الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتي تصر على حضوري حفلة خطبة أخي وفيها موسيقى!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله، بعد الكثير من المحاولات استطعت أن أقنع أهلي بعدم الذهاب إلى أفراح الأقارب لِمَا فيها من اختلاط وموسيقى، وقد ترتب على ذلك كثير من المشاكل وحديث الأقارب عني وإثارة الجدل حولي.

والآن في خطبة أخي، حينما أردت أن أفتح موضوع عدم الذهاب مع أمي لم تتقبل الأمر، وقالت: ماذا سيقول الناس عنا إذا لم تحضر أخته؟ وبهذا ستشعلين نارًا عليكِ من كل اتجاه: أبوكِ وأخواتكِ والناس، وقالت: احضري صورة فقط، ولا تقومي من على الكرسي، ولكن يكفي أن يُقال إنك حضرتِ، نحن وافقنا على الأقارب، ولكن إخوتكِ لا.

فماذا أفعل؟ هل أذهب كما تقول، وأضع مثلًا سماعات الأذن تحت الخمار كي لا أسمع شيئًا، ولا أقوم من مكاني، ولا أقاومهم، أم أصرّ على عدم الذهاب؟

أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك استشارات إسلام ويب، وجوابًا على سؤالك أقول الآتي:

أولًا: الحمد لله على هذا الخير، وهذا الحرص على الدين، وعلى إرضاء الله تعالى واجتناب المعاصي، وإقناعك لأهلك بعدم الذهاب إلى أعراس الأقارب لاشتمالها على منكر الأغاني والاختلاط، ولا سيما أن الاختلاط أعظم ضرراً ومعصية، وأسأل الله لك الثبات على هذا الدين.

ثانيًا: ذكرتِ أنك تتجنبين حفلات أعراس بعض الأقارب لاشتمالها على الأغاني، وهذا شيء طيب، ولكن إذا أدى هذا الأمر إلى قطيعة الرحم والعداوة مع أقاربك، فالمصلحة تقتضي إجابة دعوتهم ولو لوقت يسير؛ لأن تقاطع الأرحام والعداوة معهم أعظم من منكر الأغاني، فلا بد من الموازنة بين المصالح والمفاسد وارتكاب أخف الضررين.

والذي أراه أن عدم إجابة الأقارب لحضور أعراسهم إذا أدى إلى القطيعة بين الأقارب والأرحام، فالأفضل حضور أعراسهم ولو اشتملت على منكر الأغاني، بخلاف إذا اشتملت على الاختلاط، فلا حضور بحال.

فلا بد من التفريق: فإن اشتملت على الأغاني فالمصلحة تقتضي حضورك، وإذا اشتملت على الاختلاط فلا حضور لعِظَم معصية الاختلاط وخطورته على المرأة المسلمة ودينها.

ثالثًا: مسألة إقامة حفلة الخطبة مصحوبة بالأغاني والموسيقى أمر لا يجوز شرعًا، إلا إذا كانت الأغاني بالدف فقط ولا يوجد موسيقى، فهذا جائز شرعًا، أمَّا الأغاني المصحوبة بالموسيقى فهي حرام.

ولكن ما دام أخوك هو الخاطب ووالداك يأمرانك بالحضور؛ فأرى -والله أعلم- أن تتنازلي لوالديك وأخيك، ويسعك فتوى جواز حضور العرس إذا كان مصحوبًا بالموسيقى والغناء، إذا كان الشخص الحاضر يُنكر بقلبه، وهذا وجه عند الشافعية.

والعلماء يفرقون بين السامع والمستمع، وفي واقع الحياة أحيانًا يدخل الإنسان منا إلى مول تجاري أو سوق تجاري وفيه موسيقى، فلا يستطيع أن يغير من هذا المنكر شيئًا، ولا نستطيع أن نحرم عليه دخول هذا السوق لشراء بعض حاجاته، فيسعه أن يأخذ بقول الوجه الذي ذكرته عند علماء الشافعية، وكذا من يقول من أهل العلم بالتفريق بين السامع والمستمع المتعمد لسماع الأغاني، وبهذا لا تعارضين والديك ولا تخالفين الشرع.

بخلاف إذا كان الإنسان مجرد مدعو لهذا العرس المصحوب بالأغاني، فبالإمكان عدم حضوره ولا يعتبر عاصيًا لوجود هذه المعصية، أمَّا الأقارب والأسرة فبالإمكان الأخذ بما فصلته، ولا سيما أن أخاك هو العريس، وإنما الأعمال بالنيات.

أسأل الله الهداية للجميع، وأن يثبتك على الحق، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً