السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مضى على زواجي تسعة عشر عاما، صبرت خلالها على زوجي رغم أن العلاقة الحميمية منذ بدايتها لم تكن ناجحة؛ إذ يعاني من سرعة القذف ومشاكل أخرى، ولم أكن أصل إلى شيء خلالها، ومع ذلك، كانت مشاعري نحوه صادقة، وكنت حريصة على الاهتمام بنفسي وبالعلاقة بيننا.
بعد سنة ونصف من الزواج، أجرى فحوصات وتبين أنه لا ينجب، فاخترت البقاء معه، إذ كنا في الغربة وقد تعلقت به كونه زوجي وشريكي، وبعد قرابة أربعة عشر عاما، احتضنا طفلا رضيعا من إحدى قريباتي، وقد أصبح عمره اليوم أكثر من ست سنوات.
منذ بداية الزواج لم يكن زوجي يقدرني أو يهتم بي، وكان ذلك في البداية بشكل طفيف، ثم تفاقم الأمر تدريجيا.
حتى عند حدوث خلاف بيننا، ينتظر مني أن أبادر إلى مصالحته، وكنت دائما المبادرة رغم أنني شرحت له مرارا أهمية الاهتمام بي، والخروج معا، والتقليل من السهر ومشاهدة التلفاز.
حاليا: كثرت الخلافات بيننا وأصبحت يومين من السكينة يتبعها يوم ثالث من الشجار، ولم أعد أحصل على شيء من هذا الزواج سوى التعب النفسي.
ضحيت كثيرا وبذلت من أجل استقرار هذه العلاقة، طمعا في الجنة وصبرا على ما قسمه الله، ولكنني اليوم أشعر بالندم، وأتساءل: لماذا بقيت كل هذا الوقت؟
كلما طلبت منه أن يتغير، أجابني بأنه "مبتلى" وأنه لا يضربني، ويقارن بيني وبين أهله رغم اختلاف الظروف، ولا يعترف بخطئه بل يلقي اللوم علي، أفكر الآن في الانفصال وأخذ طفلي، والانتقال إلى أهلي، لكن الظروف المادية لا تسمح بذلك، وراتبي لا يكفي لاستئجار مسكن لي ولابني.
ما يثقل قلبي أيضا خوفي من أن يكون الانفصال سببا في فقدي لرضا الله وحلمي بالجنة، فأنا صبرت كثيرا وأريد التوفيق في حياتي، لكنني أشعر أننا وصلنا إلى طريق مسدود، وأنه لا يفهمني رغم كثرة المحاولات.
أنا حائرة، لا أدري كيف أتصرف!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الصبر على هذا الزوج، ونسأل الله أن يعوضك خيرا، وشكرا لك على كفالة هذا اليتيم أيضا، ونسأل الله أن يكتب لكم الأجر كاملا، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن الذي يقرأ هذه الاستشارة يشعر بالانزعاج، ولكننا على ثقة أن هناك إيجابيات، أرجو أن تحصر، وتذكر، وتعرض أمام هذا الرجل، وعلينا بعد ذلك أن نقيم الموازنة، لأننا بشر والنقص يطاردنا، وكما قال الشافعي رحمه الله: (من ذا الذي ما ساء قط؟ ... ومن له الحسنى فقط؟).
كما أرجو أن تعلمي أن هذا الذي يحصل من الزوج هو انعكاس لبعض الأشياء التي حدثت له، وربما بعض المواقف التي مرت عليه، وأنت –ولله الحمد– امرأة عاقلة، تطلبين جنة الله الغالية، وصبرت على هذا الزوج كثيرا، فأكملي مشوار الصبر، وحاولي أن تبحثي عن الأمور التي ليس فيها إزعاج له، واجتهدي في أن تعرفي نفسيته والوقت الذي يمكن أن تتكلمي معه.
نقول هذا لأنك توجهت لهذا الموقع الشرعي؛ وهذا دليل على الخير الذي عندك، والرغبة في ما عند الله، وأسعدنا أنك لا تريدين أن تضيعي حلمك بجنة الله، نسأل الله أن يجعلنا جميعا من أهل الجنة، وأن يحشرنا في صحبة رسولنا ﷺ.
ونتمنى أيضا أن تشجعيه ليتواصل مع الموقع، إذا كان ذلك ممكنا، أما إذا لم يكن ممكنا، فننتظر منك أن تذكري الإيجابيات، وتذكري السلبيات، وتذكري الأشياء التي يمكن أن تحدث الفرق والتغيير في حياتكم.
وعموما، عندما يكون عند الرجل عجز أو نقص فيما يتعلق بالعلاقة؛ فإن التشجيع من الزوجة، والصبر عليه، والإحسان إليه، وعدم إشعاره بهذا النقص؛ له أساس وله دور كبير جدا، وهو عنصر أساس وله دور كبير جدا في تحقيق العلاج، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
وبلا شك وجود رجل في حياتك أفضل لك من عدم وجود الرجل، مهما كانت الصعوبات التي تواجهك، وأنت أعلم بمصلحتك في مثل هذه الأحوال، ينبغي أن ننظر إلى المسألة من ناحية شاملة، الفرص المتاحة، والخيارات البديلة؛ لأن القرار الصحيح هو الذي يحتاج إلى دراسة شاملة.
لا تنزعجي من المقارنات؛ فإن كلامك معه يدفعه إلى أن يقارن، والمقارنات ظالمة، وأنت أعلم بنفسك، وليس هناك إنسان أفضل من آخر، الله -تبارك وتعالى- وزع نعمه بين الناس.
ولا تعطي فرصة للمجادلات، واعلمي أن اعتذار الرجل مختلف، فليس من الضروري أن يعترف بالخطأ مباشرة، ولكن عندما يسأل عن الولد، عندما يسأل عن الطعام أو العشاء الذي عندكم؛ هذا لون من الاعتذار عندنا معشر الرجال.
فالذي ننتظره منك أن تتصرفي بحكمة، وأن تغيري طريقة تعاملك معه، وأن تحاولي عدم الوقوف مع كل صغيرة وكبيرة، وأن تشجعي النقاط الإيجابية حتى لو كانت قليلة، وسيأتيك الكثير.
نسعد بتواصلك مع الموقع بمزيد من التفاصيل التي تعرضين فيها الإيجابيات والسلبيات والأمور التي يمكن أن تحدث الفرق في حياتكم، حتى نتعاون جميعا في وضع الخطة التي تعينك على استئناف حياة سعيدة، بحول الله وقوته.