن لها أن الموقف الذي تقفه غير موافق لشرع الله تعالى، وليس هو ممَّا يُحبُّه الله ويريده، فهي تظن واهمةً أن قيامها بهذا العمل التطوعي، والإحسان للأيتام مُقدَّم على طاعة الزوج، والبقاء في بيت الزوجية، ولهذا فضَّلت هذا العمل على البقاء في بيتها، ومع زوجها، وبين أولادها، وهذا ظنٌّ غير صحيح.

ولهذا نرى أنه لا بد من تصحيح هذا المفهوم لديها، وينبغي أن يكون هذا التصحيح بطريقة فيها رفق؛ فإن الرفق سبب أكيد للوصول للغايات الجميلة، والنهايات النبيلة، وقد قال رسولنا ﷺ: «مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَمَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».

ولهذا نحن ننصحك -أيها الحبيب- بأن تسعى إلى إعادة زوجتك إلى ذِمَّتك إن كانت في العدة، فتُعيدها بدون عقدٍ جديدٍ إذا كانت هذه هي الطلقة الأولى، أو الطلقة الثانية، وإن كانت العدة قد انتهت، ولم تكن قد طلقتها ثلاث تطليقات من قبل، فيمكن أن تُرجعها بعقدٍ جديدٍ، وكأنك تتزوجها من جديد، ولا شك أن هذه المراجعة، ورجوعها إلى البيت، ولم شملها مع أولادها خيرٌ لك ولها وللأولاد.

وقد أرشدنا الله تعالى في كتابه العزيز إلى الصُّلح بين الزوجين، وتقديمه على الانفصال، فقال سبحانه وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.

فاحرص على هذا لتحقيق هذه المصالح، وأنت مأجور على كل جُهدٍ تبذله في إحسانك إلى زوجتك، وفي حرصك على توفير الحياة المستقرة المطمئنة لأبنائك وبناتك، ولمِّ شملهم مع أُمِّهم في بيت واحد، فأنت مأجور على تحقيق هذه المصالح للجميع.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُوفِّقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً