السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتابعكم منذ أكثر من عشر سنوات، وقد استفدت كثيرا من استشاراتكم، جزاكم الله خيرا ووفقكم لكل خير، لذلك أود أن أشارككم حالتي، راجيا منكم التوجيه والمشورة.
منذ أكثر من شهر، وبينما كنت أمشي في الطريق، ظهرت لي فجأة بقعة سوداء في مجال الرؤية، تلاها بعد قليل تموجات بصرية استمرت نحو نصف ساعة، ثم أصابني صداع شديد، ودوخة، ونوبة هلع.
ذهبت إلى المستشفى، وأجريت فحصا للعينين، وكانتا سليمتين، فأحالوني إلى قسم آخر، حيث خضعت للتصوير الطبقي، وتبين وجود بقعة في الدماغ، فأدخلوني للمراقبة، وأجروا لي فحوصات إضافية، منها صورة بالرنين المغناطيسي، ليتضح أنني أعاني من Cavernoma بحجم (1.1 × 0.7 سم)، وأنها نزفت سابقا ثم توقف النزيف.
وأوضحوا أن ما أصابني بصريا هو شقيقة بصرية (أو صداع نصفي بصري)، ووصفوا لي في البداية دواء يسمى"Antagra"، وقد شعرت بتحسن لفترة قصيرة.
بعد ذلك أجري لي تخطيط دماغ، وكانت النتيجة سليمة تماما، فنصحني الطبيب بالتوقف عن تناول الدواء، والعودة إلى حياتي الطبيعية، مؤكدا أن حالتي بخير.
لكن بعد عودتي إلى المنزل، بدأت أعاني من قلق شديد، وخوف مستمر، وتطور الأمر إلى اكتئاب جعلني أمتنع عن الخروج من المنزل، بسبب تباين آراء الأطباء: فمنهم من نصح بوقف العلاج، ومنهم من أوصى بالاستمرار، وآخرون اقترحوا المراقبة الدورية أو حتى الجراحة، وهذا التفاوت في التوصيات زاد من اضطرابي النفسي.
راجعت لاحقا أحد أفضل الأطباء في المملكة، وطمأنني، ثم وصف لي دواء "Briviact 500" صباحا ومساء، وطلب مني مراجعته بعد شهر.
بدأت أتناول الدواء منذ أسبوع، وقد خف القلق قليلا، لكنني ما زلت خائفا من الخروج من البيت، خوفا من حدوث تشنج أو نوبة صرع، رغم أنه لم يسبق لي أن تعرضت لأي تشنجات أو أعراض مشابهة.
القلق والاكتئاب أثرا على صحتي الجسدية أيضا، فصار ضغط دمي يصل إلى 140/90، وأعاني من خفقان وضيقة، وأشعر أحيانا بكراهية شديدة لحياتي، بل أبكي أحيانا من شدة الضغط النفسي.
مؤخرا، راجعت طبيبا آخر، فأجرى لي فحصا لجرثومة المعدة، وتبين وجودها فعلا، وأكد لي أنها قد تكون أحد أسباب التوتر والقلق، وأوصى بعلاجها والالتزام بحمية غذائية، كما نصحني بتقليل جرعة دواء برافياكت تدريجيا، لحين التوقف عنه.
أعتذر عن الإطالة، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Asem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم، أنت كان لديك هذا النزف البسيط وتوقف الحمد لله تعالى، وقد شخص الأطباء الحالة على هذا الأساس، وبعد توقف هذا النزف -بفضل من الله تعالى- سوف ترجع الأمور إلى وضعها الطبيعي تدريجيا، وهذا هو التاريخ الطبيعي لمثل هذه الحالات.
ومن الواضح أنك بعد ذلك دخلت في شيء من التوتر ومخاوف ثانوية؛ لأن الأمر يتعلق بالدماغ، ومن الطبيعي جدا أن يشعر الإنسان بشيء من الخوف أو التوتر، لكن هذا يجب ألا يصل إلى درجة الإعاقة، أو الدرجة التي تشغلك.
طبعا تعقدت الأمور بعض الشيء؛ لأنك تذهب إلى طبيب يقرر لك خطوة علاجية، ثم تذهب إلى طبيب آخر، ويقول لك توقف عن هذا الدواء الذي وصفه لك الطبيب الأول، وهذا طبعا خطأ.
أنت يجب - فيما يتعلق بأي دواء- أن تعتمد اعتمادا قاطعا على ما ذكره لك الطبيب الذي قرر لك الدواء، ولا بد أن يكون قد قرره على أسس طبية مقنعة، وأنت -والحمد لله- ذهبت إلى أفضل الأطباء بالمملكة كما تفضلت، وأعطاك عقار (برافيا، Briviact)، وأعتقد أنه هو الطبيب الوحيد الذي يستطيع أن يقرر مدة استمرارك على هذا الدواء.
أيها الفاضل الكريم: أرجو أن تلتزم بالمتابعة مع الطبيب الذي تثق به، فهذا هو الأفضل، وهذا هو الأصلح بالنسبة لك، وطبعا المتابعة ستكون مفيدة جدا لك؛ لأنك من خلال هذه المتابعات سوف تطمئن تدريجيا حتى تصل -إن شاء الله تعالى- إلى مرحلة الاطمئنان التام.
فالإفرازات النفسية التي حدثت لك هي إفرازات ثانوية، وأنا أرى أن السبب الرئيسي فيها هو اختلاف آراء الأطباء، لكن الأحوط والأفضل هو أن تلتزم بما يقوله لك الطبيب الذي وضع لك خطة العلاج، ولا تلتفت إلى أي آراء أخرى.
وأعتقد أيضا أنه من الأفضل لك أن تشاور طبيبك في تناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، بجرعة صغيرة من (استالوبرام، Escitalopram)، والذي يعرف تجاريا باسم (سيبرالكس، Cipralex)، إذا تناولت نصف حبة (أي 5 ملغ يوميا) لمدة شهرين، أعتقد أنه سيكون مفيدا جدا لك، ويقضي تماما على حالة القلق والتوتر والمخاوف التي أصابتك، لكن لا تبدأ في تناول الاستالوبرام إلا بعد أن تستشير الطبيب الذي كتب لك البرافيا، وتشاوره حول هذا العقار.
أما الطبيب الذي أعطاك علاج جرثومة المعدة، فأعتقد أنه يجب أن تكتفي بتناول العلاج فقط، وقرار قطع علاج البرافيا يجب أن يكون من خلال الطبيب الذي وصفه لك، هذا مع احترامي لجميع الأطباء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسلامة.