السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
أنا فتاة، أبلغ من العمر 18 سنة، كنت محبة لمشاهدة أفلام الأكشن الأمريكية والأفلام التاريخية، لكن أقلعت عنها لكي أغض بصري، وبسبب احتوائها على بعض التأثيرات الصوتية الموسيقية وأيضا الاختلاط.
ولكن منذ ستة أيام شاهدت فيلما جديدا كنت أحبه قبل توبتي، وانجذبت إلى قصته، وأجد نفسي تنجذب لمشاهدته، مع العلم أن المقاطع التي تظهر فيها النساء معدودة، وهن يلبسن ثيابا محتشمة، ولا يوجد أي شيء مخل بالحياء أبدا.
المشكلتان الوحيدتان هما: التأثيرات الصوتية الموسيقية، وأستطيع كتم الصوت خلالها، فلا مشكلة، والمشكلة الثانية أنني أجد نفسي أنجذب إلى بطل الفيلم.
أنا أغض بصري في الواقع، وكذلك في الهاتف أحاول ذلك، ولكن أنظر فقط إلى الشخصيات في الفيلم دون نية سيئة، إلا إنني أرى البطل رجلا وسيما لا أكثر، وأعلم أن هذا ذنب وعلي غض بصري.
أنا خائفة أن يعاقبني الله بذنبي، فقد أذنبت ذنبا حرمت بسببه الاطمئنان في الصلاة والحفاظ على الوضوء، ومنذ يوم حذفت الفيلم من هاتفي عازمة على عدم مشاهدته، لكن أجد قلبي يحن بشدة إلى تحميله من جديد لتأثير قصته علي.
آسفة على الإطالة، ولكنني أقلعت عنه رهبة وليس رغبة، فهل إذا تبت تكون توبتي صحيحة؟ وهل غض البصر دائما باستثناء هذا الممثل، مع أنني لا أنوي شيئا سيئا، وإنما أقول: (سبحان الله ما أجمله) هل هذا ذنب علي؟
قد ترونه شيئا سهلا، لكنني أجد صعوبة بالغة جدا -ولا أبالغ- في تركه، وقد صار تفكيري مصبوبا في الفيلم حتى أصابني الهم والحزن لافتقاده.
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك -أختنا الكريمة- على حرصك على طاعة الله، وعلى صدقك في عرض مشكلتك بتفصيل وصراحة؛ فهذا في حد ذاته علامة خير وبشارة بأن قلبك حي ويحب الطاعة، ونجيبك على استشارتك من خلال ما يلي:
أولا: حكم الموسيقى والنظر إلى الممثل:
• جمهور العلماء يرون تحريم الموسيقى والاستماع إليها، وكتم الصوت عند وجودها يرفع الإثم المباشر، لكنه قد يبقي الشغف بالمتابعة، والشيطان سيعظم لك هذا الشعور حتى يجعلك أسيرة له.
• النظر إلى الممثل باب من أبواب الفتنة، والعين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، وقد ذكرت أن المشاهدة تجذبك إليه، وهذا وحده كاف للحرمة والامتناع عنه.
ثانيا: التوبة الصحيحة:
توبتك صحيحة إذا تحققت فيها الشروط الثلاثة:
1. الإقلاع عن الذنب.
2. الندم على فعله.
3. العزم على عدم العودة إليه.
ولا يشترط أن يكون الإقلاع "عن رغبة" في البداية، بل حتى لو كان "رهبة" وخوفا من الله، فهذا مقبول، ومع الوقت يتحول إلى رغبة وحب للطاعة.
ثالثا: فقدان الاطمئنان في الصلاة:
قد يكون هذا أثرا لانشغال القلب بالدنيا، فالقلب إذا تعلق بشيء دنيوي ضعف خشوعه، والعلاج:
• الإكثار من الذكر والاستغفار.
• شغل القلب ببدائل نافعة وممتعة.
• مجاهدة النفس عن تكرار النظر أو العودة للفيلم.
رابعا: التغلب على الحنين للفيلم:
• تذكري أن القلوب تتعلق بما نكرره ونغذيه، فكلما ابتعدت، ضعف التعلق حتى يزول.
• ابحثي عن أفلام أو وثائقيات تاريخية بديلة، نظيفة وخالية من الممثلين الذين قد يفتنونك.
• أكثري من الدعاء: اللهم اصرف عني السوء والفحشاء، فهو دعاء يوسف عليه السلام عندما واجه فتنة النساء.
وأخيرا: ما دمت قد تبت الآن وابتعدت عن الفيلم، فالله وعد أنه يغفر الذنوب جميعا، فأبشري واطمئني، وكلما جاءك الحنين للذنب تذكري أن تركك له هو تعبير عن صدق محبتك لله، واعلمي أن النصر مع الصبر، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
نسأل الله أن يحفظك ويرعاك، والله الموفق.