صديقتي انتحلت شخصيات تتواصل بي من خلالهم!

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت في الخامسة عشر من عمري تقريبا، أو الرابعة عشر -لا أذكر- عندما بدأت علاقة الكترونية مع مجموعة من الأشخاص، كنا نمرح ونلعب معا، ثم تعلقنا ببعضنا بشدة، وأصبحت عندي صديقة، تعلقت بها، وهي تعلقت بي، وكنا نحاول التعاون مع بعض على أمور حياتنا، واستمرت العلاقة لخمس سنوات، حتى أخبرتني منذ وقت وجيز أنها كانت تنتحل شخصية ثلاثة أشخاص وهميين، ومن بينهم التي كنت أعتبرها صديقتي المقربة!

لقد تحطمت حرفيا، كنت أشاركها كل الظروف، وكنت أبكي، وأفكر فيهم، وأدعو الله لهم، أدعو لأشخاص لا وجود لهم من الأصل، أصبحوا جزءا من حياتي، صرت أشتري أمورا بألوانهم المفضلة، صرت حتى أتمنى دخول الجنة معهم -إن شاء الله-.

الآن، لا أظن أني أقدر على الاستمرار، لكن الفتاة طيبة رغم ما قامت به، وواضح أنها تعاني من مشاكل نفسية، معقدة وخطيرة، وأخاف إن تركتها الآن أن تحصل أمور سيئة لها، لكني توجعت بما فيه الكفاية.

لم أعد أرغب في تذكر أي شيء يخصهم، لا أريد أن أعيش هذا النوع من العلاقات مجددا، لست مستعدة، أريد أن أتحرر بعد خمس سنوات من السذاجة، والحمق، لقد ضيعنا كثيرا من الوقت، لا أريدها أن تتعلق بي أكثر، ولا أن تفكر بي، هي تشعر بوحدة شديدة، وعلاقتها مع أهلها سيئة، لكني لست مستعدة لأكون طبيبة نفسية، وأخاطر بحياتي مجددا.

كنت أضل 24 ساعة على الهاتف، أفكر فيهم طوال الوقت، كنت أحيانا أدعو لهم أكثر من الدعاء لنفسي، تغيرت على أهلي، لم أعد أهتم بنفسي، فقط كي أقوم بإرضائها!

هي أيضا عليها أن تصلح حياتها، وتبنيها مجددا، فهل يجوز أن أقطع علاقتي معها تماما؟ أنا أرغب بذلك، لكني أخاف أن يكون هذا تصرفا خاطئا، وإن كان لا يجوز، فهل أستطيع أن أتواصل معها مرة في الشهر مثلا؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك بأمر صديقتك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال.

ونحب أن نبين لك –ولكل من يطلع على هذه الاستشارة– أن الصداقة الحقيقية الصالحة النافعة هي التي تقوم على قواعد الشرع، وعلى الإيمان والتقوى، كما قال الله تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67].

أما بقية العلاقات التي تبنى على المجاملة، أو العاطفة المحضة، فلا تخلو من الندم، ولكن الإنسان مدني بطبعه؛ لا يستغني عن وجود علاقات مع من حوله، بل لا يمكن أن يسعد إلا بها؛ لذا نحن ننصح بإبقاء شعرة العلاقة مع الصديقة المذكورة.

صحيح أن ما بدر منها فيه إشكال، لكنك مأجورة على نيتك وتعاطفك، ونسأل الله أن يكتب لك الأجر، مع التنبيه إلى أنها أخطأت فيما فعلته، ومع ذلك، لا نرى أن يكون هذا سببا لقطع العلاقة بالكلية، وإنما المطلوب أن تعاد هذه العلاقة إلى إطارها الطبيعي المقبول شرعا.

ونحب أن نؤكد كذلك أننا لا نرغب للفتاة أن تكون لها "صديقة واحدة" فقط؛ فالصداقة حين تبنى على التقوى، والحياء والخير، فإن الخير في الناس كثير، والمؤمنة تحب أخواتها، وتحسن التواصل مع جميع زميلاتها، وتقدم منهن من ترى فيهن الدين، والحياء والخير، ولا مانع أن تكون لها صديقات مقربات –اثنتان أو ثلاث– ممن يعنها على طاعة الله.

فالمؤمنة تزداد محبتها لمن كانت أطوع لله، وأحرص على مرضاته سبحانه وتعالى، ومن حقك أن تحددي علاقتك، لكن دون قطع، بل اجعليها علاقة محدودة، مبنية على قواعد جديدة، قائمة على النصح والتوجيه، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فهذه هي الصداقة التي تنفع.

وشجعيها كذلك على استثمار وقتها فيما ينفعها: من تطوير للمهارات، وتعلم لكتاب الله، والعمل النافع، وقراءة الكتب المفيدة، والاشتغال بما يعود عليها بالخير في دينها ودنياها.

ولا حاجة لإحراجها، بل أحسني الاعتذار لها بلطف، وتجنبي الدخول معها في الأحاديث التي لا تقدم ولا تؤخر، وخاصة تلك التي تنتمي إلى الخيالات التي تأخذ الإنسان بعيدا عن الواقع؛ فالعاقلة تعيش حياتها الواقعية، وتحسن إدارتها، ولا تستغرق في الأوهام.

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعين الجميع على طاعته، وأن يعين بناتنا على تأسيس علاقات طيبة مبنية على ما جاء به هذا الشرع العظيم، الذي شرفنا الله تعالى به، ولا نريد علاقات تفضي إلى التعلق المفرط، أو الإعجاب الزائد؛ فهذه من الأمور التي تحتاج إلى تصحيح وتقييم.

ونسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات