أفتقد الرغبة في الدراسة لأنني أدرس في تخصص لا أريده، فماذا أفعل؟

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة جامعية في السنة الأولى، وعمري 19 سنة، أكتب هنا لأنني أشعر بضياع حقيقي، وأحتاج إلى نصيحة صادقة ومباشرة.

التحقت بتخصص جامعي لم أفكر فيه من قبل، ولم يكن ضمن رغباتي -الهندسة-، بينما كنت أرغب في تخصص في المجال الصحي، لكن والدي رفض التخصص الذي كنت أريده.

المشكلة الآن أنني لا أشعر بأي رغبة في الدراسة، ولا أملك دافعا كافيا للاستمرار، طوال الفصل الدراسي لم أكن أدرس بجدية، ونتيجة لذلك رسبت في مادة، وكانت بقية علاماتي ضعيفة جدا.

أشعر بالعجز حتى عن التركيز، وكلما جلست للدراسة أبدأ بالشرود والتفكير في الخيال، وكأنني أهرب من الواقع، لكنني لا أستطيع أن أحدد: هل سأبقى على هذا الحال حتى لو غيرت تخصصي؟

هل المشكلة أنني لا أرغب في الدراسة عموما، أم أن السبب هو دخولي في تخصص لا يتوافق مع ميولي؟

والدي الآن يريدني أن أغير التخصص، لكن التخصص الذي يقترحه لا يروق لي أيضا، وأنا، في الحقيقة، لا أملك هدفا واضحا، ولا شغفا تجاه أي مجال معين.

لا أعرف ما الذي أريده فعلا، ولا أشعر بالانتماء إلى أي اتجاه مهني أو أكاديمي، وأفكر أحيانا في ترك الجامعة تماما، لكن هذا القرار يخيفني، لا أعرف ما الذي سأفعله بعد ذلك، ولا أريد أن أضيع سنوات من عمري بلا معنى، وفي الوقت نفسه، أشعر بالذنب تجاه والدي الذي تحمل تكاليف دراستي، بينما أنا لا أحقق أي تقدم يذكر.

سؤالي هو:
- هل المشكلة في التخصص؟ أم في شخصيا؟
- كيف يمكنني أن أركز في دراستي، وأن أدرس لساعات أطول دون شرود أو تضييع للوقت؟
- هل من الطبيعي أن أصل إلى هذا الحد من الضياع في بداية حياتي الجامعية؟
- كيف يمكنني أن أكتشف ما يناسبني فعلا، وأنا لا أشعر بأي شغف تجاه شيء معين؟

أشكركم على وقتكم، وأقدر أي نصيحة تقدمونها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله تعالى لك السداد والتوفيق والهداية، والإعانة على اتخاذ قرار ينفعك في دنياك وآخرتك.

أتفق معك في أن اختيار التخصص العلمي يعد من المشكلات التي يمر بها كثيرون، بسبب اختلاف الرأي مع الأهل أحيانا، أو بسبب عدم معرفة الطالب بنفسه، وبما يريد فعلا، وما الذي ينفعه، وما الذي يستطيع أن يقدمه لأمته من خلال التحاقه بهذا التخصص.

ولهذا، أنصحك أن تفتحي لنفسك آفاقا جديدة من التفكير الهادف، البعيد عن المشتتات والأوهام، وأن تقفي مع نفسك وقفة جادة؛ حتى يتضح لك ما الذي تريدينه فعلا، وما التخصص الذي تودين الاستمرار فيه أو الالتحاق به.

أولا: إذا كانت رغبتك في دراسة المجال الصحي ما زالت قائمة، وتستطيعين الالتحاق به، فلا مانع من أن تتحدثي مع والدك حول هذا الموضوع، واشرحي له الأسباب التي من أجلها ترغبين في دراسة هذا المجال، وكوني حريصة على أن يكون أسلوبك معه في غاية الرقة والأدب، امتثالا لقوله تعالى: {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} [الإسراء: 23].

وحاولي كذلك أن تتعرفي إلى أسباب رفضه لهذا المجال؛ فقد تكون لديه أسباب منطقية وواقعية تغفلين عنها، وقد يكون محقا فيها.

ثانيا: لا تقعي في فخ التفكير الخاطئ القائل: إما أن أدرس المجال الذي أحبه، أو أترك الجامعة كليا، فهذه الطريقة في التفكير قد تحرمك من خير كثير.

انظري من حولك إلى طلاب كثر لم يتمكنوا من الالتحاق بالتخصصات التي كانوا يحلمون بها، لكنهم تفوقوا في مجالات أخرى؛ بسبب تقبلهم للواقع، وهذا التقبل هو ما تحتاجينه في هذه المرحلة.

ثالثا: اجعلي الدافع في الاستمرار بالدراسة هو طلب العلم النافع، الذي ينفعك وينتفع به الناس، واستعيني بالله تعالى في اختيار ما يصلح لك، وذلك من خلال التحدث مع من هم أكبر منك سنا، ممن لهم خبرة، والحديث معهم حول اهتماماتك ومخاوفك.

رابعا: اعلمي أن الدراسة الجامعية الأكاديمية تختلف عن الدراسة في المدارس النظامية، وهذا الاختلاف يشعر به معظم الطلاب الجدد، فسددي وقاربي، وحاولي الاستفادة من خبرات من هم أكبر منك سنا في نفس التخصص.

خامسا: ارفعي من كفاءتك في التحصيل الدراسي من خلال اتباع بعض الخطوات، ومنها:

1- التوكل على الله تعالى، وإخلاص النية في طلب العلم، وتذكري قوله تعالى: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [المائدة: 11].
2- الابتعاد عن المشتتات التي تعيقك عن المذاكرة والتحصيل، مثل: الجلوس طويلا أمام شاشة الهاتف، والتنقل بين وسائل التواصل الاجتماعي، أو قضاء الوقت أمام التلفاز بلا هدف.
3- الاهتمام بالتخطيط الجيد للوقت، ووضع جدول واضح لإنجاز المهام اليومية والأسبوعية.

4- ممارسة بعض الرياضات الخفيفة، والتي تساعد على تقليل التوتر، وتحسين وظائف الدماغ، مثل: رياضة المشي لمدة 30 دقيقة على الأقل، ثلاث مرات في الأسبوع.
5- المحافظة على الصلاة في وقتها، وتخصيص وقت لقراءة شيء من القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار، مع المواظبة على أذكار الصباح والمساء.

وختاما:
ارضي بقضاء الله تعالى في جميع الأحوال، واعلمي أن الله تعالى يقدر لعبده ما يصلحه، وأن الشغف وحده قد يكون وهما يستنزف الأوقات والأعمار.

فالنجاح الحقيقي يبدأ من السعي إلى ما ينفع العبد ويصلحه، وليس دائما يكون في الشيء الذي يحبه ويهواه.

وفقك الله تعالى إلى ما يحب ويرضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات