كيف أوفق بين بري بوالدي والاهتمام ببيتي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم.

زوجي مغترب، وكل من حولي يتدخلون في حياتي بالقول المباشر، أو التلميح، بأنه من المفترض أن أنقل معيشتي بشكل كامل وأسكن مع والدي، وللعلم لدي أبناء في مراحل دراسية، فهل يشترط لبري بوالدي أن أترك منزل الزوجية، وأنتقل للعيش مع والدي؟ وهل مفهوم البر أن أتحمل ما لا أطيق؟

أنا لا أشعر بالراحة إلا في منزلي، بقواعد أضعها لأبنائي، ومواعيد نوم محددة، وبانتقالي لمنزل والدي لا أستطيع تطبيق القواعد، ولا أستطيع ارتداء ملابسي المريحة، ولا توجد خصوصية أبدا، حتى مكالماتي مع زوجي لا أستطيع أن أكلمه براحتي، وأشعر بضغط نفسي، وكل ذلك ينعكس على أبنائي، وتعاملي مع زوجي.

مع العلم أن لدي أخوات، وإحداهن تسكن في الشقة الملاصقة لشقة والدي بالضبط، وتراعيه، وتهتم به، وتجلس معه، ولكنها ليست مقيمة معه إقامة كاملة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يسرا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن عرض السؤال، ونسأل الله أن يرد غربة الزوج، وأن يعينك على حسن تربية الأبناء، وأن يعينك أيضا على القيام بواجبك تجاه الوالد.

إن هذه الواجبات الشرعية لا بد للإنسان أن يهتم بها جميعا، وكلام الناس لا ينتهي، ورضا الناس غاية لا تدرك، ولكن على الإنسان أن يفعل ما فيه المصلحة، وما يرضي رب الناس سبحانه وتعالى.

وحقيقة، الأبناء لا تحسن تربيتهم إلا في بيئة تستطيع فيها الأم أن تتحرك بحرية، وأن تتكلم كما تريد، وتربي كما تشاء، ومع ذلك، نؤكد أهمية أن يكون لأهلك نصيب من زياراتك، واهتمامك، وحرصك على إدخال السرور عليهم، واصطحاب أبنائك معك ولو في زيارات قصيرة؛ فكل ذلك من الأمور المهمة والمحبوبة شرعا.

وكون الأخت الأخرى تقوم بواجبها تجاه الوالد، فهذا حسن وجميل، لكنه لا يسقط عنك دورك في الاهتمام بوالدك، والتواصل معه، وهذا لا يعني بالضرورة أن تتركي منزل الزوجية؛ فالأصل أن يكون الأبناء –وخاصة إذا كانوا في مراحل دراسية– في بيئة مريحة، تملكين فيها التحكم في تصرفاتهم، ومواعيد نومهم، ومذاكرتهم، وكل ما يخصهم.

ثم إن البر لا يقتصر على الوجود الجسدي طوال اليوم مع الوالدين، وإنما يكون بالوجود النوعي: بخدمتهم، والاهتمام بهم، ومساعدتهم عند المرض، وتلبية حاجاتهم عند الضرورة، وهذه أمور يمكنك القيام بها وأنت في بيتك.

وإذا كنت لا تشعرين بالراحة إلا في منزلك، فهذا هو الأصل؛ فبيت المرأة مملكتها، وهي أدرى بطريقة تنظيم شؤون أبنائها، والتصرف في خصوصياتها، سواء في اللباس، أو في الحديث مع الزوج، وغير ذلك من الأمور التي تعد من ضروريات الاستقرار النفسي، وخاصة إن كان البعد عن البيت يسبب لك ضغوطا نفسية، فإن من حقك أن تكوني مرتاحة لتقومي بواجباتك على أحسن وجه.

ومرة أخرى نقول: لا تتابعي كلام الناس، ولكن افعلي ما يرضي رب الناس، وتحيني الفرص لزيارة الوالد، وبره، وتقديم ما تستطيعين من خدمة، حتى تجمعي –بتوفيق الله– بين الواجبات كلها.

وهناك أمر مهم أيضا، وهو رأي الزوج في هذا؛ فإذا كان الزوج حريصا على أن تكوني في بيتك –الذي هو بيته–، فالأصل أن تطيعي زوجك، وتحسني رعاية أبنائه على أكمل وجه، وأحسن الطرائق.

نسأل الله أن يجمع بينك وبين زوجك، وأن يعينك على القيام بكافة الواجبات: تجاه الزوج، وتجاه الأبناء، وتجاه الوالد والأرحام، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات