السؤال
السلام عليكم.
كنت أتكلم مع فتاة عبر الهاتف فقط، وبعد مدة هدانا الله، وتبنا من هذه المعصية، بعدما علمنا أن الكلام بين الشاب والفتاة بدون حاجة شرعية لا يجوز، حتى لو كان عبر الهاتف، وقررنا أن نقطع الحديث، وأخبرت الفتاة والدتها بالأمر، وقالت لها: إننا يجب أن نوقف هذا التواصل، وقد فعلنا ذلك، ونيتنا الأصلية كانت الزواج، وكنا نضع حدودا في الحديث، ونتجنب الكلام الخارج، وإن حصل أي تجاوز كنا ننبه بعضنا.
الآن: لا أعرف عنها شيئا، وهي أيضا لا تعرف عني شيئا، وأنا مركز على دراستي وعملي، لأصل إلى المستوى المادي الذي يمكنني من الزواج بها، لكنني لا أعلم عنها شيئا، وأخاف أن أفاجأ لاحقا بأمر لم أكن أتوقعه، لا أعلم عن حالها شيئا، وهي أيضا في نفس الوضع، تنتظرني حتى أطرق باب بيتهم، أسأل الله أن يسترها ويسترني، ولكن يبقى كل ذلك من الغيبيات التي لا نعلمها، ولكننا الآن توقفنا عن التواصل.
سؤالي: هل يجوز لي أن أتواصل معها بعض الأحيان للاطمئنان على حالها، وأنني لا زلت أريد الزواج بها -إن كتب الله ذلك-، دون أن نعود إلى الحديث المتواصل، أو العلاقة السابقة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إلياس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يجنبك الحرام، وأن ييسر عليك الحلال، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لا نؤيد فكرة الاتصال بالفتاة، والبحث عنها بالطريقة المذكورة، ولكن لا مانع أن تقوم بذلك الوالدة، أو تتواصل أخواتك، أو الخالات، أو العمات، مع أمها وأخواتها، أو تتواصل أنت مع والدها وإخوانها، إذا كانوا على علم بذلك التواصل.
فإذا استطاعت الوالدة أن تتعرف إلى والدتها وتسأل عن أحوالهم، وعلمت أنها لم تتزوج، فلا مانع من أن تخبرهم أن لكم رغبة في أن ترتبطوا وتكملوا مشوار الزواج، أما إذا كان هذا غير متاح، فلا نؤيد فكرة السؤال عنها، ولا البحث عنها، حتى تتهيأ لأمر الزواج.
أرجو أن تعلم أن النساء غيرها كثير، وإذا كانت حبال التواصل قد انقطعت، ولم تكن في رضا الله -تبارك وتعالى-، فهذه عافية ينبغي أن تحمد الله تعالى عليها، وهذه مداخل للشيطان، وما حصل بينكم هو ماض قد انقطع، وتبتم منه، ورجعتم إلى الله -تبارك وتعالى-، فلا تفعل هذا إلا إذا تهيأت تماما للزواج بها، عند ذلك تبحث عنها كما تبحث عن غيرها، وتأتي البيوت من أبوابها.
والبحث أيضا لا يكون عن طريق الفتاة، ولكن التواصل يكون عن طريق والدتك مع والدتها، أو أن يكون والدك هو الذي يذهب ويطرق بابهم، ويطلب يدها، وكل ذلك ينبغي أن يكون بالطريقة الصحيحة.
الذي يريد أن يخطب فتاة عليه أن يكلم أهلها، وعليها أن تدله على محارمها، أما أن تتكلم مع الفتاة، فهذا ما لا يقبل، النبي ﷺ لما جاءته نفيسة بنت منية تسأله هل له أن يتزوج، فقالت له: "ما يمنعك أن تتزوج؟" فقال: "ما بيدي ما أتزوج به"، فقالت: "فإن دعيت إلى المال، والجمال، والشرف، ألا تجيب؟"، فقال: "فمن؟" قالت: "خديجة"، فقال: "وكيف لي بذلك؟"، قالت: "أنا أفعل"، ثم ذهبت إلى خديجة وأخبرتها، ثم ذهب رسول الله ﷺ مع أعمامه إلى عم خديجة عمرو بن أسد، فخطبها منه، وكان وليها، فزوجها به، فالنبي ﷺ رفع أمر زواجه بخديجة إلى أعمامه، وخديجة رفعت أمرها إلى أعمامها وأوليائها، وتم الزواج.
فالزواج دائما يتم بهذه الطريقة، فلا بد من وجود وسيط، ولا تجعل للشيطان سبيلا، بأن يعيدك إلى الكلام مع الفتاة مرة أخرى؛ فإن هذا باب لا تستطيع أن تأمن عواقبه، وأيضا نضع احتمال أن الفتاة قد تزوجت، فإذا تواصلت معها فربما تخرب عليها حياتها الجديدة، عندما تتواصل معها، ولذلك النبي ﷺ قال: ليس منا من خبب امرأة على زوجها؛ لذلك فإن سلوك هذا الطريق له مخاطر في كل الأحوال.
نسأل الله أن يعينك على الخير، ونوصيك بأن تركز على عملك، واهتماماتك، وتجهيز نفسك، وحينها فالنساء غيرها كثير.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به.