السؤال
تحدثت مع فتاة من مواقع التواصل الاجتماعي وتعرفت عليها، وبعد شهرين التقينا عدة مرات، هي من محافظة مختلفة، وأنا أشعر أن هذا خطأ، لكن في نفس الوقت سني صغير نسبيا، فأنا أبلغ من العمر 17 عاما، كنت أريد أن أعرف هل يمكنني التحدث معها بشكل عادي، أو بعلم أهلها إلى حين أن أتقدم لها؟
من الصعب علي أن أتركها، وفي نفس الوقت أشعر بتأنيب الضمير وخوف من الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
حرصك على معرفة الحلال والحرام، وما يرضي الله -تعالى- دليل خير في قلبك، وشعورك بتأنيب الضمير والخوف من الله، يدل على نفسك اللوامة، التي تدفعك للخير، وتلومك على التقصير، وهذا باب خير عظيم، عليك أن تحمد الله تعالى عليه.
اعلم أخانا الكريم -وفقك الله- أن العلاقات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، لا تخلو من تجاوزات، وأنها باب للفتنة، واتباع لخطوات الشيطان، فالشيطان حريص على أن لا يوقع الإنسان في الحرام مباشرة، وإنما يغرقه في التهاون والتقصير، واختلاق الأعذار، حتى يستولي على قلبه، ويضعفه حتى يوقعه في الكبائر، لذلك قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ۚ ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر﴾، والفحشاء والمنكر أمور تنكرها النفوس الطيبة، لكن الشيطان يتدرج بالإنسان حتى يوقعه فيها.
واعلم، وفقك الله، أن من اقترب من الشهوات، ولم يحتط لدينه ولطاعة ربه؛ فقد يوقعه الشيطان في الحرام، حتى لو كان الأصل في الحديث بين الرجل والمرأة حلالا، فله شروط وضوابط؛ من أهمها: أمن الفتنة، وأن يكون لحاجة، وألا يكون فيه خضوع بالقول، فالإسلام حريص على أن لا نقترب من أسباب الزلل؛ لذلك عندما حرم الزنا حرم معه النظرة المحرمة، التي تقود إليه، وحرم الخلوة، وهكذا، قال تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ۚ ذٰلك أزكىٰ لهم ۗ إن الله خبير بما يصنعون﴾.
ثم اعلم أخانا -الفاضل- أن الزواج عصمة من الشهوات وإعفاف للنفس، ولكنه يحتاج إلى القدرة على الباءة، وتحمل المسؤولية، فالتفكير في الارتباط لا ينبغي أن يكون مجرد اندفاع عاطفي، بل يجب أن يكون مبنيا على عقلانية ووعي ومسؤولية، بعيدا عن العاطفة والدوافع الغريزية، فأنت الآن شاب ناضج، وتحتاج إلى أن تزن الأمور بحكمة، وتفكر في مآلات أفعالك وقراراتك.
أخانا العزيز: يوهمك الشيطان أنه من الصعب أن تترك هذه العلاقة، وكل هذا من تلاعبه بك، وفي الحديث: (إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه)، فهذه العلاقة وهذا التعارف لا يرضيان الله تعالى، وليس لهما هدف واضح وحقيقي، فإن كنت تريد الزواج حقا وتمتلك مقوماته، فبادر إلى خطبة هذه الفتاة والزواج منها، أما أن يبقى هذا التعارف قائما بلا نية جادة للزواج، فذلك من مداخل الشيطان، حتى وإن كانت نيتك الزواج، فالتعارف لا يكون إلا بعد الخطبة، وبعلم الأهل ومعرفتهم، ورضاهم، حتى لا يحدث عبث في الأعراض، أو مفاسد لا تحمد عقباها.
أخيرا: أشغل وقتك بالنافع والمفيد في هذا السن، فانت في سن البناء الأهم في حياتك، وابتعد قدر المستطاع عن كل ما يثير الغرائز، ويزين العلاقات المحرمة، كمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، وانطلق في بناء نفسك وصناعة قدراتك ومواهبك، لتصبح قادرا على الاستقرار النفسي والتقدم المادي، فتكون أهلا للزواج وتحمل المسؤولية، وتكون لبنة صالحة في المجتمع.
لا تستسلم للإغراءات، ولا تتبع خطوات الشيطان، واجتهد في طاعة الله تعالى، وأكثر من الدعاء، وبادر إلى الاستغفار، والتوبة مما كان من تجاوزات خلال هذه العلاقة، ثم أقلع عنها تماما دون تردد، فالله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
وفقك الله، ويسر أمرك.